بداية نهاية «القاعدة» و«قطف الرؤوس» في ذكرى مقتل بن لادن
13 عاما مرت على مقتل مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، في عملية أمريكية أحدثت تحولا كبيرا في الأوساط الإرهابية وآليات المكافحة أيضا.
ويوافق يوم الثاني من مايو/أيار الذكرى السنوية الثالثة عشر، لمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي كان يوصف بأنه “أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم”، على يد قوات خاصة من البحرية الأمريكية في هجوم على منزله السري في باكستان.
بالنسبة لأمريكا، فإن هذه العملية السرية للغاية، التي نفذتها القوات الأمريكية دون إبلاغ الحكومة الباكستانية، كانت بمثابة ثأر لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وإغلاق ملفها.
من هو بن لادن؟
شاب مولود لعائلة سعودية ثرية، كانت بدايات شبابه لا تشي بأي بحال من الأحوال عن مساره في الحياة، إذ كان شغوفا بالسباقات السريعة ويقود سيارته بسرعة جنونية، وكرة القدم والأفلام الأجنبية.
وفي خضم تحوله الفكري، سافر بن لادن إلى أفغانستان بعد غزو الاتحاد السوفياتي السابق للبلد الآسيوي عام 1979. وتفيد الروايات بأنه ساعد في إنشاء تنظيم القاعدة عندما كانت القوات الروسية في أفغانستان تمنى بالهزائم العسكرية المتتالية على يد المسلحين الأفغان.
وفي التسعينيات، حول بن لادن تركيز حركته الإرهابية على توجيه الضربات لأهداف أمريكية في الخارج، قبل أن ينفذ التنظيم أخطر هجوم تتعرض له الولايات المتحدة في نصف قرن، في ١١ سبتمبر/أيلول 2001 على برجي مبنى التجارة العالمي ومقر البنتاغون، ما أوقع آلاف القتلى والمصابين.
وإثر ذلك، بدأت الولايات المتحدة حربا على أفغانستان لاقتلاع جذور تنظيم القاعدة، ونجحت في هزيمة التنظيم، ثم ترسيخ نظام حكم جديد في البلاد، لكنها لم تعثر على بن لادن لمدة 10 سنوات كاملة.
وفي الثاني من مايو/أيار من عام 2011، أغارت قوات أمريكية خاصة على مجمع سكني في مدينة أبوت أباد الباكستانية وقتلت بن لادن.
الغريب في القصة، أن بن لادن يعيش بحرية على بعد 50 كيلومترا فقط من العاصمة الباكستانية، إسلام أباد، وتقريبا تحت سمع وبصر الأكاديمية العسكرية الباكستانية في منطقة أبوت أباد.
وبعيدا عن صعوده وكواليس نهايته، إلا أن مقتل بن لادن كان نقطة فاصلة في تاريخ تنظيم القاعدة والحركة الإرهابية ككل، وكذلك في كيفية تعاطي الولايات المتحدة مع قادة التنظيمات الإرهابية.
تأثير مقتل بن لادن
بعد مقتل أسامة بن لادن في عام 2011، شهد تنظيم القاعدة تراجعًا في نفوذه ونشاطه:
- فقدان القائد الرئيسي: مقتل أسامة بن لادن كان ضربة قوية للتنظيم، حيث كان يعتبر القائد الروحي والعقل المدبر وراء هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، والشخصية القادرة على الحفاظ على مركزية القرارات والإدارة.
- تغير في القيادة: بعد مقتل بن لادن، برز أيمن الظواهري كزعيم لتنظيم القاعدة. ومع ذلك، لم يكن لديه نفوذ كبير مثل مؤسس التنظيم، ولم يتمكن من تحقيق نفس التأثير.
- ضغوط أمنية: زادت الضغوط الأمنية على تنظيم القاعدة بعد مقتل بن لادن، وتم تعقب العديد من قادته وأعضائه، وتدمير العديد من معاقله وقواعده.
- التراجع لصالح تنظيمات أخرى: تراجع دور القاعدة كقائد للحركات الإرهابية بعد مقتل بن لادن، سمح بظهور تنظيمات إرهابية أخرى منافسة، مثل تنظيم “داعش” الأكثر إجراما وبشاعة.
- التحول إلى اللامركزية: مع ضعف القيادة المركزية في القاعدة بعد مقتل بن لادن، تحول التنظيم بشكل متدرج إلى اللامركزية، حتى وصل لمرحلة ضعف تام للمركز ونشاط متقطع للأفرع وسطوتها، خاصة حركة الشباب الصومالية.
مقتل بن لادن لم يضعف تنظيم “القاعدة” ويحدث فراغا في مشهد التنظيمات الإرهابية فقط، بل إنه كان بداية لاستراتيجية ناجعة استخدمتها الولايات المتحدة على مدار 13 عاما، لتحديد قادة هذه التنظيمات، فيما بات يعرف بـ”قطف الرؤوس”.
وبخلاف أسامة بن لادن، أول خطوة في تنفيذ هذه الاستراتيجية، نجحت الولايات المتحدة في قتل كل من:
- أبو بكر البغدادي: قتل زعيم تنظيم “داعش” في أكتوبر/تشرين الأول 2019، في إنزال جوي بمحافظة إدلب السورية نفذه الجيش الأمريكي تحت إشراف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فيما بات يعرف بـ”عملية كايلا مولر”.
- أبو إبراهيم القرشي: قتل القائد الثاني لتنظيم القاعدة في عملية نفذها الجيش الأمريكي بإشراف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في مخبأه في مدينة إدلب السورية في فبراير/شباط 2022.
- أيمن الظواهري: قُتل زعيم تنظيم القاعدة في 31 يوليو/تموز 2022، في كابل، عاصمة أفغانستان، بغارة جوية بطائرة مسيرة، بإشراف وتنفيذ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
هذه العمليات الثلاث، تشابهت إلى حد كبير مع عملية قتل بن لادن في 2011، من حيث الاعتماد بشكل أساسي على الجهود الاستخباراتية لتعقب وتحديد موقع الشخص المستهدف، ثم تنفيذ عملية خاطفة لقتله في بيت يستخدمه كمخبأ.