الشرق الأوسط

القائم تنهض من دمار حرب داعش: جهود إعادة الإعمار وإعادة الحياة للمدينة

تشهد مدينة القائم في العراق تعافيًا تدريجيًا من الدمار الذي خلفته حرب داعش، حيث تعمل السلطات المحلية بالتعاون مع المنظمات الدولية على إعادة بناء البنية التحتية وإعادة الحياة إلى طبيعتها. تعود العائلات تدريجيًا إلى المدينة، ويتم إعادة تأهيل المدارس والمستشفيات والمرافق العامة. هذه الجهود تهدف إلى محو آثار الحرب وإعادة الأمل لسكان القائم، الذين عاشوا سنوات من الصراع والاضطراب، وتعد خطوة مهمة نحو استعادة الاستقرار في المنطقة.


يشهد قضاء القائم الذي يقع غربي الأنبار على الحدود مع سوريا اليوم معالم تقدم ونهوض واستقرار أمني متسارع بفضل جهود القوات الأمنية والعسكرية الموجودة هناك، والتي من مهامها حفظ الأمن والاستقرار في هذا القضاء، في وقت تشهد المدينة عمليات إعمار لبنيتها التحتية وتعبيد طرق مواصلاتها باتجاه محافظة الأنبار.

وأهل القائم كما هو حال بقية أقضية غرب المحافظة من أكثر مواطني العراق تميزا بخصائص الأصالة العربية والدفاع عن البلاد بوجه المحاولات الشريرة للنيل منه، وهم أكثرهم إلتصاقا بعروبتهم والتشرف بالإنتماء إليها.

 ويشهد لهم تاريخهم المشرف بأنهم رجاله الصيد الميامين للذود عن الأرض والعرض والكرامة والدفاع عنها وتقديم الغالي والنفيس من أجل حفظ شرفهم وكرامتهم من أن يمسها كائن من كان.

وقد شهد قضاء القائم بعد الاحتلال الأميركي ومن بعده داعش، خرابا وتدميرا لبيوته ومعالمه وتحول الى ما قبل أكثر من عقد الى مدينة مهملة برغم أنه يعد أحد أهم مراكز الثروة العراقية من الفوسفات، الذي يعد مصدرا مهما للدخل الوطني وكان بالإمكان أن تدر على هذا البلد المليارات من الدولارات، في وقت يأمل الأهالي أن تسترد مدينتهم رونقها وأهميتها لتعود واجهة إقتصادية وتجارية مهمة للعراق على حدوده الغربية مع سوريا مثلما يأملون تقليل المظاهر المسحة في شوارعها بعد عودة الأمن والاستقرار فيها.

وتعد محنة المفقودين والمغيبين والمختطفين في قضائي القائم ورمانة من أكثر المحن التي نالت اهتمام النائب الشيخ عادل خميس المحلاوي الذي ما ترك مناسبة وفرصة إلا وذكر المسؤولين في بغداد والانبار بضرورة الإهتمام بأهلها.

وقد حظي المحلاوي بموافقة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني للاهتمام بقضايا مغيبيها ومختطفيها وعوائل شهدائها ومفقوديهم وأمر بتخصيص رواتب تقاعدية لعوائلهم وتسيير معاملاتهم في دوائر الانبار الخاصة بمؤسسة الشهداء. كما شكّل لجنة عليا لمتابعة أوضاعهم، إضافة الى الإهتمام بتحسين الطاقة الكهربائية فيها والقضايا الخدمية المهمة لمواطنيها.

وتبشر معالم النهوض بخير لا سيما في العمران والاهتمام بالطريق الدولي مع الأنبار الذي شهد عمليات تطوير حديثة بعد أن كان يعاني أهالي القضاء من أكثر حالات الاصطدامات على هذا الطريق.

وقد زار القضاء مسؤولون كبار من ضمنهم المحافظ محمد نوري الدليمي ومن أعضاء مجلس المحافظة في أوقات عديدة.

ويعد النائب الشيخ عادل خميس المحلاوي من أكثر نواب الأنبار المهتم بأحوال الأقضية ومنها القائم ورمانة وبقية المدن وهو دائم الاطلاع على أحوال أهلها ويساهم في تسيير معاملاتهم التقاعدية عند تأخرها في دوائر الأنبار أو بغداد.

 وأقام عددا من الدوائر المهمة التي لها علاقة بالاحوال المدنية ومؤسسة الشهداء داخل تلك الأقضية ومنها القائم، إضافة الى إهتمامه بمدارس القضاء وجهازها التربوي لتطوير قدراته، حيث يكن أهل القائم ورمانة وكل مدن غربي الانبار للنائب المحلاوي كل محبة وتقدير. 

ولدى النائب المحلاوي صلات وطيدة بأهل القائم ويشهدون بأنه أسهم معهم في تحرير مدنهم من إحتلال داعش وأعاد مختطفيهم من السجون والمعتقلات إبان أزمة التهجير والنزوح. وله بصمة متميزة في عمليات الإعمار التي يشهدها القضاء يذكرها أهل القائم وكثير من أقضية غربي الأنبار بالفخر والاعتزاز.

كما يهتم القائم مقام تركي محمد المحلاوي بشؤون منطقة القضاء وأحوال أهلها وخاصة في تطوير الجانب الخدمي والاداري ليظهر بما يستحق من مكانة واهتمام.

النائب الشيخ عادل خميس المحلاوي
احدى عائلات المغيبين و المختطفين

ويُقدّر سكان القضاء على بعد 400 كم غربي بغداد بنحو 200 ألف نسمة. ويعد طريقا تجاريا مهما بين العراق وسوريا وقربه من مدينة البوكمال السورية التي تربطه بها معارف وصلات مودة وقرابة وعلاقات تعامل تجارية منذ أقدم الازمنة معها. وأُغلق معبر القائم على مدى سنوات بسبب مخاوف أمنية ليتم فتحه مؤخرًا.

ويتميز مناخ قضاء القائم بأنه صحراوي حار حيث تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية في أشهر الصيف. ويعد موطنا لعدة مساجد بما في ذلك مسجد القائم الكبير.

وتذكر المصادر التاريخية أن تسمية القائم تعود الى دير القائم الأقصى الذي تم ذكره في المعاجم العربية وكتب المؤلفين والمؤرخين العرب عنه ومنهم ياقوت الحموي الذي يقول “وقد رأيته وإنما قيل له القائم لأن عنده مرقباً عالياً كان الروم والفرس يرقب عليه على كرف الحد بين المملكتين”، في إشارة الى قبر برجي شبيه بما هو موجود في الحضر وتدمر. ويرتقي زمنه إلى حدود القرن الثاني للميلاد، ونشاهد بقاياه الآن إلى الشمال من بلدة القائم بمسافة يسيرة في قرية (جريجب)، وكان هذا سبب في تسمية هذا الموضع بالقائم.

وقد كان لهذا الجزء من العراق أهمية تاريخية بالغة، كونه كان جزءاً من الأراضي التي تمر منها الحملات العسكرية وتجتازه القوافل التجارية بين بغداد وأقطار البحر المتوسط والخليج العربي منذ أقدم العصور.

ومن الرحالة المحدثين البحاثة نجد موسيل أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة براغ سابقاً الذي تجول في العراق عام 1927م ووضع نتيجة دراسته الميدانية في كتابة المعروف بـ “الفرات الأوسط سنة 1927” وينتشر في هذه المنطقة 23 تلا وموقعا أثريا تتراوح أزمانها ما بين العصر الآشوري أي منذ بداية الألف الثاني قبل الميلاد وقبيل الإسلام والعصر الإسلامي.

وتعتبر قلعة أرتاجي وتلول البيادر ومغارة الربط وتل معيزلة وتل المطيلع وتل القائم وقصر البنت وشق الهوا ومغارات خشم الباغي وتل المانعيات وغيرها من قلاع هذا القضاء.

 وشهدت القائم حدثا تاريخيا حيث أتى الخليفة هارون الرشيد بعد عودته من الحج عام 175هـ إلى الأنبار واتخذ من دير القائم سجناً حبس فيه يحيى البرمكي وولديه الفضل ومحمد. أما عن تاريخها الحديث فقد بدأت هذه المدينة قرية تعرف باسم حصيبة الغربية ثم أصبحت ناحية لتستحدث قضاء عام 1968، وفق مصادر تاريخية.

ويشير المهتمون بشؤون القائم الى أنها تمثل فخر صناعة الأسمدة الفوسفاتية في هذا القضاء الذي أدى الى تحسين الواقع الإقتصادي والاجتماعي والعمراني على مستوى المنطقة والمحافظة. كما أسهم في تقليل مظاهر البطالة ووفر فرص عمل عديدة لأبنائه وهم يأملون توسيع الإهتمام بصناعة الفوسفات والأسمدة كونها عماد الصناعة والزراعة فيها.

ويفخر الأهالي بمحاولات عديدة شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة لإعادة بنائها وإعمارها بعد الدمار وعدم الاستقرار بسبب حرب داعش ومن قبله الإحتلال الأميركي. ويشهد القضاء حاليا محاولات للاستثمار والتنمية في مواقع عدة وهو يستعيد عافيته شيئا فشيئا كونه يبقى مركزا مهما للتبادل التجاري وأحد واجهات العراق المطلة على سوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى