الشرق الأوسط

دمشق تنفي مغادرة الأسد البلاد رغم تطويق المعارضة للعاصمة


 

 نفت الرئاسة السورية اليوم السبت أن يكون الرئيس بشار الأسد قد غادر دمشق، مؤكدة أنه يتابع عمله منها، وذلك عقب إعلان فصائل معارضة أنها اقتربت من العاصمة وبدأت مرحلة تطويقها، بينما نفت كل من مصر والأردن صحة تقرير إعلامي أميركي أشار إلى أن البلدين حثا الأسد على مغادرة البلاد وتشكيل حكومة في المنفى.

وندّدت الرئاسة في بيان بـ”شائعات وأخبار كاذبة حول مغادرة الرئيس بشار الأسد دمشق”، مؤكدة أنه “يتابع عمله ومهامه الوطنية والدستورية من العاصمة”.

ونفت عمان والقاهرة اليوم السبت بشكل قاطع صحة تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية ذكر أن مسؤولين مصريين وأردنيين حثوا الأسد، على مغادرة البلاد وتشكيل حكومة في المنفى.
وقالت مصر، في بيان لوزارة خارجيتها، إنها تنفي بشكل قاطع صحة ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال بأن مسؤولين مصريين دعوا الأسد إلى ترك البلاد وتشكيل حكومة في المنفى، مؤكدة أن “تلك المعلومات لا أساس لها من الصحة جملة وتفصيلا”.
ودعت الخارجية المصرية “كافة وسائل الإعلام إلى تحري الدقة فيما يتم نشره من معلومات” وعلى النحو ذاته، قالت السفارة الأردنية في واشنطن “ننفي بشدة المزاعم التي لا أساس لها، التي وردت في مقالة صحيفة وول ستريت جورنال”.

وفي منشور عبر منصة “أكس”، أضافت السفارة أن “الادعاء بأن المسؤولين الأردنيين حثوا الأسد على مغادرة سوريا وتشكيل حكومة في المنفى، هو ادعاء عار تماما عن الصحة وغير صحيح”.
وأعربت عن الأسف لـ”نشر وسيلة إعلامية مرموقة معلومات غير مؤكدة ومضللة دون إجراء التحقق اللازم من الحقائق”.
ولفتت السفارة إلى أنه “لم يتصل بها أحد من صحيفة وول ستريت جورنال للتحقق من هذا الادعاء ما يعد انتهاكا خطيرا للمعايير الصحفية”، متابعة “نرفض هذا التزوير بشكل قاطع وندعو إدارة الوسيلة الإعلامية إلى إصدار تصحيح فوري”.
ويأتي هذا في وقت يواصل فيه مقاتلو المعارضة السورية تقدمهم الخاطف وأعلنوا سيطرتهم على معظم أنحاء المناطق الجنوبية، فيما تحاول القوات الحكومية الدفاع عن مدينة حمص في مسعى لإنقاذ حكم الرئيس بشار الأسد المستمر منذ 24 عاما.

واجتاح مقاتلو المعارضة حلب قبل أسبوع لتنهار بعدها الدفاعات الحكومية في أنحاء البلاد بسرعة مذهلة إذ استولى المقاتلون على سلسلة من المدن الكبرى وانتفضوا في أماكن بدا أن المعارضة انتهت فيها منذ فترة طويلة.

وإلى جانب السيطرة على حلب في الشمال وحماة في الوسط ودير الزور في الشرق، قال مقاتلو المعارضة إنهم سيطروا على القنيطرة ودرعا والسويداء في الجنوب وتقدموا لمسافة 50 كيلومترا من العاصمة.

وتركزت دفاعات الحكومة على حمص، إذ أفاد التلفزيون السوري الرسمي ومصادر عسكرية سورية بشن غارات جوية كبيرة على مواقع للمعارضة ووصول موجة من التعزيزات للتمركز في محيط المدينة.

وفي الوقت نفسه، وسعت المعارضة نطاق سيطرتها لتضم جنوب غرب البلاد بالكامل تقريبا وأعلنت سيطرتها على مدينة الصنمين على الطريق السريع الرئيسي الذي يمتد من دمشق إلى الأردن. بينما قال الجيش السوري إنه يعيد تمركز قواته دون الاعتراف بفقد السيطرة على مناطق.

وما إن أعلنت الفصائل المعارضة بدء استعدادها لتطويق دمشق. حتى ساد الهلع شوارع العاصمة، مع مسارعة سكان للتموين، في وقت خرج عشرات الشبان في ضاحية جرمانا وأسقطوا تمثالا للرئيس الراحل حافظ الأسد.

