سياسة

تفجيرات «بيجر» وخطر التمدد.. هل الهواتف الحديثة في مأمن؟


عاصفة “بيجر” في لبنان صنعت غمامة من الخوف عالميا، وصلت لجيش إسرائيل، ويتصدرها سؤال: هل يمكن أن يحدث ذلك للهواتف الذكية؟

فكل شخص بات ينظر لهاتفه ربما كمصدر تهديد محتمل، أو ربما كمصدر قلق، وشكّ في عالم مفتوح لا يأمن المرء فيه من أي تطور. 

كما كانت مطالبة الجيش الإسرائيلي، كبار ضباطه، بخفض استخدام الهواتف المحمولة وتغيير سلوكهم الروتيني، دليلا آخرا على خطورة ما يعتري استخدام هذه الهواتف بعد هجمات بيجر التي استهدفت الأجهزة اللاسلكية التي يستخدمها عناصر حزب الله، وأسفرت عن وقوع قتلى وجرحى.

وخلال اليومين الماضيين. انفجرت أجهزة الاستدعاء في جميع أنحاء لبنان في ما يبدو أنه هجوم دموي متطور للغاية وغير متوقع.

وأسفر الهجوم عن مقتل 12 شخصًا على الأقل وإصابة الآلاف بجروح. فيما ألقى كل من حزب الله والحكومة اللبنانية باللائمة على إسرائيل.

بدأ الهجوم يوم الثلاثاء، عندما رنّت آلاف أجهزة الاستدعاء التي يستخدمها أعضاء حزب الله ثم انفجرت. ويبدو أن الأجهزة كانت مجهزة للتفجير عن بُعد، مما أدى إلى إصابة الأشخاص المحيطين بها.

وأدت الطبيعة الجديدة والمفاجئة بشكل خاص للهجوم إلى قلق البعض من أنه قد يمثل جبهة جديدة في الحرب. وقد تساءل الكثيرون عما إذا كان ذلك قد يعني أن جميع الأجهزة الجوالة يمكن اعتبارها آمنة حقًا.

هل الهواتف آمنة؟

الإجابة العامة والبسيطة هي: نعم، إنها كذلك. لا يوجد ما يشير على الإطلاق إلى أن الهجمات تشير إلى وجود أي خطر على الهواتف الذكية وغيرها من التقنيات التي يحملها معظم الناس كل يوم، ما لم يتم العبث بها أثناء التصنيع وحشوها بالمتفجرات، وفق تقارير غربية.

وبحسب تقرير في صحيفة “إندبندنت” البريطانية، قد يكون هجوم لبنان علامة على أشياء قادمة – إذ قد تفكر دول أخرى في تقليده. ولكن، حتى في هذه الحالة، لا يوجد سبب يشير إلى إمكانية استخدامه على الأجهزة التقنية الاستهلاكية التي يحملها الناس.

ولا يزال من غير الواضح بالضبط كيف أمكن تنفيذ هجمات أجهزة الاستدعاء “بيجر”. إذ رجحت مصادر أمنية أنه تم وضع كميات صغيرة من المتفجرات داخل جهاز الاستدعاء ثم تفجيرها عن بعد باستخدام اتصال بالجهاز.

ودون معرفة كيفية تعديل المهاجمين لأجهزة النداء بالضبط، من الصعب التأكد من أن أجهزتنا الاستهلاكية آمنة. لكن الخبراء ينصحون بعدم القلق.

وقال دانيال كارد، زميل معهد تشارترد لتكنولوجيا المعلومات للصحيفة، “لا يحتاج الشخص العادي إلى القلق بشأن المخاطر المحتملة مثل هجوم سلسلة التوريد الذي يستهدف مجموعة محددة من الأشخاص”، مضيفا “رغم أن مثل هذه الأحداث مقلقة، إلا أنه لا يوجد تهديد معروف للأشخاص العاديين.”

ومضى قائلا “الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية آمنة للغاية بشكل عام، واحتمالية تأثرها بالمتفجرات نادرة للغاية، ولا تنطبق إلا على جزء ضئيل من سكان العالم الذين قد يكونون موضع اهتمام الدول أو الجماعات الإرهابية.”

ووفق “إندبندنت”، كانت أجهزة الاستدعاء اللبنانية من الطرازات القديمة والكبيرة نسبيًا مع وجود مساحة كبيرة في الداخل فضلا عن على تفكيكها، مما سهل وضع المتفجرات. 

“أما الهواتف الذكية اليوم فقد تم تصميمها وهندستها بدقة لتقليل المساحة؛ فلو كان لدى شركة أبل مساحة في جهاز آيفون لاستخدمتها في تصغيره أو إضافة المزيد من المكونات”. 

كما أن الأجهزة التكنولوجية الأخرى مثل سماعات الأذن يتم تصغيرها بشكل أكثر دراماتيكية، وستظهر أي تلاعب محتمل بشكل أكثر وضوحاً، بحسب تحليل الصحيفة.

“عملية معقدة” 

على مستوى أوسع، سيتطلب الأمر من أي مهاجم اختراق سلسلة التوريد إما أن يقوم بزرع الأجهزة بشكل عشوائي أو أن يجد بطريقة ما سبيلا لضمان تسليم منتج معين إلى مستخدم معين، لتنفيذ هجوم مماثل لهجوم “بيجر” باستخدام أجهزة ذكية، ما يظهر أن استغلال الأخيرة في أي هجمات أمر معقد.

كما أن سلاسل التوريد الحديثة واسعة جداً ومحمية بشكل جيد لدرجة أنه سيكون من المستحيل تقريباً اختراق أي منهما.

شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية نقلت عن خبراء قولهم أيضا، إن جهاز الاتصالات الخاص بالشخص العادي ليس معرضًا لخطر الانفجار ما لم يتم العبث به بشكل كبير وحشوها بالمتفجرات. 

وقال جاستن كابوس، أستاذ الأمن السيبراني في جامعة نيويورك، لـ”سي إن إن”، إنه من الممكن إتلاف مجموعة متنوعة من البطاريات – وأكثرها شيوعًا بطاريات الليثيوم، التي تسببت في حرائق خطيرة”. لكنه استدرك “يبدو أن أجهزة بيجر في لبنان كانت مصممة عمداً لتنفجر عند تشغيلها، وليست مثل أجهزة بيجر العادية المتواجدة في جميع أنحاء العالم”.

ويستطرد “إذا كنت شخصًا عاديًا ولديك بطارية ليثيوم في جهازك الذكي، فلن أكون قلقًا للغاية بشأن هذا الأمر”.

“اختراق من نوع آخر” 

قبل أن تعود “إندبندنت” وتنوه  “لا يعني هذا أن الأجهزة الموجودة في جيوبنا آمنة بشكل معصوم من الاختراق. إذ تحاول وكالات الأمن وغيرها من المؤسسات الخاصة باستمرار اختراق الأجهزة – على الرغم من أن ذلك يتم في أغلب الأحيان من خلال البرامج التي يتم تشغيلها بدلاً من الإضافات المادية للأجهزة نفسها” ويستهدف جمع المعلومات وتحديد الموقع. 

ودفع ذلك الشركات التي تصنع الهواتف الذكية، إلى العمل باستمرار على تأمين أي ثغرات محتملة. وطرحت شركة أبل، على سبيل المثال، في السنوات الأخيرة “وضع الإغلاق”، وهو إعداد خاص محدود للغاية لجهاز الآيفون يجعله أكثر أمانًا، ويستهدف المحامين والنشطاء وغيرهم ممن قد يتعرضون لخطر الاختراق على يد حكومة أجنبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى