الشرق الأوسط

حملة حصر السلاح بيد الدولة: هل تفقد معناها دون شمول الفصائل العراقية؟


 أعلنت وزارة الداخلية العراقية أسعار ومعايير شراء الأسلحة من المواطنين ضمن حملتها لـ”حصر السلاح” بيد الدولة، إذ يشكل السلاح المنفلت أحد أسباب تردي الأوضاع الأمنية وتزايد معدلات الجريمة. غير أن المشكلة التي تواجهها هذه الحملات المتكررة هي عدم قدرتها على المساس بالفصائل المسلحة المدعومة من إيران.

وقال الناطق باسم الوزارة العميد مقداد ميري في مؤتمر صحفي إن “الوزارة بدأت بشراء الأسلحة المتوسطة من المواطنين في جميع المحافظات العراقية باستثناء إقليم كردستان، وفق ضوابط أعدتها الجهات المختصة”.

وأشار إلى أن “قيادات الشرطة تتولى عملية شراء الأسلحة من المبالغ المخصصة لميزانية الطوارئ، وتشكل لجنة في قيادة شرطة المحافظة بقيادة قائد الشرطة. وعضوية كل من مدير البنى التحتية ومدير قسم التدقيق الداخلي ومدير الحسابات ومدير شعبة السيطرة وتنظيم السلاح، مهمتها شراء السلاح وتنظيم الصكوك للمواطنين”.

وبحسب ميري “ستُحدد أسعار الأسلحة المتوسطة بين 2 و4 ملايين دينار عراقي حسب حالتها الفنية”. وأكد أن “الأسلحة غير الصالحة للاستعمال، ستُشترى بـ500 ألف دينار عراقي”.

ودعا المواطنين للتعاون مع السياسة “الوطنية لحصر السلاح بيد الدولة لتعزيز الأمن والتنمية المستدامة”.

وتنتشر أسواق بيع الأسلحة في جميع المحافظات العراقية، بعض تلك الأسواق علني وتعرض موجوداته من أسلحة وأعتدة في متاجر خاصة، والبعض الآخر سري يخفي ما يبيعه. وتُجرى عمليات البيع والشراء عبر تجار ووسطاء يتواصلون مع بعضهم البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وتشير إحصاءات رسمية في العراق إلى وجود أكثر من 7 ملايين قطعة سلاح تتراوح بين الخفيف والمتوسط والثقيل بأيدي المواطنين. وفي هذا الإطار، تكشف تقارير أن الصراعات العشائرية في محافظات البصرة وميسان وذي قار عام 2022 تجاوزت حدود الـ1000 نزاع استُخدمت في بعضها مدافع الهاون والقاذفات المضادة للدروع.

غير أن الأزمة في العراق ليست محصورة بالسلاح المنتشر في أيدي المواطنين. فهناك فصائل مرتبطة بإيران لديها كميات ضخمة من الأسلحة تستخدمها أحياناً في استهداف القوات الأميركية المنتشرة في العراق أو في سوريا المجاورة بهدف إرغامها على الرحيل.

وعلى رغم هزيمة “داعش” في عام 2017، لا يزال العراق يعاني حتى اليوم من نشاط خلايا التنظيم التي تشن هجمات متفرقة ضد قوات الأمن، أو تنفذ تفجيرات في أماكن عامة.

ويرى متابعون أن الشعارات المتكررة بشأن حصر السلاح بيد الدولة في من برامج الحكومات المتتالية، لا تتم ترجمتها إلى الخطوات على الأرض. وها هي الحال تتكرر مجدداً مع حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إذ لا جدية كبيرة في قضية حصر السلاح. وأمسى السياسيون يضعون تفسيرات عديدة للملف، فمنهم من يركز على حصر السلاح الذي تمتلكه الأسر العراقية كوسيلة دفاع وحماية. ومنهم من ينظر إلى سلاح العشائر في محاولة للابتعاد عن سلاح الأحزاب أو المجاميع المسلحة. التي بات معظم أسلحتها مشرعنة عبر إجازات الحيازة والحمل.

وتعجز الحكومات عن التضييق على نشاطات المجموعات المسلحة لأسباب تعود لنفوذها السياسي الطاغي ونفاذها داخل الأجهزة الأمنية. وأية محاولة لحصر السلاح وفق الوضع الراهن لن تكون أبعد من شعارات ومشاريع على الورق من دون خطوات جادة وفاعلة.

وشكلت حكومة السوداني، 14 لجنة متخصصة بحصر السلاح. تضم في عضوياتها ممثلي وزارات الداخلية والعدل والخارجية وجهاز مكافحة الإرهاب والأمن الوطني والمخابرات والوقفين الشيعي والسني وممثلية بعثة الأمم المتحدة في العراق. وانبثقت منها لجان فنية ومالية مهمتها تحديد أسعار شراء السلاح المتوسط والثقيل من المواطنين. 

وفي ما يخص سلاح الفصائل التابعة للحشد الشعبي، فإن خطة حصر السلاح لم تتضمن في أي من مراحلها شيئاً يتعلق بسلاح الفصائل. ويرى المسؤولون أنه من الصعب التعامل مع هذا السلاح، وأي محاولة بهذا الخصوص ستؤدي إلى نشوب صراع مسلح دامٍ. لذلك يعتبر هذا الملف بحاجة إلى مشاورات واتفاقات سياسية خاصة.

وفقاً لمصادر أمنية، فإن الفصائل المسلحة تُخزّن عشرات آلاف القطع من الأسلحة في أماكن غير رسمية داخل الأحياء السكنية. ومع عدم ملاءمة تلك المواقع للتخزين. وقع أكثر من 30 انفجاراً فيها بين عامي 2016 و2022 في بغداد وبعض المحافظات وخلّفت عشرات الضحايا.

وذكرت المصادر أنه في عام 2019 كان معدل الوفيات الناجمة عن استخدام الأسلحة النارية في العراق أعلى من تلك المسجلة في الولايات المتحدة. والأعلى أيضاً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقاً لإحصاءات جامعة واشنطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى