الإخوان تسطو على «تمويل حكومي»
يرتدي وجوها كثيرة، يبدل بينها حسب الظرف والسياق، ليتسلل إلى الأوساط الحكومية، ويحجز مقعدا بين الفائزين بأموال دافعي الضرائب.
هذه هي استراتيجية تنظيم الإخوان الإرهابي في ولاية برلين في السنوات الماضية، وكما رصدها المجتمع في قضية “مجلس الأئمة” مؤخرا، يعود لرصدها بوضوح في برنامج تعليمي آخر يتبع الحكومة.
فما القصة؟
منذ فبراير/شباط الماضي، تقرر أن تكون جمعية “منتدى برلين للأديان” هي الجهة الراعية لمشروع تعليمي يسمى “InterkulTOUR” طوال عام 2024.
المجموعة المستهدفة من هذا البرنامج الرامي للحوار بين الأديان وتشجيع ثقافة التعايش، “60 طالبًا” من مدارس ثانوية في برلين.
لكن ما لا يعرفه أولياء أمور هؤلاء الطلاب، هو أن المؤسسات والشخصيات التي تشارك الحكومة في البرنامج التعليمي “InterkulTOUR” لها صلات بالأوساط الإسلاموية.
ويمر مسار هذا البرنامج عبر «دائرة التنسيق» التابعة لـ«منتدى الأديان»، حيث يتم تمثيل الأشخاص الذين لديهم اتصالات مع تنظيم الإخوان.
تفصيلا، يشغل محمد طه صبري، رئيس جمعية مكان لقاء نويكولن، عضوية “دائرة التنسيق”، وسبق أن ظهر هذا الشخص ثلاث مرات في تقارير مكتب حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية”، في سياق الحديث عن عناصر جماعة الإخوان،
كما سبق لتقارير الاستخبارات الإشارة لجمعية مكان لقاء نويكولن، كجزء من شبكة الإخوان.
وقائمة الاتهامات الموجهة ضد صبري طويلة، ففي مسجد دار السلام التابع لجمعيته، يظهر بشكل متكرر، ضيوف لهم صلات بحركة حماس والإخوان، في ندوات وفعاليات.
وبحسب الخبيرة في الشؤون الإسلامية ريبيكا شوننباخ، فإن صبري “نجح في ترسيخ نفسه كجهة اتصال بين الأوساط السياسية في برلين، والجاليات المسلمة، رغم ثبوت علاقاته بالإسلاموية”.
وقررت ولاية برلين في 29 فبراير/شباط أن المشروع التعليمي المرتبط بصبري سيحصل على مبلغ جيد قدره 6000 يورو من تمويل مكافحة التطرف، وبالتحديد في إطار برنامج “الديمقراطية الحية”.
لكن الأمور لن يتوقف عند ذلك، إذ ستتزايد الأموال المخصصة للمشروع على مدار العام. ففي عام 2022 على سبيل المثال، تدفق حوالي 163 ألف يورو إلى هذا المشروع.
وهذا البرنامج ليس أول تسلل للإخوان، وبالتحديد جمعية مكان لقاء نويكولن، لأنشطة تمولها الدولة، إذ تدفقت أكثر من 100 ألف يورو من أموال دافعي الضرائب من حكومة برلين، في ٢٠٢٢ إلى مشروعين إسلامويين ينشط بهما بعض الأشخاص المثيرين للجدل بشكل كبير، وتم من خلال هذه الأموال تأسيس مجلس أئمة برلين.
على وجه التحديد، وافقت الحكومة المحلية في عام 2021 على منح مكان لقاء نويكولن تمويلا بقيمة 55.580 يورو لمشروع “التعليم بين الأديان والثقافات” الذي يستهدف أئمة المساجد.
وفي سياق هذا التمويل، أسس المشاركون في المشروع مجلس أئمة برلين. وفي العام الحالي نفذ المجلس المؤسس حديثا مشروع “حوارات المسلمين” الذي حصل من أجله على 50889 يورو من وزارة الثقافة في ولاية برلين.
الأكثر من ذلك، وفق بحث صحيفة دي فيلت الألمانية في ذلك الوقت. فإن مجلس الأئمة في برلين تقدم بطلب للحصول على مزيد من المشاريع والتمويل، ويجري حاليا فحصه.
ويتكون مجلس الأئمة من 23 إماما من برلين، يمثلون 23 جمعية «إسلامية». وتظهر قائمة الأعضاء أن العديد منهم ينتمون إلى مساجد تم تصنيفها على أنها إسلاموية من قبل هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، بل إن هناك أيضا مجرما مدانا بين الأعضاء.
ووفق بحث، فإن مكان لقاء نويكولن ورد ذكره في تقارير هيئة حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية”، في الفترة بين 2014 و2018 على أنه ضمن شبكة الإخوان الإرهابية في ألمانيا. بل راقبت الهيئة أنشطة المركز لما يمثله من خطر على الأمن.