حزب الله وإسرائيل.. هل أساء نصر الله تقدير الموقف؟
في 2006 وبعد أسابيع من الحرب، أبدى حسن نصر الله بعض الندم على عملية أدت لمقتل جنديين إسرائيليين.
وبعد مقتل 1100 لبناني، أوضح الأمين العام لحزب الله أنه فوجئ بشراسة الرد الإسرائيلي، وقال في مقابلة: “لو كنت أعلم… أن العملية ستؤدي إلى مثل هذه الحرب، هل كنت لأفعلها؟ أقول لا، بالتأكيد لا”.
-
تصعيد غير مسبوق بين حزب الله وإسرائيل.. لبنان أمام شبح الحرب
-
أكسيوس تكشف كواليس اللحظات الأخيرة قبل تبادل الضربات بين حزب الله وإسرائيل
مرة أخرى
وهذه المرة كان من المفترض أن تكون الأمور مختلفة، لكن يبدو أن نصر الله أخطأ في الحسابات مرة أخرى، فالصراع الذي كان يفترض أن يكون محدودا اتسع لدرجة كبيرة.
وبعدما وجهت إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين الضربة الأشد في تاريخ حزب الله الممتد لأربعة عقود، يبدو أن نصر الله في حيرة من أمره بشأن كيفية المضي قدماً. وفقا لما ذكرته مجلة “الإيكونوميست” البريطانية.
-
مستقبل غامض لنازحي الجنوب اللبناني وسط تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل
-
التصعيد بين حزب الله وإسرائيل يتسبب في اضطراب الرحلات بمطار بيروت
وكان التحول في تكتيكات إسرائيل قد بدأ في يوليو/تموز الماضي، عندما اغتالت فؤاد شكر القائد العسكري لحزب الله، في بيروت، رداً على ما قالت إنه صاروخ أطلقه الحزب في الجولان
وأواخر أغسطس/آب الماضي، سعى حزب الله إلى الرد، لكن إسرائيل فجرت صواريخه بعيدة المدى قبل أن تنطلق.
وفي 17 سبتمبر/أيلول الجاري، فجرت إسرائيل آلاف أجهزة النداء التي يستخدمها عناصر الحزب، وفي اليوم التالي، انفجرت مئات من أجهزة الاتصال اللاسلكية مما أدى إلى مقتل العشرات وإصابة الآلاف، فضلا عن الدمار الهائل في اتصالات الحزب.
-
لبنان يحيي ذكرى المفقودين وسط توتر متصاعد بين حزب الله وإسرائيل
-
تصاعد المواجهات بين حزب الله وإسرائيل
وربما لم يكن توقيت الانفجارات خاضعاً بالكامل لإسرائيل التي شعر جواسيسها بالقلق من اكتشاف العملية التي أعقبتها سلسلة من الاغتيالات؛ قتلت إحداها قائد قوة “الرضوان”، وهي وحدة الكوماندوز النخبوية التابعة لحزب الله.
وبعدها جاءت حملة مدمرة من الغارات الجوية في جنوب لبنان ووادي البقاع الشرقي، وهما المنطقتان اللتان يتمتع فيهما حزب الله بحضور قوي.
-
تبادل الضربات بين حزب الله وإسرائيل يشعل التوترات على حدود لبنان: ماذا يحدث؟
-
لوفيجارو… لبنان الضحية في التصعيد الأخير بين حزب الله وإسرائيل
والاثنين الماضي، قتلت الهجمات الإسرائيلية ما يقرب من 500 شخص، وهو اليوم الذي يعد الأكثر دموية في لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990.
وما زالت الطائرات الإسرائيلية تنفذ المزيد من الضربات، وبعدما هاجمت منصات إطلاق الصواريخ في المناطق غير المأهولة بالسكان، تضرب الآن منصات إطلاق الصواريخ في القرى والمناطق المبنية الأخرى، بحسب “الإيكونوميست”.
-
واشنطن بوست تكشف: كيف يدفع اللبنانيون ثمن التهديدات الإيرانية ومعارك حزب الله وإسرائيل
-
اقتراح باريس لإنهاء القتال بين حزب الله وإسرائيل
ورغم ذلك، يصر المسؤولون الإسرائيليون على أن هذه ليست حرباً شاملة وأنهم وضعوا خططاً لاجتياح بري بدأت القوات في التدريب عليه، إلا أن الجيش لم ينشر قواته بعد في مناطق الانطلاق.