وتقول رانيا، الحامل في شهرها الثامن، بينما كانت تبحث منذ ساعات عن دواء “أشعر بالخوف الشديد على نفسي وابنتي التي في بطني”.

وتضيف بينما ملامح القلق ترتسم على وجهها على وقع توارد الأنباء عن انسحاب القوات الحكومية من مواقعها “لم يكن الوضع كذلك عندما خرجت من المنزل صباحا، لكن فجأة شاهدت الناس خائفين”.

ورغم أنها لم تعثر على الدواء الذي تبحث عنه، فضّلت أن تعود أدراجها “بعدما طلب مني زوجي العودة إلى المنزل حالا”.

ولم تشهد دمشق، وفق ما قال سكان، منذ سنوات حالة مماثلة من الهلع. فيما أغلقت غالبية المحال والمؤسسسات التجارية وحتى الصيدليات أبوابها. وقال ثلاثة اشخاص إنهم واجهوا صعوبة بالغة في العثور على أدوية أو مواد غذائية.

وفي ساحة المحافظة وسط دمشق، اكتظت السيارات بعضها خلف بعض. بينما كان مارة يسيرون وهم يحثون الخطى، إلى جانب ازدحام كبير على أجهزة السحب الإلكتروني قرب المصارف.

وزادت الأنباء والرسائل التي تم تناقلها عبر مواقع الانترنت والتطبيقات، حول مغادرة الرئيس بشار الأسد دمشق، الوضع سوءا.

وواظبت شرطة المرور على تنظيم حركة السيارات في الشوارع الرئيسية. التي شهدت اكتظاظا، بينما سجّل انتشار لقوى الأمن والجيش في منطقة المزة. التي تضم مقار ومؤسسات أمنية ودبلوماسية.

وخلال جولة مساء على عدد من أحياء العاصمة، قال وزير الداخلية السوري اللواء محمّد الرحمون “أطمئن المواطنين هناك طوق قوي جدا أمني وعسكري على الاطراف البعيدة لدمشق وريفها”. مؤكداً أنه “لا يمكن لأي كان، لا هم ولا مشغليهم ولا داعميهم أن يخترقوا هذا الخط الدفاعي. الذي نقوم به القوات المسلحة” وعن حالة الهلع في دمشق، اعتبر الرحمون أن “من حق الناس أن تقلق”.

وعلى بعد بضعة كيلومترات جنوب شرق دمشق، اختلف المشهد تماما في ضاحية جرمانا. حيث تقطن غالبية من الدروز والمسيحيين، وعائلات نزحت خلال سنوات الحرب التي تشهدها سوريا منذ العام 2011.

وفي ساحة وسط المدينة، تجمع عشرات المتظاهرين اليوم السبت قرب تمثال نصفي للرئيس الراحل حافظ الأسد. ورفع أحدهم علم طائفة الموحدين الدروز وهم يرددون هتاف “سوريا لنا وليست لعائلة الأسد“.

وأسقط عدد من المتظاهرين التمثال الذي كان مرفوعا على قاعدة داخل الساحة. وفق ما أفاد شاهدا عيان وكالة فرانس برس.

وقال شاهد عيان من دون ذكر اسمه “تجمع عشرات الشبان في ساحة وسط المدينة وأسقطوا التمثال عن قاعدته” وأكد آخر أنه شاهد “القاعدة من دون التمثال” الذي يظهر رأس الأسد وكتفيه.

وأظهر شريط فيديو عشرات الشبان أثناء إسقاط التمثال قبل سحبه في الشارع. على غرار ما جرى السبت في مدينة درعا وقبل أيام في مدينة حماة التي سيطرت عليها الفصائل المعارضة.

وتعيد تلك المشاهد الى الأذهان التظاهرات الاحتجاجية التي كانت قد شهدتها مناطق عدة في البلاد بدءا من عام 2011، قبل تحولها إلى نزاع دام ومدمر.

وفي دمشق، يقول محمّد (35 عاما) “تعتريني مشاعر مختلطة، مزيج من الصدمة والخوف والقلق من المستقبل، وفي الوقت ذاته محاولة للشعور بالطمأنينة ولو كان ذلك مزيفا”.

ويضيف “خلال السنوات الماضية، اختبرنا الكثير من المخاوف. لكن شعور اليوم مختلف تماما. أعتقد أنني أشهد أياما تاريخية”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى