الطبوبي يرفض تعديل قانون يلغي شركات عمل وسيطة
حذر الاتحاد العام التونسي للشغل من تعديل أحادي لمضامين قانون العمل أو مجلة الشغل، معتبرا ذلك إلغاء للممثلين الشرعيين للعمال والنقابات من النقاشات واستفراد بالقرار والسلطة ونسف للحوار الاجتماعي، في خطوة جديدة للضغط على الحكومة وإلزامها بالعودة للجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وجاء التحذير ردا على مناقشة مجلس وزاري للحكومة التونسية تعديلات على قانون الشغل بهدف إلغاء نظام المناولة (الوسيط) في التشغيل بالقطاع الخاص التي تتولاها شركات وسيطة، بعد انتقادات علنية من الرئيس التونسي قيس سعيد والتي اعتبرها شكلا من أشكال العبودية والتشغيل الهش في البلاد.
كما سبقت وأن أعلنت الحكومة في شهر فبراير/شباط الماضي عن قرار تحجير إبرام عقود مناولة جديدة بالقطاع العموميّ وإلغاء كافة التدابير المخالفة لهذا المبدأ.
وأكّد المكتب التنفيذي للاتحاد الأكثر تمثيلا للعمال في تونس في بيان على أنّ ”إقصاء الهياكل المهنية لا يمكن أن يخلّف إلاّ الأخطاء والإخلالات والثغرات”، مشيرا إلى أن إحداث تعديلات على مجلّة العمل من جانب واحد هو تراجع غير مفهوم ولا مبرّر عن التقاليد المكتسبة للحوار الاجتماعي والقائمة على مبدأ التشاور الثلاثي بين الأطراف الاجتماعيين الثلاثة.
وأعتبر أن التعديل يستدعي تقييما مشتركا بين أطراف الإنتاج لكامل المجلّة ولا يجب أن ينحصر في مسألة العقود والتشغيل الهشّ، داعيا إلى حوار اجتماعي حقيقي لإنهاء معاناة آلاف عمال المناولة والمربّين النوّاب وأعوان التأطير في وزارة التربية ومتعاقدي قطاعات الصحّة والثقافة والتعليم العالي وغيرهم والتفاوض حول طبيعة ومفهوم وآليات مناولة الخدمة في القطاع الخاص.
كما لفتت المركزية النقابية إلى أنها طالبت منذ أكثر من 18 سنة بتعديل مجلة العمل بهدف توفير مقوّمات العمل اللائق وإنهاء كلّ أشكال العمل الهشّ وتحقيق الكرامة والأمان الوظيفي لكلّ العمّال والعمل على بلوغ مقولة الأجر المعيشي وذلك من خلال ملاءمتها مع أحكام الدستور ومعايير العمل الدولية.
ومنذ 2011 تم إدماج جميع عمال المناولة في القطاع العام والوظيفة العمومية، بينما لا يزال الآلاف يرزحون تحت هذا النظام الهش من التشغيل في عدة قطاعات خاصة مقابل أجور زهيدة دون ضمانات بالتغطيات الاجتماعية والصحية.
وتعتبر المنظمة النقابية التي تحظى بنفوذ اجتماعي وسياسي خطوة الحكومة لتعديل قانون الشغل، بمثابة ضربة للتشاركية والحوار الاجتماعي، وهي نفس الانتقادات التي وجهها الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي وقيادات نقابية أخرى إلى الرئيس التونسي انفراده بالقرارات المصيرية للدولة واحتكاره للسلطة.
وقال المكتب التنفيذي للاتحاد “نرفض أي تنقيح أحادي ونحمّل السلطة المسؤولية في ما يترتب عن ذلك”.
وتعطلت المفاوضات بين الحكومة والهياكل النقابية منذ اتفاق الأجور مع الحكومة السابقة برئاسة نجلاء بودن في سبتمبر/أيلول 2022 التي توصل فيه الطرفان إلى اتفاق لزيادة أجور القطاع العام بواقع 3.5 بالمئة يغطي سنوات 2023 و2024 و2025.
ودخل الهيكل النقابي في معارك مع الرئاسة تعلقت بملفات يعتبر أن مشاركته فيها أمرا حتميا. ومع تصاعد حملة التوقيفات ضد النقابيين وغلق الحكومة باب التفاوض دخل الاتحاد العام التونسي للشغل في معركة لي أذرع مع السلطة راوح فيها بين التصعيد والمهادنة في خطابه، لكن سعيد تجاهل التهديد ولم يلتفت لدعوات الحوار، متهما المركزية النقابية في أكثر من مناسبة بالتسبب في تدهور الوضع الاقتصادي ومعلنا كذلك في أكثر من مناسبة أنه لا حوار مع من خربوا الدولة.
وعرفت الأشهر الأخيرة عودة التصعيد المباشر والتلويح بالخروج إلى الشوارع وتجييش الطبقة العمالية، حيث انتظم في مارس/آذار الماضي تجمعا لموظفي القطاع العام للمطالبة برفع الأجور، بينما الطبوبي الحكومة بضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات والالتزام بتنفيذ الاتفاقيات العالقة.
وارجع الاتحاد تعطّل الحوار الاجتماعي مع الحكومة إلى تاريخ إصدار المنشورين 20 و21 وتراجعها عن تطبيق اتفاقيتي 6 فيفري/شباط 2021 و15 سبتمبر/أيلول 2022 الموقعتين مع السلطة التنفيذية، إضافة إلى عزمها عرض النظامين العامين الأساسيين لأعوان الوظيفة العمومية والمنشآت العمومية والدواوين على مجلس نواب الشعب قبل استكمال التفاوض بين الطرفين الاجتماعيين.