وحتى الآن لم تبدأ الطائرات الإسرائيلية في قصف البنية الأساسية الحيوية في لبنان مثلما حدث في 2006 حين كان مطار رفيق الحريري من بين الأهداف الأولى.
وعلى النقيض من غزة والتعهدات بهزيمة حماس بالكامل، يعترف الجنرالات الإسرائيليون باستحالة إنهاء هيمنة حزب الله في لبنان، ولذلك فإن هدفهم أضيق ويتمثل في إرغام الحزب على وقف نيرانه على شمال إسرائيل وسحب مقاتليه من الحدود، لكن نصر الله يصر على أن هذا لن يحدث.
-
حزب الله وإسرائيل وتكتيكات الحرب العالمية الثانية
-
رئيس حزب السلام اللبناني: حزب الله وإسرائيل وراء انفجار بيروت
وفي خطاب ألقاه في 19 سبتمبر/أيلول الجاري، تعهد نصر الله بمواصلة القتال ضد إسرائيل حتى تنهي حربها في غزة، وهو الوعد الذي قطعه مراراً وتكراراً على مدى العام الماضي.
وتدريجيا، استخدم الحزب صواريخ أطول مدى، استهدفت مدنا مثل حيفا والعفولة في عمق إسرائيل، وأمس الأربعاء، أطلق الحزب صاروخاً باليستياً بعيد المدى على تل أبيب للمرة الأولى، وهو الصاروخ الذي اعترضه نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي “مقلاع داود”.
«رمزيا»
قد يعد ذلك تصعيدا من نوع ما، لكن إطلاق صاروخ واحد بدا رمزياً كوسيلة لحزب الله لإثبات أن بعض قدراته لا تزال سليمة.
-
واشنطن وإسرائيل تقصفان مواقع للحرس الثوري وحزب الله في سوريا
-
حزب الله يُهدد واشنطن وإسرائيل برد قوي.. التفاصيل
ووفقا لـ”الإيكونوميست” فإن نصر الله لم يكن معزولاً إلى هذا الحد من قبل حيث فقد العديد من مساعديه الموثوق بهم، وكان بعضهم أعضاء في حزب الله منذ تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي.
ومن بقي منهم ربما يكونون مشتبهاً بهم فلم يكن بإمكان إسرائيل تنفيذ عمليات تخريب واغتيالات واسعة النطاق دون مساعدة من الداخل.
وقالت المجلة إن سمعة حزب الله في حالة يرثى لها حيث نظر الناخبون الشيعة لفترات طويلة إليه باعتباره حامية قوية، لكن الآن أصبح لديهم شكوك.
-
إسرائيل تتوعد حزب الله بتصعيد عسكري شامل بعد هجوم الضاحية
-
“نتنياهو ونصر الله: صراع على الشرعية وسط تصاعد التوترات”
وفي النطاق الأوسع للسكان، يشعر الكثيرون بالغضب من نصر الله لجر البلاد إلى معركة لا يمكنه الفوز بها في الوقت الذي يعاني فيه لبنان منذ 2019 من واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث.
لقد فقدت العملة اللبنانية 98% من قيمتها، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى النصف، ولا يستطيع لبنان أن يتحمل حرباً طويلة، فضلا عن فاتورة إعادة الإعمار.
كما يفرض نزوح عشرات الآلاف من الناس من الجنوب والشرق ضغوطاً على الخدمات الأساسية، في ظل الطوابير الطويلة أمام المخابز ومحطات البنزين إضافة إلى التوترات الاجتماعية حيث يفرض بعض أصحاب العقارات مبالغ ضخمة لتأجير المنازل للنازحين أو يرفضون قبولهم على الإطلاق.
-
هل دقت طبول الحرب؟ غارات إسرائيلية تستهدف حزب الله جنوب لبنان
-
فوضى وشكوك.. «الشحنات الملغومة» تربك حسابات حزب الله
الأهم
قد يكون هذا مهما لحزب الله لكن الأهم رأي إيران الراعي الرئيسي للحزب والتي قالت “الإيكونوميست” إنها استثمرت مليارات الدولارات لبناء مخزونات الحزب من الصواريخ التي كان يفترض أن تعمل كوثيقة تأمين ضد أي هجوم إسرائيلي مباشر على المنشآت النووية الإيرانية.
