سياسة

ما بعد الحرب: الكابوس المدفون في غزة وحقائق مؤلمة تنتظر الكشف


الحرب في قطاع غزة لا تترجم مأساتها فقط الأرقام المعلنة لأعداد القتلى، بل ذلك الكابوس الذي ينتظر نهاية الصراع للنبش عليه تحت الأنقاض.

وخلال الأيام الأولى من اندلاع الحرب في غزة كانت الأطقم الطبية في كل المستشفيات تحدد اسم وجنس ورقم هوية كل ضحية تصل إليها، وكانت وزارة الصحة تنشر حصيلة يومية للقتلى من خلال الجمع بين هذه الأرقام.

لكن انهيار النظام الطبي في غزة بعد شهور من القتال جعل من إحصاء القتلى عملية صعبة للغاية، وفقا لتقرير  في صحيفة “واشنطن بوست”.

ويشير أحدث تقرير لوزارة الصحة إلى أن هناك نحو 6000 جثة لا تزال مجهولة الهوية، وهناك أيضا من لم يتم إحصاؤهم، قضوا تحت الأنقاض أو تم دفنهم مع أفراد أسرهم دون أن يتم نقلهم إلى المستشفى أو المشرحة.

يقول الخبراء إن عدد القتلى الحقيقي ربما يكون أعلى من ذلك بكثير.

قصص الناجين

من بين هؤلاء عبير شبكة، التي كانت تستضيف شقيقتها ووالدتها لتناول الشاي في منزلها بمدينة غزة، عندما ضربت غارة إسرائيلية المكان في 6 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

تقول عبير “شعرت وكأننا جميعا تحت الأرض.. سمعت والدتي تصرخ، لكنني لم أعرف أين كانت، رأيت هيا (شقيقتها) بدت وكأنها نائمة”.

ظلت عبير تصرخ حتى وصلت النجدة، وتم انتشالها في النهاية من تحت الأنقاض، لكن لا تزال والدتها وشقيقتها مفقودتين تحت الأنقاض.

ودون جثتيهما، أو تأكيد وفاتهما، لم تتمكن الأسرة من تسجيلهما لدى وزارة الصحة في غزة، ولا تزالان غير محسوبتين ضمن ضحايا الصراع.

ووفق “واشنطن بوست” قد لا تتضح الصورة بشكل كامل إلا بعد انتهاء الحرب ليتمكن الباحثون الذين تمنعهم إسرائيل حاليا من دخول غزة من الوصول إلى القطاع وفحص الوضع.

ويقول مايك سباجات، الأستاذ المتخصص في أعداد الضحايا في جامعة لندن، إن “الأسر غير قادرة على تسجيل موتاها لأسباب متنوعة”.

مشيرا إلى أنه “من غير الواضح عدد الجثث التي مرت بالمستشفيات دون تسجيلها، أو من هم الأقارب الذين ربما لم يتمكنوا من تسجيل وَفَيَات، يضاف إلى ذلك مقتل عائلات بأكملها ولم يتبق أحد لتوثيق الوفاة”.

بيانات مفتوحة المصدر

ومنذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 قام الباحثون في “إيروارز”، منظمة مراقبة بريطانية تتعقب الأضرار التي تلحق بالمدنيين، بفحص المصادر المفتوحة بحثا عن هويات القتلى في الضربات الإسرائيلية.

ويتم جمع الأسماء من المنشورات على الإنترنت والتقارير الإخبارية، وحيثما أمكن من جوانب أكياس الجثث، ثم يتم التحقق منها عبر مقارنتها بقوائم وزارة الصحة.

وحددت المنظمة ما يقرب من 3000 حالة وفاة في أول 17 يوما من الحرب، ووجد تحليل أجرته صحيفة “واشنطن بوست” لبيانات “إيروارز” أن أكثر من 30 في المائة من الوفيات في قوائم المنظمة لم يتم إدراجها من قبل وزارة الصحة.

وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قتلت غارة جوية على مخيم جباليا للاجئين محمد نبيل سعدات وابن عمه إسماعيل، إلى جانب عشرات آخرين.

ولاحقا ظهر اسم محمد في قائمة وزارة الصحة، وفقا لمنظمة إيروارز، فيما لم يظهر اسم إسماعيل.

وقالت إيروارز إن سبعة أفراد من عائلة الزويدي قُتلوا في نفس الهجوم، ولم يدرج أي منهم في الإحصاءات الرسمية.

وعن هذه الجزئية علقت إميلي تريب، مديرة إيروارز، بقولها إن البيانات المستقاة من معلومات مفتوحة المصدر “لا يمكن أن توفر سوى نافذة محدودة”، مضيفة “ما تمكنا من جمعه لم يكن سوى قمة جبل الجليد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى