الشرق الأوسط

قانون العفو يواجه مصيرًا غامضًا في ظل الشروط الجديدة للمالكي


 يتواصل الجدل والخلافات السياسية والطائفية بشأن قانون العفو في العراق، إذ يعد من أبرز شروط الكتل السنية في اتفاق تشكيل الحكومة الحالية، فيما تتخوف الكتل الشيعية من عودة الإرهابيين عبر القانون المزمع إقراره في البرلمان العراقي، ويعتبر زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أبرز هؤلاء وأعلن الاثنين رفضه إطلاق سراح الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بالدماء، مضيفا مجموعة من الشروط يجب أن يشملها القانون للموافقة عليه.

وقال المالكي، في تصريحات تلفزيونية إن “الأمن والاستقرار ودوام العملية السياسية، تقتضي الالتزام بالقانون والدستور”، لافتاً إلى أن “الحكومة الحالية وضعت برنامجها السياسي وعرضته على البرلمان وصادق عليه وأصبح ملزماً للعملية السياسية والقوى التي صادقت عليه”.

وأشار إلى أن “المصلحة الوطنية تقتضي عدم التنازل عن الذين مارسوا القتل والإرهاب وأربكوا البلد ومنعوا الاعمار والخدمات”، معرباً عن أمله أن يكون هناك توجها للعفو العام عن “الجرائم والجنايات العادية فقط”.

وتابع “نحن مع العفو العام ولكن نرفض إطلاق سراح الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، كما أن جرائم الفساد المالي والإداري والتجسس يجب أن تستثنى من قانون العفو العام”، مشدداً على ضرورة “احترام الضوابط التي وضعها القضاء”.

وانتهى البرلمان العراقي، في 4 أغسطس/ آب الجاري، من القراءة الأولى لتعديل قانون العفو العام، وسط مخاوف من شموله المدانين بتهم الإرهاب والانتماء إلى تنظيم “داعش“.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي صدر بيان عن مكتب رئيس الحكومة العراقية أكد فيه “إجراء مراجعة قانونية للقانون، بهدف تعريف جريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية، لتشمل كل من ثبت أنه (عمل في التنظيمات الإرهابية أو قام بتجنيد العناصر لها أو قام بأعمال إجرامية أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي أو وُجد اسمه في سجلات التنظيمات الإرهابية)”.

ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيراً غامضاً على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، إلا أن مصادر مطلعة أشارت إلى وجود إرادة سياسية وخاصة من قبل الإطار التنسيقي لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة.

وكانت الاتفاقات غير المعلنة التي تمت بين قوى سياسية شيعية وأخرى سنيّة لأجل تشكيل الحكومة الحالية بقيادة السوداني قد نصّت على إقرار قانون العفو العام كأحد المطالب الرئيسية للسياسيين السنّة الذين سهّلوا تشكيل الحكومة بتحالفهم مع القوى الشيعية المشكّلة للإطار التنسيقي. لكن الإطار عرقل بعد ذلك إقرار القانون الذي ما يزال يتلمّس طريقه إلى أروقة مجلس النواب.

ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، اصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات (أو إيقاف العمل بها) كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم.

وينتمي المدافعون عن القانون على وجه العموم إلى كتل سياسية سنيّة كون الكثير من أبناء مكوّنهم ملاحقين بتهمة الإرهاب وخصوصا منذ غزو تنظيم داعش لأجزاء شاسعة من البلاد، بينما أغلب المعارضين لإقراره سياسيون شيعة يرون أن الهدف منه تبييض صفحة “إرهابيين” وإعادة إدماجهم في المجتمع.

ويؤكد هؤلاء أنه خلال السنوات الماضية تم الزج بآلاف العراقيين في السجون بناء على وشايات “المخبر السري”، وهو النظام الأمني المعمول به في العراق، وكذلك انتزاع الاعترافات تحت التعذيب، فيما تطالب القوى السياسية العربية السنية بتوفير محاكمات عادلة للمعتقلين وإعادة النظر بالأحكام التي صدرت بحقهم، ما تعارضه قوى وأحزاب تنضوي غالبيتها اليوم في “الإطار التنسيقي”.

وسبق أن شرع العراق أكثر من قانون للعفو خلال السنوات الماضية، ومنها قانون العفو العام لسنة 2016 الا ان الاعتراضات بقيت قائمة بحق القانون، لأن هناك الكثير ممن صنفوا إرهابيين انتُزعت اعترافاتهم بالقوة في أثناء التحقيق، بحسب قوى سياسية.

وكان زعيم تحالف نبني هادي العامري قال في يوليو/ تموز 2023 نعلن رفضنا لأي تعديل غير دستوري على قانون العفو العام؛ ما يتيح للتنظيمات الإرهابية فرص الالتفاف على دستور الدولة والإفلات من قبضة العدالة”، مضيفاً “كما سالت دماؤنا من أجل الدولة ومن أجل زج المجرمين في السجون فإنها ستعود تسيل لأجل منع إخراجهم منها”.

وتابع: “لا مجال لعودة الإرهاب في عراقنا الذي مثلما نبنيه سنحميه، وهذا شعارنا ونحن باقون عليه، ولن نخضع للاتفاقات السياسية على حساب شعبنا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى