قمة ‘ايغاد’ تحاصر مناورات البرهان
نجحت القمة الطارئة لرؤساء الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) التي انعقدت في جيبوتي بدعم إقليمي ودولي لمناقشة سبل وقف الحرب في السودان، في الحدّ من مناورات رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان ودفعته أخيرا للعودة لمخرجات مفاوضات جدّة.
وبعد أن انسحب من المفاوضات التي ترعاها السعودية بالشراكة مع الولايات المتحدة وذلك بدفع من قيادات إسلامية من رموز نظام الرئيس المعزول عمر البشير، قال البرهان السبت، إن أولويات حل الأزمة في بلاده تتمثل في تأكيد الالتزام بإعلان جدة للمبادئ الإنسانية ووقف إطلاق النار، محذرا من خطر التدخلات الخارجية في السودان.
ويعد هذا الموقف الأحدث في سياق مواقف ملتبسة أحيانا ومتضاربة أحيانا أخرى من مفاوضات جدة التي لغمها قائد الجيش السوداني في جولات سابقة قبل توقفها، باشتراطات أفضت في خواتمها إلى تقويض تلك الجهود.
وانعقدت قمة الهيئة الحكومية ‘إيغاد’ الـ41 في جيبوتي وسط إجماع إقليمي ودولي على ضرورة وضع حد للحرب في السودان وهي الحرب التي أثارت مخاوف من اتساع نطاقها إقليميا.
وتكمن أهمية هذه القمة في كونها حصلت على دعم كبير لخارطة طريق يفترض أن ترسم ملامح نهاية الحرب بالحوار أو بالضغط بما في ذلك فرضية التدخل العسكري من قبل دول الهيئة.
وإيغاد منظمة حكومية إفريقية شبه إقليمية تأسست عام 1996، تتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم دولا من شرق إفريقيا هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال وجيبوتي وإريتريا والسودان وجنوب السودان.
وقال البرهان “يقتضى واجب المسؤولية الوطنية والجماعية أن أنبه إلى خطر التدخلات الخارجية في أزمتنا الحالية، متمثلا في تواصل إمدادات السلاح من داخل وخارج الإقليم، بل ومن خارج القارة الإفريقية”، مدعيا “استمرار وصول المرتزقة من بعض دول جوارنا القريب والبعيد، مما يؤدى إلى إطالة أمد الحرب”.
وذكر أنه “رغم توقيع إعلان منبر جدة إلا أن المليشيات المتمردة (وكان يشير إلى قوات الدعم السريع التي كان قائدها محمد حمدان دقلو شريكا في إدارة الحكم قبل الخلافات مع البرهان واندلاع الحرب بينهما) توسعت في احتلال (السيطرة الميدانية) المزيد من المرافق العامة والمستشفيات ودور العبادة ومنازل المواطنين”.
وتابع “رغم ذلك ومن واقع حرصنا على السلام وحقن الدماء وإيقاف التدمير الممنهج الذي تتعرض له بلادنا أجدد استعدادنا للتوصل لحل سلمى للأزمة”، مضيفا أن “أوليات الحل السلمى تتمثل في: تأكيد الالتزام بإعلان جدة للمبادئ الإنسانية بإخلاء الأعيان المدنية وبيوت المواطنين بشكل كامل ووقف إطلاق النار وتجميع القوات المتمردة في مناطق يتفق عليها”.
وشدد أيضا على “إزالة كل ما يعيق تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لكل المحتاجين إليها وتقديم المساعدات اللازمة وفق الاتفاق المبرم بجدة، في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي”، مشيرا إلى أنه “يتبع ذلك إطلاق عملية سياسية شاملة تستند إلى إرادة وطنية خالصة، للتوصل لتوافق وطني حول إدارة الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات العامة”.
وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أسفر اجتماع جدة عن إقرار التزامات على طرفي النزاع في السودان، أبرزها إنشاء آلية تواصل بين قيادتي الجيش وقوات الدعم السريع والانخراط في آلية إنسانية وتحديد جهات اتصال لتسهيل مرور وعبور العاملين في المجال الإنساني والمساعدات.
وشدد البرهان على أنه “يجب الالتزام بمبادئ حماية سيادة السودان واستقلاله ووحدة أراضيه وشعبه ورفض جميع التدخلات الأجنبية في شؤون البلاد الداخلية”، مؤكدا على أن “قضية وجود جيش وطني واحد، يحتكر استخدام القوة العسكرية، مسألة لا تنازل عنها ولا تهاون فيها”.
وأضاف “لا بد من التأكيد على أن حمل السلاح وشن الحرب على الدولة لا يمكن أن يكون وسيلة للحصول على امتيازات سياسية غير مستحقة، وأن الوصول إلى السلطة لا يتم إلا عن طريق الانتخابات”، مشيرا إلى أن “إيغاد، يمكن أن تلعب دورا أساسيا في الحل باعتبارها المنظمة الأقرب لفهم واقع السودان”.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حربا خلَّفت أكثر من 12 ألف قتيل وأكثر من 6 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وكانت المفاوضات السابقة بين ممثلي الجيش والدعم السريع في جدة أسفرت في مايو/أيار الماضي عن أول اتفاق بينهما حمل اسم “إعلان جدة” وشمل التزامات إنسانية وشروط حاكمة تطبق فورا، قبل أن تعلق المحادثات في يونيو/حزيران الماضي وانهيار هدنات إنسانية وسط تبادل طرفي النزاع بخرقها.