الجيش الإسرائيلي يقتل 36 شخصا من عائلة واحدة في مجزرة جديدة
قصفت إسرائيل خلال الساعات الأخيرة بكثافة قطاع غزة، فيما أدت غارة إسرائيلية إلى مقتل 36 شخصا من عائلة واحدة، في وقت لا تلوح فيه بوادر للتوصل لهدنة في الحرب، في حين تم اليوم السبت إفراغ حمولة أول سفينة نقلت 200 طن من الأغذية في مدينة غزة تمهيدًا لتوزيعها على السكان المتضورين جوعًا.
وفي غضون ذلك، لم يهدأ القصف والغارات الإسرائيلية طوال الليل. وأعلن الناطق باسم وزارة الصحة التابعة للحركة أشرف القدرة صباح اليوم السبت مقتل 36 شخصا في ضربة استهدفت عند السحور في ليلة الجمعة الأولى من رمضان، منزلًا يؤوي عشرات النازحين من عائلة الطباطيبي وأنسباؤهم، بينهم أطفال ونساء حوامل، في مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة.
ووقف محمد الطباطيبي صباح السبت بين عشرات الجثث الممددة أرضاً في ساحة قسم الطوارئ بمستشفى “شهداء الاقصى” في دير البلح وسط قطاع غزة، وهو يبكي العديد من أفراد عائلته الذين راحوا ضحية غارة إسرائيلية، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وأصيب الشاب البالغ من العمر 19 عامًا في يده اليسرى جراء القصف الذي قال إنه أودى بحياة 36 من أفراد عائلته وأقربائه في مخيم النصيرات قرب دير البلح. أما الناجون، فأصيبوا بجروح في الضربة التي استهدفت عند سحور أول ليلة جمعة من شهر رمضان، منزل أقارب لهم لجأت إليهم العائلة طلبًا للأمان بعدما اضطرت للنزوح من شمال القطاع المدمر في ظل الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وقال محمد وهو يغالب دموعه “هذه أمي وهذا أبي وهذه عمتي وهؤلاء أخوتي… قصفوا البيت ونحن فيه. كانت أمي وعمتي تجهزان طعام السحور… كلهم استشهدوا. أنا لا أعرف لماذا قصفوا البيت وعَملوا مجزرة”.
إضافة الى أفراد عائلة محمد، وصل إلى “شهداء الأقصى” خمسة قتلى و30 جريحًا، وفق إدارة المستشفى، أصيبوا في ضربات طالت مناطق أخرى في دير البلح وجوارها.
ووضعت جثث عائلة الطباطيبي والضحايا الآخرون في شاحنة مخصصة في الأصل لنقل المساعدات الإنسانية إلى وسط القطاع، استعان بها المستشفى لعدم توفر سيارات أو شاحنات ولا وقود، وفق ما أكد أحد مسؤوليه.
وكان من بين القتلى عدد من الأطفال وامرأتان من الحوامل. ولٌفت الجثث بأكياس بلاستيكية وأغطية ووضع عدد منها في أكياس الدفن الخاصة التي باتت نادرة جراء الحصيلة الهائلة للقتلى في القطاع منذ بدء الحرب.
وسار خلف الشاحنة جمع من المعزين بينهم ثلاثة جرحى من العائلة، باتجاه “مقبرة الشهداء” في دير البلح حيث ووروا الثرى في حفرة كبيرة موازية للمقبرة الرئيسية التي لم تعد تتسع لمزيد من الموتى وبعد إفراغها، بقيت آثار الدماء على الشاحنة.
وأصدر الجيش الإسرائيلي اليوم السبت بيانا قال فيه إن قواته قصفت “بنية تحتية” في النصيرات تحصن فيها عناصر حماس، مؤكدا قتل 15 منهم، لكنه قال إن ضربة منزل عائلة الطباطيبي هي حادث منفصل، ولم يؤكد استهدافه.
في موقع المنزل المدمّر، كان يوسف الطباطيبي وهو من مخيم النصيرات يواصل البحث عن الضحايا بين الركام المنتشر على مساحة واسعة.
وقال “نحن نبحث عن شهداء، وكما ترى نعمل بأيدينا”، مضيفا وهو يشير الى كيس أبيض اللون “هذه أشلاء جمعناها من هذا المنزل الذي كان مكونًا من أربعة طوابق. في الطابقين السفليين شهداء لا يمكننا إخراجهم. ليست لدينا معدات ولا جرافات ولا آليات ولا شيء… نحن نعمل بأيدينا” وتابع “أحضرنا شواكيش ومهدّات، ولكن دون جدوى… أنظر إلى حجم الدمار”.
