سياسة

تحذيرات أممية من سيناريو مشابه لغزة في الضفة الغربية


حذر فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء من تدهور كبير في الوضع بالضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، لافتا إلى أن هناك “موتا ومعاناة في غزة لا يمكن أن يقبل بهما ضمير”.

وأشار إلى أنه حتى يوم 15 يونيو/حزيران قُتل 528 فلسطينيا بينهم 133 طفلا على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية أو المستوطنين منذ أكتوبر/تشرين الأول، وقال إن بعض الحالات تثير “مخاوف جدية من عمليات قتل غير قانونية”.

وقال تورك إن 23 إسرائيليا قتلوا في الضفة الغربية وإسرائيل في اشتباكات مع فلسطينيين أو خلال هجمات نفذها فلسطينيون.

وأضاف أنه يشعر “بالفزع من تجاهل طرفي الصراع في غزة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”، مشيرا إلى أن “الضربات الإسرائيلية المستمرة في غزة تسبب معاناة هائلة ودمارا واسعا فيما يستمر تعسفيا منع وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية”.

وأضاف “تواصل إسرائيل احتجاز آلاف الفلسطينيين بشكل تعسفي ويجب ألا يستمر ذلك” وقال إن الفصائل الفلسطينية المسلحة تستمر في احتجاز رهائن وبعضهم في مناطق مأهولة، مما يعرض الرهائن والمدنيين للخطر.

وفي سياق آخر ذكر تقرير للأمم المتحدة عن الأثر البيئي للحرب في غزة اليوم الثلاثاء أن الصراع تسبب في تلوث غير مسبوق للتربة والمياه والهواء في القطاع الفلسطيني ودمر شبكات الصرف الصحي وخلف أطنانا من الحطام الناتج عن استخدام عبوات ناسفة.

ووفقا لتقييم مبدئي من برنامج الأمم المتحدة للبيئة فإن الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) سرعان ما قضت على التقدم المحدود الذي تم إحرازه في تطوير تحلية مياه البحر ومرافق معالجة مياه الصرف وإصلاح الأراضي الرطبة الساحلية في وادي غزة والاستثمار في تركيبات الطاقة الشمسية.

وذكر التقرير أن استخدام أسلحة متفجرة خلف نحو 39 مليون طن من الحطام، فيما تشير التقديرات إلى أن كل متر مربع من قطاع غزة يحتوي الآن على أكثر من 107 كيلوغرامات من الأنقاض. وأوضح أن هذا يزيد بمقدار خمسة أمثال عن الحطام الناتج عن القتال في الموصل في العراق في 2017.

وقالت إنجر أندرسن المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة “كل هذا يضر بشدة بصحة السكان وأمنهم الغذائي وقدرة غزة على الصمود”.

وعانت البيئة في غزة بالفعل بسبب الصراعات المتكررة والنمو الحضري السريع وكثافة السكان المرتفعة قبل أحدث صراع الذي اندلع في السابع من أكتوبر تشرين الأول.

ويضيف تقييم الأمم المتحدة إلى المخاوف المتعلقة بالأزمة الإنسانية المتصاعدة والتكلفة البيئية للحرب، إذ رصدت أوكرانيا أيضا دمارا بيئيا واسع النطاق على مدى العامين الماضيين.

وقال أوين داربيشير الباحث البارز في مرصد الصراع والبيئة، وهو منظمة لا تهدف للربح تتخذ من بريطانيا مقرا، “فهم الآثار البيئية للحرب يمثل تحديا كبيرا في عصرنا. التداعيات لن تكون محسوسة محليا فحسب حيث يدور القتال، لكنها قد تتجاوز ذلك أو حتى تصبح محسوسة على النطاق العالمي عبر انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري”.

ويأتي تقييم الأمم المتحدة تلبية لطلب قدمته سلطة جودة البيئة الفلسطينية في ديسمبر/كانون الأول 2023 لبرنامج أممي لتقييم الأضرار ويحمل على عاتقه مهمة مساعدة البلدان في تخفيف آثار التلوث ومكافحته في المناطق المتضررة من الصراعات المسلحة أو الإرهاب.

ونظرا للمخاوف الأمنية والقيود المفروضة على الوصول، استخدمت الأمم المتحدة لإعداد تقريرها عمليات المسح عبر الاستشعار عن بعد وبيانات من الهيئات الفنية الفلسطينية، بالإضافة إلى تقييمات للأضرار من البنك الدولي. وقال داربيشير إن قياسات الأرض ستكون حاسمة لفهم مدى تلوث التربة والمياه.

وذكر التقرير أن أنظمة المياه والصرف الصحي والنظافة الشخصية صارت الآن معطلة بالكامل تقريبا مع إغلاق محطات معالجة مياه الصرف الصحي الخمس في غزة. وفرض الاحتلال الإسرائيلي القائم منذ فترة طويلة بالفعل تحديات بيئية كبيرة في الأراضي الفلسطينية فيما يتعلق بنوعية المياه وتوافرها، وفقا لتقرير صدر عام 2020 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فيما تم اعتبار أكثر من 92 بالمئة من المياه في قطاع غزة غير صالحة للاستهلاك البشري.

الحرب على غزة تخلف دمارا هائلا
الحرب على غزة تخلف دمارا هائلا

وكان القطاع يتمتع بواحد من أعلى معدلات استخدام الألواح الشمسية على الأسطح في العالم. وذكر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في الولايات المتحدة في تقديرات أنه في عام 2023 كان هناك حوالي 12400 نظام للطاقة الشمسية على الأسطح. لكن إسرائيل دمرت منذ ذلك الحين جزءا كبيرا من البنية التحتية للطاقة الشمسية المزدهرة في غزة، ويمكن أن تتسبب الألواح الشمسية المكسورة في تسرب ملوثات الرصاص والمعادن الثقيلة إلى التربة.

ومنذ هدنة استمرت لأسبوع واحد في نوفمبر/تشرين الثاني، باءت محاولات متكررة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار بالفشل. وتصر حماس على إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة. ويرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنهاء الحرب قبل القضاء على الحركة وإطلاق سراح الرهائن الذين احتجزهم مسلحوها خلال هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل والذي أشعل فتيل الحرب.

وقال داربيشير إنه نظرا لحجم الدمار الذي لحق بالبيئة “أعتقد أن هناك مناطق واسعة من غزة لن تستعيد الحالة الآمنة خلال جيل واحد، حتى إذا توفر التمويل بلا حدود والإرادة”.

وميدانيا شن الجيش الإسرائيلي اليوم الثلاثاء عمليات قصف حصدت أرواحا في مناطق مختلفة من قطاع غزة كان أعنفها في مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع الذي دمرته الحرب المتواصلة منذ أكثر من ثمانية أشهر.

ورغم تراجع حدة الضربات الإسرائيلية والقتال مع حركة حماس منذ إعلان توقف جزئي عن إطلاق النار لأسباب إنسانية في جزء من القطاع، أفاد الدفاع المدني في غزة بمقتل 13 فلسطينيا في عمليات قصف إسرائيلية على مخيم النصيرات في الوسط. وقالت وزارة الصحة التابعة لحماس إن 25 شخصا قتلوا في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة حتى صباح الثلاثاء.

وفي إسرائيل تظاهر آلاف الإسرائيليين مطالبين مجددا بانتخابات مبكرة واحتجوا على إدارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للحرب مطالبين بوقف لإطلاق النار يسمح بالإفراج عن الرهائن الذين لا يزالون محتجزين لدى حماس.

وخطف هؤلاء خلال الهجوم غير المسبوق الذين شنته حماس داخل إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر ما أدى إلى اندلاع الحرب فيما تعهد نتانياهو القضاء على الحركة الإسلامية الفلسطينية التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007.

وطوال الليل سمع دوي انفجارات في مدينة رفح التي تتعرض لقصف مدفعي مكثف ووقعت اشتباكات مسلحة بين مقاتلين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي في أحياء مختلفة من المدينة.

وفي وسط قطاع غزة المحاصر والبالغ عدد سكانه نحو 2.4 مليون نسمة، انتشل 13 شخصا من بين الانقاض في منزلين أصابتهما ضربات جوية إسرائيلية في مخيم النصيرات على ما أفاد الدفاع المدني. واستهدفت قذائف وضربات جوية مخيم البريج للاجئين ودير البلح في وسط القطاع ومدينة غزة شمالا بحسب شهود.

ورغم الجهود والضغوط الكثيرة للأسرة الدولية وخصوصا الولايات المتحدة حليفة إسرائيل، لوقف القتال، يبدو احتمال التوصل إلى وقف لاطلاق النار بعيد المنال مع تمسك الطرفين بشروطهما.

ويريد نتنياهو مواصلة الحرب حتى إلحاق الهزيمة الكاملة بحماس والإفراج عن كل الرهائن فيما تشترط الحركة الفلسطينية وقفا دائما لوقف إطلاق النار وانسحابا كاملا للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة. ولم تتم الموافقة بعد على مقترح هدنة كشف عنه الرئيس الأميركي جو بايدن في 31 مايو/أيار.

وعند إعلانه هدنة يومية “تكتيكية” بين الثامنة صباحا والسابعة مساء حتى إشعار آخر لتسهيل نقل المساعدات التي تشتد الحاجة إليها، أكد الجيش الإسرائيلي أن عملياته لن تتوقف.

وتشمل هذه “الهدنة” طريقا يمتد نحو عشرة كيلومترات من معبر كرم أبوسالم في أقصى جنوب إسرائيل وصولا إلى المستشفى الأوروبي في رفح. ورحبت الأمم المتحدة بهذا القرار لكنها طالبت برفع “كل العوائق” أمام نقل المساعدات.

وأصبح معبر كرم أبوسالم الممر الوحيد لدخول المساعدات الإنسانية في جنوب قطاع غزة منذ باشر الجيش الإسرائيلي هجومه على رفح وسيطر على المعبر الحدودي مع مصر من الجانب الفلسطيني.

وقال مفاوض إسرائيلي كبير إن إسرائيل على يقين بأن “عشرات” الرهائن ما زالوا على قيد الحياة، مضيفا “لا يمكننا أن نتركهم هناك لفترة طويلة، سوف يموتون”، لافتا أن الغالبية العظمى منهم محتجزون لدى حماس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى