الانتخابات الفيدرالية الألمانية 2025 تنطلق وسط أجواء مشحونة

وانطلقت عملية التصويت في الساعة الثامنة صباحًا (07:00 بتوقيت غرينتش) مع تواجد أكثر من 59 مليون ألماني مؤهلين للإدلاء بأصواتهم.
ومن المتوقع صدور التقديرات الأولية بناءً على استطلاعات الرأي بعد إغلاق صناديق الاقتراع في الساعة السادسة مساءً (17:00 بتوقيت غرينتش).
وتجري الانتخابات التي يتابعها العالم بأسره في وقت تواجه فيه أكبر قوة اقتصادية في أوروبا تراجع نموذجها للازدهار الاقتصادي المتبع منذ الحرب العالمية الثانية.
فبين الانكماش الاقتصادي والتهديد بحرب تجارية مع واشنطن وإعادة النظر في الرابط الأطلسي و«المظلة» الأمريكية التي كانت برلين تعوّل عليها حتى الآن لضمان أمنها، بات «مصير» ألمانيا على المحك، بحسب ما أكد السبت زعيم المحافظين فريدريش ميرتس، الذي يُرجّح أن يكون المستشار المقبل.
ويبدو ميرتس في موقع متقدم للفوز في الانتخابات وتحويل مسار البلاد إلى خط يميني بعد الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتز.
وتشير استطلاعات الرأي إلى فوزه بحوالي 30% من نوايا التصويت.
في المقابل، تمنح التوقعات حزب «البديل من أجل ألمانيا» ما لا يقل عن 20% من الأصوات، وهي نسبة قياسية لهذا الحزب من أقصى اليمين، وتبلغ ضعف ما حققه في الانتخابات الأخيرة.
وفرض الحزب المعادي للهجرة والمؤيد لروسيا أجندته على الحملة الانتخابية بعد عدد من الاعتداءات التي نفذها أجانب في ألمانيا.
ووقع آخر هذه الاعتداءات، مساء الجمعة، حين أصيب سائح إسباني بجروح بالغة طعنًا عند النصب التذكاري للهولوكوست (محرقة اليهود) في برلين، وقبضت الشرطة على مشتبه به هو شاب سوري كان يريد «قتل يهود»، وفق ما أفاد القضاء.
وحظي حزب «البديل من أجل ألمانيا» بدعم كبير على مدى أسابيع من أوساط ترامب، ولم يدّخر مستشاره المقرّب إيلون ماسك جهدًا للترويج لزعيمته أليس فايدل، التي تتصدر قائمة مرشحيه على منصته «إكس».
وكتب ماسك صباح الأحد: «البديل من أجل ألمانيا»، مرفقًا منشوره بأعلام ألمانية.
وتجري هذه الانتخابات المبكرة عشية الذكرى الثالثة لعملية روسيا العسكرية في أوكرانيا، التي كان لها وقع الصدمة في ألمانيا، ولا سيما مع وقف إمدادات الغاز الروسي للبلاد واستقبالها أكثر من مليون أوكراني.
وإلى جانب مخاطر السلام الذي تتفاوض واشنطن بشأنه مع موسكو حصرًا، مستبعدة منه كييف والأوروبيين، تخشى ألمانيا كذلك التبعات الاقتصادية للرسوم الجمركية المشددة التي أعلن ترامب أنه يعتزم فرضها على الأوروبيين.
وعند سؤاله عن الانتخابات الألمانية، قال الرئيس الأمريكي إنه يتمنى «حظًا سعيدًا» لهذا الحليف التاريخي للولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنه يواجه «مشكلاته الخاصة».
وتعمّق الشقاق بين واشنطن وبرلين مع الخطاب الشديد النبرة الذي ألقاه نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس في ميونخ، ودعا فيه الأحزاب التقليدية الألمانية إلى التخلي عن رفضها التحالف في الحكم مع أقصى اليمين، وهي مسألة تعتبر من المحرّمات في هذا البلد.
ورأى ميرتس، الجمعة، أنه «حتى بدون الأمريكيين، يبقى موقعنا في قلب أوروبا»، داعيًا إلى منحه «تفويضًا قويًا من الناخبين» حتى تتمكن ألمانيا من «الاضطلاع بدور قيادي» في أوروبا.
ضبابية تشكيل الحكومة
ومن المحتمل، في ظل النظام البرلماني الألماني، أن تستغرق المفاوضات أسابيع أو حتى أشهر قبل تشكيل حكومة جديدة.
وفي سعيها لتشكيل ائتلاف حكومي، قد تتجه كتلة محافظي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي، التي تستبعد تحالفًا مع «البديل من أجل ألمانيا» بالرغم من إبداء بوادر تقارب معه حول مسألة الهجرة خلال الحملة، إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وتمنح استطلاعات الرأي هذا الحزب 15% من نوايا التصويت، ما يجعله شريكًا محتملاً.
وستكون هذه النسبة أسوأ نتيجة للحزب في فترة ما بعد الحرب، وستشكل على الأرجح نهاية مسار شولتز في السياسة، غير أنه يتحتم عليه تولي مهامه خلال الفترة الانتقالية.
وقال ميرتس، مبدياً تفاؤله: «آمل أن يتم إنجاز تشكيل الحكومة بحلول عيد الفصح» في 20 أبريل/نيسان.
وسيكون من الصعب تحقيق هذا الهدف في حال عجز الحزبان المهيمنان على الحياة السياسية الألمانية منذ 1945 عن الحصول معًا على غالبية برلمانية، ما سيرغمهما على البحث عن شريك ثالث.
ويتوقف الأمر إلى حد بعيد على نتائج التشكيلات السياسية الصغيرة. فإن تخطت عتبة 5%، ستكون ممثلة في البرلمان، ما سيزيد من صعوبة تشكيل ائتلاف من حزبين.