سياسة

تصريحات ‘استفزازية’.. موجة غضب لبناني ضد نائبة المبعوث الأميركي


لم تكن الزيارة الأولى للبنان التي أجرتها مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف هادئة، إذ تبعتها ردود فعل رسمية وشعبية مستنكرة وغاضبة من احتفائها من بيروت بما ألحقته إسرائيل بلبنان جراء عدوانها عليه، مرتديةً خاتما يحمل رمز نجمة داوود.
ومن على منبر القصر الجمهوري في منطقة بعبدا شرق العاصمة. أكدت أورتاغوس للرئيس جوزيف عون الجمعة على دعم الولايات المتحدة للبنان. لكنها في الوقت ذاته أفضت عن تدخل سافر في السيادة اللبنانية وكأن لبنان مجرد تابع مطيع قراره بيد واشنطن.

وفي مؤتمر صحفي عقب لقائها عون، وضعت المسؤولة الأميركية قواعد الدبلوماسية جانبا، وتغنّت بعدوان إسرائيل على لبنان .واحتفت بما أسمته بدء “عصر نهاية إرهاب حزب الله بهزيمته على يد إسرائيل”.
وقالت أورتاغوس “لم أشهد يوما هذا القدر من الحماسة في الولايات المتحدة ومن الجالية اللبنانية بالعالم بشأن مستقبل هذا البلد”. معتبرة أن “ذلك يعود إلى حد كبير إلى هزيمة حزب الله على يد تل أبيب”
وأضافت ردا على سؤال أحد الصحفيين “بالتأكيد لا أخشى حزب الله، ولست خائفة لأنهم هُزموا عسكريا، لقد وضعنا خطوطا حمراء واضحة في الولايات المتحدة. ولن يُسمح لهم بترهيب الشعب اللبناني، بما في ذلك أن يكونوا جزءا من الحكومة. بدأ عصر نهاية إرهاب حزب الله في لبنان والعالم، انتهى الأمر”.
وتعدّ زيارة أورتاغوس هي الأولى لأرفع مسؤول أميركي إلى بيروت منذ تولي عون الرئاسة في 9 يناير/كانون الثاني الماضي، في إطار جولة في الشرق الأوسط تشمل أيضا إسرائيل، وربما الأردن.

 رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي

وما لبثت أن تبرأت الرئاسة اللبنانية من تصريحات المسؤولة الأميركية “الاستفزازية”، قائلة إنها “غير معنية ببعض ما صدر” عنها.
بينما قال النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة التي تمثل حزب الله في البرلمان اللبناني “ما صرّحت به المبعوثة الأميركية زاخر بالحقد. وينمّ عن انعدام المسؤولية ويعدّ تطاولا على مكوّن وطني في لبنان”.
وأضاف في بيان، أن “تصريح أورتاغوس يعد تدخلا سافرا في السيادة اللبنانية. وخروجا عن كل اللياقات الدبلوماسية ومقتضيات ‏العلاقات الدولية”. متابعا “صورة القُبح التي أظهرتها حرب إسرائيل ضد قطاع غزة وضد لبنان تكفي للحكم عند كل الناس في ‏العالم من هو الذي يدعم الإرهاب ويسلحه ويموّله ويهجّر الناس من أرضهم”.

بدوره، ندد النائب قاسم هاشم المقرّب من حركة أمل التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه برّي بتصريحات أورتاغوس. معتبرا أن “هذا الموقف يشكل “خروجًا عن الأدبيات والالتزامات الدبلوماسية وتدخلا مباشرًا في الشؤون الوطنية والسيادية”.
في السياق ذاته، اعتبر رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة. أن “ما أدلت به المسؤولة الأميركية قد أضاف إلى مشكلات لبنان مشكلة جديدة كان يجب الاستغناء عنها في تصريحها، لا سيما أن إسرائيل قد تسبّبت في عدوانها على لبنان بسقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمصابين. وكذلك بالتدمير والتخريب والتجريف الهائل للبلدات والقرى اللبنانية”.
وأضاف السنيورة “إسرائيل لا تزال تعتدي على لبنان واللبنانيين. وتحتلّ أراضي لبنانية، وتمتنع عن تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالبلاد، ولا سيما القرار الدولي 1701”.