والآن، تراقب طهران في فزع تفجير هذه الصواريخ ويبدو أنها غير راغبة في مساعدة وكيلها، حيث كتب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على منصة إكس يقول إن حزب الله قادر على الدفاع عن لبنان “بقدراته الخاصة”، وهو ما يعني أن الحزب يعمل بمفرده.
-
تكتيكات روسية وأسلحة متطورة: كيف يستعد حزب الله للمواجهة؟
-
الهجوم الصامت: انفجارات أجهزة البيجر تكشف الثغرات الأمنية لحزب الله
ويتناسب الموقف الإيراني مع نمط التقاعس الذي تبنته على مدار العام الماضي وسط المخاوف من وقوع المزيد من الهجمات على أراضيها بعدما تعرضت للاختراق دون أن ترد حتى الآن على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
وعندما وصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعلن أن بلاده لا تريد الحرب مع إسرائيل ويبدو أنه يحظى بدعم المرشد علي خامنئي، لمواصلة الدبلوماسية مع الغرب.
ويرى بعض المسؤولين في لبنان أن إيران قد تسعى إلى استخدام حزب الله كورقة مساومة من خلال تقديم عرض لكبح جماح الحزب مقابل صفقة لتخفيف العقوبات الاقتصادية.
-
طلب الدعم من إيران: حزب الله يستنجد لمهاجمة إسرائيل وهكذا جاء الرد
-
شمال إسرائيل في مرمى صواريخ حزب الله: خوف وانعدام الثقة
واشنطن
قالت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إنها لن تدعم عملية برية في لبنان لكنها الآن تؤيد تكتيكات إسرائيل، وقال جون فينر، نائب مستشار الأمن القومي، لشبكة” NPR ” الأمريكية: “نحن نراهم في سياق محاولة تهيئة الظروف لتمكين الناس من العودة إلى ديارهم”.
وفي الوقت نفسه، تخلى جو بايدن إلى حد كبير عن مساعيه لوقف إطلاق النار في غزة، والذي كان يعتبر أنه شرط أساسي لتهدئة الحدود الإسرائيلية اللبنانية، ولا يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حريصا على إبرام صفقة وكذلك زعيم حماس يحيى السنوار.
-
تكتيكات روسية وأسلحة متطورة: كيف يستعد حزب الله للمواجهة؟
-
حزب الله في مفترق طرق: هل يتجه نحو التراجع أو الفناء؟
ويبدو أن أمريكا مستعدة للسماح لإسرائيل باختبار نظريتها حول إجبار حزب الله على هدنة منفصلة والقبول بتنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 1701 الذي أنهى حرب 2006، والذي دعا الحزب إلى سحب قواته إلى نهر الليطاني، على بعد 30 كيلومترًا شمال الحدود الإسرائيلية.
والسؤال الآن، هل سيوافق نصر الله على ذلك؟
لا أحد يعرف، فالتراجع قد يعزز مكانته بين اللبنانيين، حيث قال أحد الدبلوماسيين “بإمكانه أن يقول إنه فعل ذلك من أجل مصلحة الأمة”، وقد تدفع إيران باتجاه وقف إطلاق النار حتى لو تعلن ذلك بشكل مباشر.
-
بايدن وماكرون يسعيان لاحتواء التوترات ومنع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله
-
خطط عسكرية إسرائيلية لمهاجمة حزب الله.. هل نحن في المرحلة الثانية من الحرب؟
ومع ذلك، قد يبدو الأمر مهينا لنصر الله الذي روج لسنوات لمفهوم “وحدة الساحات” الذي يدور حول قدرة وكلاء إيران في مختلف أنحاء المنطقة على تنسيق العمل العسكري المشترك ضد إسرائيل وسيعني تخليه عن القتال الاعتراف بفشل المفهوم.
وإذا استمر نصر الله في القتال فقد تزداد الأمور سوءاً، وربما لن يحقق أي من الجانبين فلن تنهي إسرائيل حربها في غزة، ولن يشعر سكان شمال إسرائيل بالأمان في العودة إلى ديارهم.
وبالتالي، قد تكون الهدنة محرجة لنصر الله، لكن البديل هو حرب مدمرة لا طائل من ورائها.