حزب إخوان تونس بلا رئيس.. أزمة قيادات تبدد الخيارات
فراغ في قيادة حزب إخوان تونس ينبئ بتهاوي تشكيل نزفت قياداته ولم تتبق سوى وجوه من الصف الثاني والثالث تقلص الخيارات لأدناها.
فمنذ الزج براشد الغنوشي، زعيم «النهضة»، الذراع السياسية لإخوان تونس، بالسجن في أبريل/ نيسان 2023، تقلد المنذر الونيسي رئاسة الحركة بالنيابة لمدة لم تتجاوز الأربعة أشهر، ليدخل إثرها السجن.
ومنذ سبتمبر/أيلول الماضي، جرى تعيين العجمي الوريمي أمينا عاما للحركة، إلا أنه لم يستمر طويلا وتم توقيفه في 14 يوليو/تموز الجاري بتهمة «التآمر على أمن الدولة»، وصدرت بحقه لاحقا مذكرة إيداع بالسجن.
أزمة قيادات
ويرى مراقبون أن حركة النهضة لم يتبق منها سوى قيادات الصف الثاني والثالث بعد أن انفضّ من حولها أغلب قياداتها التاريخيين، وفتحت في وجهها أبواب الجحيم القضائي.
ويتوقع أن تتجه الحركة نحو القيادة السرية خوفا من الملاحقات القضائية.
وبالفترة الأخيرة، عرفت الحركة شغورا أول بعد سجن رئيسها راشد الغنوشي، وشغورا ثانيا بسجن نائب الرئيس المكلف بتسييرها المنذر الونيسي، ثم شغورا بعد سجن الوريمي.
فضلا عن كون منصب الأمانة العامة ظل شاغرا منذ الانتخابات التشريعية لعام 2019، بعد استقالة القيادي زياد العذاري الذي عارض ما اعتبره “خيارات خاطئة” في تعامل الحركة مع الأزمة السياسية حينها.
كما صدر في سبتمبر/أيلول الماضي، مذكرة إيداع بالسجن بحق عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس الشورى، أعلى هيئة في الحركة، في قضية تسفير الإرهابيين إضافة لسجن عضو المجلس السيد الفرجاني.
وسبق ذلك سجن نائبي راشد الغنوشي وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، منتصف فبراير/شباط 2023، بتهمة “التآمر على أمن الدولة”، وقبله علي العريض رئيس الحكومة الأسبق، بتهم “تسفير تونسيين إلى بؤر التوتر (العراق وسوريا).
قيادة سرية؟
في تعقيبه على الموضوع، قال الناشط السياسي التونسي منجي الصرارفي، إن «الجميع انفضوا من حول حركة النهضة، ولم يتبق من جسمها المريض أي عضو قادر على التحدي ورص صفوف هذا الحزب المتهاوي”.
وأضاف الصرارفي إن الحركة “مجبرة على سد هذا الشغور، وفي المرات السابقة تم تسديده بشكل أكثر قانونية بعد عقد مجلس شورى عن بعد”.
وتوقع الصرارفي أن “يجري حاليا الاتجاه نحو القيادة السرية، أي لا يتم الإعلان عن اسم رئيس الحركة أو أمينها العام هربا من أي ملاحقات قانونية ومن المحاسبة”.
وقال: “مثلما حدث في بداية التسعينيات من القرن الماضي عندما تم تعيين الصادق شورو رئيسا للحركة، حيث لم يتم الإعلان عن ذلك وجرى العمل في السر فقط إلى أن تم القبض عليه في 17 فبراير/شباط 1991”.
وأضاف: “تداول على رئاسة الحركة نحو 14 قياديا وكان الأطول مدة هو الغنوشي الذي ترأسها من 1972 إلى ديسمبر/ كانون الأول 1980، ثم فترة قصيرة من أبريل/نيسان 1981 إلى يوليو/تموز 1981، ومن ديسمبر/كانون الأول 1984 إلى مارس/آذار 1987، ومن نوفمبر/تشرين الثاني 1991 إلى 17 أبريل/نيسان 2023».
واستعرض الصرارفي قائمة الذين مروا على رئاسة الحركة وهم: عبد الرؤوف بولعابي وفاضل البلدي وحمادي الجبالي وصالح كركر وجمال العوي ومحمد القلوي والصادق شورو ومحمد العكروت ومحمد بن سالم والحبيب اللوز ونور الدين العرباوي ووليد البناني وآخرهم المنذر الونيسي.