وأكد رئيس مكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس سلامة معروف أن “هذه من الليالي الدامية جدا ودليل على مجازر وجرائم الابادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال”.
وأحصى المكتب 60 غارة ليل الجمعة السبت، مؤكدا أن “جيش الاحتلال يستهدف أكثر من 12 منزلاً آمناً… في جريمة قتل مكتملة الأركان تُرسّخ الإبادة الجماعية ضد المدنيين والأطفال والنساء”.
وفي مدينة رفح بأقصى جنوب القطاع، قالت وزارة الصحة إن غارة جوية استهدفت كذلك عند السحور منزل مؤذن مسجد حي خربة العدس عصام ضهير، فقُتل هو وابناه.
وقال قريبهم وجارهم محمود ضهير (41 عاما) “قصفوا بيت الحاج عصام ضهير مؤذن مسجد حمزة بالحارة، وقتلوه هو وولداه محمد وباسل، وكل أفراد الاسرة أصيبوا بجروح جراء سقوط الركام عليهم”.
وأضاف “الحاج عصام عمره 60 عاما، كان قد أذّن الأذان الأول لموعد طعام السحور وذهب لبيته المجاور للمسجد ليتناول السحور مع عائلته، فقصفوا البيت وهو يأكل معهم”.
وتابع بصوت حزين مستنكرًا “كان رجلاً طيبًا، يوقظ الناس للسحور ويؤذن المغرب في وقت الفطور… لا يحتاج الاحتلال سببًا كي يقتل المدنيين الأبرياء، فقط هي رغبة بالانتقام والقتل في هذا الشهر الكريم” وسأل “أين العالم وأين حقوق الانسان؟”.
و قال مصدر مطلع على المحادثات اليوم السبت إنه من المتوقع أن يستأنف رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) دافيد برنياع محادثات وقف إطلاق النار في غزة مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ومسؤولين مصريين في الدوحة الأحد في رد مباشر على اقتراح جديد قدمته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وأضاف المصدر أن المحادثات ستركز على الفجوات المتبقية بين إسرائيل وحماس في المفاوضات بما يشمل عدد الفلسطينيين الذين .قد يتم الإفراج عنهم مقابل إطلاق سراح بقية الرهائن الإسرائيليين إلى جانب المساعدات الإنسانية لغزة.
وشارك برنياع في المحاولات السابقة التي استهدفت التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، جرى الاتفاق على هدنة قصيرة وتطبيقها بعد مشاركته في محادثات الدوحة. وأدى أحدث اجتماع له مع رئيس الوزراء القطري في يناير/كانون الثاني إلى التوصل إلى اقتراح لوقف مؤقت لإطلاق النار رفضته حماس في نهاية المطاف.
وقدمت حماس هذا لأسبوع اقتراحا جديدا لوقف اطلاق النار للوسطاء .والولايات المتحدة حليفة اسرائيل يتضمن إطلاق سراح الرهائن الاسرائيليين مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين.
وفي شأن آخر ذكرت القيادة المركزية الأميركية في بيان أن طائرة أميركية. وأخرى أردنية أسقطتا اليوم السبت إمدادات غذائية للمدنيين الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة في عملية مساعدات إنسانية مشتركة.
ووصفت عمليات إسقاط المساعدات جوا بأنها “جزء من جهد متواصل. ونحن نواصل التخطيط لعمليات التسليم الجوية اللاحقة”.
ووصفت الملكة رانيا قرينة العاهل الأردني في مقابلة مع شبكة (سي.إن.إن) عمليات الإسقاط الجوي بأنها “حرفيا مجرد قطرات في محيط من احتياجات لم يجر تلبيتها بعد”. متهمة إسرائيل “بقطع كل ما هو مطلوب للحفاظ على حياة الإنسان: الغذاء والوقود والدواء والمياه”.
وأضافت أنه لا ينبغي للدول أن تستخدم عمليات الإسقاط الجوي “كذريعة” لعدم الضغط على إسرائيل للموافقة على “وقف فوري ومستدام لإطلاق النار وفتح جميع نقاط الوصول إلى غزة”. وتيسير عملية تفتيش شحنات المساعدات.
ودعت الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل ودول أخرى إسرائيل إلى السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية. وتحمل الدولة العبرية وكالات الأمم المتحدة مسؤولية بطء تسليم المساعدات. قائلة إنها لا تضع أي قيود على دخولها.
وبدأت الولايات المتحدة عمليات إسقاط المساعدات جوا في الثاني من مارس/آذار وتخطط لمد جسر بحري من جزيرة قبرص.