بحثا عن منافذ لتنفيس أزمة تركيا المالية.. أردوغان في جولة خليجية
يبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الاثنين جولة خليجية تأخذه إلى قطر والإمارات ويستهلها بزيارة إلى السعودية، بهدف استقطاب الاستثمارات الخليجية ضمن مساعيه لإيجاد حلول لمتاعب الاقتصاد التركي الذي يواجه صعوبات جمة.
ومن المقرر أن يلتقي أردوغان العاهل السعودي الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة في قصر السلام في جدة على ساحل البحر الأحمر.
وهي الزيارة الثانية لأردوغان للسعودية منذ المصالحة بين البلدين في أبريل 2022، إثر قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018. والتي أحدثت شرخا في العلاقات بين القوتين الاقليميتين. وزار الأمير محمد أنقرة في يونيو 2022.
ولم يُعلن عن أي مؤتمر صحافي. لكن يتوقع التوقيع على اتفاقات عدة خلال الزيارة، كما أفاد مسؤول سعودي كبير.
وتأتي زيارة أردوغان في وقت تتواصل المصاعب الاقتصادية في بلاده التي تواجه أزمة مالية حادة إذ هبطت الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد أمام الدولار وسجل التضخم 38.2 في يونيو بمعدل سنوي.
ويسعى أردوغان الذي أعيد انتخابه رئيسا لولاية ثالثة بعد دورة انتخابية ثانية في مايو إلى ضمان تدفق مالي لإنعاش اقتصاد بلاده.
ولنحو عقد من الزمان، طبع التوتر علاقات تركيا، التي تحتضن قيادات في جماعة الإخوان المسلمين، مع السعودية والإمارات اللتين تصنّفان الجماعة على أنّها “تنظيم إرهابي”. كما كانت تركيا والبلدان الخليجيان على طرفي نقيض في عدد من النزاعات الإقليمية في سوريا وليبيا.
وقال أردوغان قبيل مغادرته البلاد متوجها إلى السعودية إن “تعزيز الأنشطة التجارية والاستثمارية مع السعودية وقطر والإمارات خلال الفترة المقبلة سيكون على أولوية أجندة جولته الخليجية”.
ولفت إلى أن بلاده شهدت كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي من دول الخليج عقب كارثة الزلزال في 6 فبراير/شباط، معربا عن شكره باسم تركيا لهذه الدول.
وأضاف “نواصل جهودنا بما يتماشى مع هدفنا المتمثل في إنشاء حزام سلام واستقرار وازدهار حول تركيا والخطوة الأكثر أهمية في ذلك هي تعزيز علاقاتنا مع دول المنطقة ونرى أن عام 2023 هو عام الفرص بهذا الصدد”.
وتابع “نرغب في نشر الأسس المتينة التي تستند عليها علاقاتنا على نطاق واسع من التعاون، خلال زياراتنا ستكون أولوية جدول أعمالنا الأنشطة التجارية والاستثمارية المشتركة التي سننفذها مع هذه الدول في الفترة المقبلة، سنقوم بتقييم ما يمكننا القيام به وفق مفهوم رابح – رابح”.
وأردف “المملكة العربية السعودية التي تعد إحدى أهم دول منطقتنا، لها مكانة خاصة في مجالات مثل التجارة والاستثمارات وخدمات المقاولات، المشاريع التي نفذها مقاولونا في السعودية خلال الـ20 سنة الماضية بلغ حجمها حوالي 25 مليار دولار، نرغب في لعب الشركات التركية دورا أكبر في المشاريع السعودية الكبيرة”.
وقالت الباحثة في العلاقات التركية الخليجية في جامعة قطر سينيم جنكيز “لا يُعد الاستقرار الاقتصادي والفرص التجارية القوة الدافعة الوحيدة وراء الزيارة”.
وتابعت أنّ “المخاوف الأمنية الإقليمية ومناخ التطبيع الدبلوماسي يدفعان أنقرة إلى إقامة علاقات أعمق مع دول الخليج في الفترة المقبلة”.
وتأتي الزيارة بعد أشهر قليلة من انفراجات دبلوماسية شهدها الشرق الأوسط بعد اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أُعلن عنه في العاشر من مارس وأسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران. كما أعلنت الرياض استئناف العلاقات مع سوريا بل استضافت الرئيس السوري في القمة العربية قبل شهرين.
وأفاد دبلوماسي عربي في الرياض فضّل عدم ذكر اسمه أنّ زيارة أردوغان إلى المنطقة تأتي استكمالا للنهج الجديد في تبني سياسة “تصفير المشاكل. مشيرا إلى أن “كل من الرياض وأنقرة يتبع حاليا نهج إنهاء الصراعات والتركيز على الجانب الاقتصادي الداخلي”.
وأضاف “تركيا تريد جذب استثمارات أجنبية وخليجية خصوصا لإنعاش اقتصادها المتداعي والرياض تواصل إنهاء الخروج من النزاعات الإقليمية”.
وقال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي نائل أولباك إن أكثر من 200 رجل أعمال تركي في المجلس، سيرافقون الرئيس التركي في جولته الخليجية.
وينظم مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي ثلاثة منتديات أعمال في كل من السعودية وقطر والإمارات بمشاركة أردوغان كجزء من جولته الخليجية.
ويعقد منتدى الأعمال السعودي التركي أعماله في جدّة اليوم الاثنين. فيما ينعقد منتدى الأعمال القطري التركي في الدوحة يوم 18 يوليو ومنتدى الأعمال الإماراتي التركي في 19 يوليو بأبوظبي.
وأوضح أولباك أن هناك اهتماما بين رجال الأعمال بأنشطة المنتديات المزمع إنشاؤها في دول الخليج، لاسيما. وأن هذه المنتديات تخلق فرصا قيمة للتعاون بين رجال الأعمال الأتراك والخليجيين.
وكان ملتقى الأعمال السعودي التركي في مدينة إسطنبول الذي عقد الأسبوع الماضي شهد التوقيع على 16 اتفاقية تعاون بين الجانب السعودي والشركات التركية.
وقال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية “التعاون الذي نهدف إليه سيزيد من حجم التجارة المتبادلة مع جميع دول المنطقة. ويدعم قطاع الصادرات التركي الذي يستعد لتسجيل أرقام قياسية جديدة الفترة القادمة”.
وتابع “علاقاتنا مع قطر كانت دائما جيدة.. فضلا عن أن السنوات الماضية شهدت تعزيزا لجسور الحوار والصداقة مع الإمارات والمملكة العربية السعودية”.
مضيفا “لآن، ونحن نفتح أبواب حقبة جديدة معا، نتطلع إلى النهوض بشكل أكبر بالعلاقات الاقتصادية الثنائية وتعزيز أواصر التعاون الدافئ والقوي بين تركيا والخليج العربي”.