تكتم
من جهة أخرى، قال ماهر الحمداني، الناشط السياسي التونسي، إن “حركة النهضة انتهت وهي الآن تريد الترويج لأن القبض على قياداتها البارزة يدخل في باب التصفية السياسية الجماعية”.
وأوضح الحمداني أن ذلك “يدخل في إطار محاسبة المتورطين في ملفات ضخمة وخطيرة من بينها التسفير إلى بؤر التوتر والاغتيالات السياسية والتآمر على أمن الدولة والجهاز السري للإخوان والفساد المالي”.
وأشار إلى أن “تنظيم الإخوان كتب شهادة وفاته السياسية خاصة أنه لا يمكن الحديث عن استمرارية الحركة دون الموارد المالية التي كانت تصل للحزب وفي حساب راشد الغنوشي الشخصي”.
وتلك الأموال، بحسب الحمداني، كان «الغنوشي يشتري بها دعم أنصار له ولحزبه والتي تصل عن طريق الجمعيات الإرهابية وتجارة الأسلحة والصفقات المشبوهة وسرقة أموال الدولة».
وأشار الحمداني، إلى أن الحزب أغلق مقره منذ أبريل/نيسان 2023 ولم يتبق منه سوى بعض القيادات التي تعد على أصابع اليد والتي لفظها الشعب التونسي مثل نور الدين العرباوي وعماد الخميري ورياض الشعيبي.
وقال إن “الوجوه الجديدة التي تعمل النهضة على تقديمها كبديل انفضت من حولها ويقبع جزء منها حاليا إما في السجون أو خارج البلاد”.
وتوقع أن “تتكتم حركة النهضة عن التصريح باسم من سيخلف الوريمي والغنوشي في قيادة الحركة وبأنها ستنحني أمام العاصفة لاحتواء الأزمة”.
من تبقى؟
من بين القيادات التي ما زالت في حركة النهضة والتي تتحدث باسم الإخوان ويمكن -نوعا ما- أن تخلف العجمي الوريمي على رأس الأمانة العامة للحزب، هو رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة نور الدين العرباوي.
والعرباوي سياسي وأخصائي نفسي، ويعتبر أحد أبرز قيادات حركة النهضة وكان رئيسها في أكتوبر/تشرين الأول 1991 لمدة شهر واحد.
صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد في ما يعرف بمجموعة 1991 الذين حوكموا من أجل التخطيط لمحاولة اغتيال الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وقلب نظام الحكم.
ولم يطلق سراحه إلا يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 ضمن مجموعة متكونة من 21 سجينا سياسيا.
وفي 27 أغسطس/آب 2012، صادق مجلس شورى الحركة على تركيبة المكتب التنفيذي الجديد الذي انبثق عن المؤتمر التاسع حيث عين فيه العرباوي نائبا لرئيس المكتب السياسي.
ولاحقا، جرى تعيينه منذ 11 يونيو/حزيران 2015 رئيسا للمكتب السياسي للحركة.
ومن بين القيادات الأخرى أيضا عماد الخميري الذي كان برلمانيا وهو حاليا المتحدث باسم حركة النهضة، ويوصف بالحرباء الذي يتلون مع كل المناخات.
وزعم الخميري في أحدث تصريحاته أن النهضة لا تريد الرجوع إلى الوراء إلى ما قبل 25 يوليو/تموز 2021، وهي غير معنية بفكرة العودة للحكم، ولا خيار لها سوى قبول إرادة الشعب التونسي وإجراء انتخابات رئاسية تشارك فيها النهضة.
أما رياض الشعيبي المستشار السياسي للحركة، فهو حاصل على الدكتوراه في الفلسفة السياسية المعاصرة، وتقلد مواقع حزبية وسياسية قيادية بالحزب.
-
مؤامرات إخوان تونس لـ«إعادة التموقع» قبل الرئاسيات
-
زعيم إخوان تونس أمام القضاء مجددا في قضية “الطاغوت”
لكنه استقال إثر خلاف بالتوجهات في 2013، وأسس حزب “البناء الوطني”، قبل أن يقرر حله والعمل بشكل مستقل، ثم عاد إلى حزب النهضة في 2020 ليشغل منصب المستشار السياسي.