ويدعو القرار الأممي 1701 الصادر في 11 أغسطس/آب 2006 إلى وقف العمليات القتالية بين حزب الله وتل أبيب آنذاك. وإنشاء منطقة خالية من السلاح بين الخط الأزرق المحدد لخطوط انسحاب الدولة العبرية من الأراضي اللبنانية عام 2000 ونهر الليطاني جنوب لبنان. باستثناء الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة “يونيفيل”.
وعلى المستوى الشعبي، أثارت تصريحات أورتاغوس غضبا عارما. حيث اتهمت بالتعدي على سيادة وكرامة لبنان واللبنانيين الذين لم يتجاوزوا بعد أهوال عدوان إسرائيل الأخير، خاصة مع خروقاتها المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار واستمرار غاراتها .
وتعبيرا عن غضبهم، نفّذ لبنانيون وقفة احتجاجية في بيروت رفضا لشكر المسؤولة الأميركية لإسرائيل على “هزيمة حزب الله“.

وتجمّع عدد من مناصري الحزب على مدخل مطار بيروت الدولي. حاملين أعلامه وصورًا لأمينه العام السابق حسن نصر الله الذي اغتالته إسرائيل أواخر سبتمبر/أيلول 2024 بغارة عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية باستخدام صواريخ مضادة للتحصينات.
في الأثناء، عزّز الجيش اللبناني انتشاره أمام مدخل المطار دون حصول أي إشكالات تُذكر. كما نفّذ عدد من المواطنين تجمعًا عند مثلث طيرحرفا – الجبين جنوب لبنان استنكارًا لزيارة أورتاغوس إلى المنطقة.
وشارك في الاعتصام أهالي القرى التي دمّرت منازلهم في الحرب .
بموازاة ذلك، عبّر لبنانيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم واستنكارهم لتصريحات أورتاغوس، مؤكدين أنها تنطوي على ازدراء للبنان واللبنانيين وتضرب بالسيادة اللبنانية عرض الحائط.

ودعا مواطنون لتنظيم تحركات ترفض مثل هذه التصريحات “الجاهلة” والتي تتناسى أن لبنان الرسمي والشعبي يعد الدولة العبرية عدوا له، وليس فقط حزب الله. وأن لبنان كله ذاق مِرارا ويلات الحروب الإسرائيلية وتعرّض ولا يزال لاحتلال جزء من أراضيه. كما أن الخروقات والتدمير الممنهج لقراه لم تتوقف رغم اتفاق وقف إطلاق النار.
وتضمن الاتفاق مهلة 60 يوما، تنسحب خلالها إسرائيل من البلدات التي احتلتها في جنوب لبنان خلال الحرب. لكن تل أبيب رفضت تنفيذ الانسحاب الكامل خلال المهلة. التي انتهت فجر 26 يناير/كانون الثاني 2025، قبل أن تعلن الولايات المتحدة عن اتفاق إسرائيلي لبناني على تمديدها حتى 18 فبراير/شباط الجاري.
التعليقات والاستنكارات على تصريحات أورتاغوس لم تقف عند هذا الحد. إنما أثارت مزيدا من الجدل بإقدامها على ارتداء خاتم برمز نجمة داوود خلال لقائها الرئيس اللبناني نواف سلام.

بينما أفادت صحيفة “النهار” اللبنانية، بأن المسؤولة الأميركية عادت ونزعت الخاتم الذي يرمز لإسرائيل. بعد لقائها سلام ورئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وقبل مغادرتها لبنان، نشرت أورتاغوس عبر حسابها على منصة “إكس” صورة لها مع ضابط بالجيش اللبناني وهي تحمل صاروخا وأرفقتها بتعليق “كل هذا في يوم عمل”.

ووفق إعلام محلي، فالصاروخ الذي تحمله إيراني الصنع. بينما رجّح البعض أن يكون من المخازن التابعة لحزب الله والتي ضبطها الجيش اللبناني، وذلك من دون أي تأكيد أو نفي رسمي في لبنان.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالا عن 4 آلاف و104 قتلى و16 ألفا و890 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص. وتم تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد العدوان في 23 سبتمبر/أيلول الماضي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى