الشرق الأوسط

تمرد العلويين في الساحل السوري.. هل هو تحرك محلي أم بأوامر إيرانية؟


خاضت قوات الأمن التابعة للإدارة السورية الجديدة معارك لليوم الثاني على التوالي اليوم الجمعة لإخماد تمرد ناشئ من مسلحين من الطائفة العلوية. التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد في غرب سوريا. ووردت أنباء عن مقتل العشرات فيما يعد أكبر تحد تواجهه الحكومة التي يقودها الإسلاميون حتى الآن، بينما تضاربت الأنباء حول دور إيراني محتمل في تحريك التمرد في الساحل السوري.

وإلى الآن لم تبد طهران تجاوبا مع السلطة الجديدة التي أطاحت بحليفها الأسد وأعادت خلط أوراقها وأنهت دورها في سوريا التي تعتبر منطقة جيوستراتيجية لنفوذها في الشرق الأوسط ولمشروع تمددها. ما يشير إلى أن احتمال لعبها دورا لزرع الفوضى وارباك الوضع يبقى أمرا واردا.

ومن ضمن الاحتمالات الأخرى أن تكون قد حركت أيضا حزب الله اللبناني للعب دور في زعزعة استقرار مناطق في سوريا. لكن تبقى كلها مجرد احتمالات بلا أدلة قاطعة على دورهما في الأحداث الدموية التي شهدتها مناطق تقطنها الأقلية العلوية.

وتتمتع إيران بنفوذ كبير في سوريا خاصة في المناطق التي يقطنها العلويون. ويعتقد البعض أنها استخدمت هذا النفوذ لتأجيج التوترات وتحريك التمرد لتحقيق مصالحها بعد انحسار نفوذها. وأنها اعتادت أن تلعب مثل هذه الأوراق في إعادة ترتيب الأمور .بما يخدم مصالحها ولتوظيف أيضا المظلومية التي قد يلجأ لها العلويون لإظهار أنهم يتعرضون للاضطهاد.

ويرى البعض أن إيران قد تكون شجعت بعض العناصر العلوية على التمرد للضغط على النظام الحالي الذي أسقط حليفها وتحقيق مكاسب سياسية. فيما لم تهدأ جهودها لتوسيع نفوذها في المنطقة وأن تحريك التمرد العلوي قد يكون جزءا من هذه الاستراتيجية.

لكن بعض التحليلات ترى في المقابل أن التمرد العلوي هو حركة محلية نابعة من استياء العلويين من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة وأن الأحداث الأخيرة ليست مرتبطة بالضرورة بتدخلات خارجية بالرغم من أن الوضع السوري معقد للغاية وتتداخل فيه العديد من المصالح الإقليمية والدولية. ما يجعل من الصعب تحديد دور إيران بشكل قاطع في تحريك التمرد.

وهناك اختلافات عقائدية واجتماعية بين العلويين والشيعة. مما يجعل فكرة التحالف الكامل بينهما غير محتملة، فالعلويين يسعون للحفاظ على هويتهم المستقلة، ومن الصعب أن يخضعوا لإملاءات خارجية.

وقالت السلطات السورية إن مسلحين من فلول نظام الأسد شنوا هجوما داميا “مدروسا” على قوات الحكومة في المنطقة الساحلية، التي يقطنها عدد كبير من المنتمين للأقلية العلوية.

ولم تعلن السلطات عدد القتلى، لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن أكثر من 120 شخصا قتلوا، مؤكدا أن قوات الأمن السورية أقدمت على “إعدام” 90 شخصا من أبناء الطائفة العلوية. وقال ناشطان علويان طلبا عدم الكشف عن هويتهما نظرا لحساسية الأمر إن عمليات القتل حدثت اليوم الجمعة واتهما مسلحين تابعين لإدارة البلاد الجديدة.

وتركزت أعمال العنف الخميس في منطقة جبلة الساحلية لكن الاضطرابات انتشرت على نطاق أوسع. وذكرت الوكالة العربية السورية الرسمية للأنباء في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة أنه تقرر فرض حظر تجوال في مدن اللاذقية وطرطوس.

وأضافت الوكالة نقلا عن مصدر أمني أن القوات الحكومية بدأت عمليات تمشيط واسعة في مراكز المدن والقرى المحيطة وتم نصح المدنيين بالبقاء في منازلهم.

وقال أحد سكان مدينة اللاذقية عبر الهاتف إن الاشتباكات مستمرة هناك منذ 12 ساعة، مضيفا أن تعزيزات حكومية وصلت إلى المدينة.

وذكر شاهد بمدينة طرطوس أنه سمع دوي إطلاق نار كثيف بالتزامن مع دخول القوات الحكومية المدينة صباح اليوم الجمعة وبدأت في إطلاق النار في الهواء.

وأكد مصدر أمني أن التعزيزات تمكنت من دخول مدينة اللاذقية صباح اليوم الجمعة بعد أن عجزت عن ذلك أمس الخميس بسبب قطع الطريق.

وقال إن الاشتباكات مستمرة على مشارف المدينة وإن قوات الأمن تعمل على فتح الطريق إلى جبلة الذي قطع أيضا وإن ميليشيات مرتبطة بالأسد تحاصر عددا من المواقع في جبلة.

ويقول ناشطون علويون إن الطائفة تعرضت للعنف والهجمات منذ سقوط الأسد وخاصة في ريف حمص واللاذقية.

وخرجت حشود شعبية اليوم الجمعة في مظاهرات بعدة محافظات سورية دعما لقوات الأمن والجيش في عملياتها ضد فلول نظام الأسد.
وشهدت ساحة سعد الله الجابري بمدينة حلب، تجمعا شعبيا “لدعم جهود الدولة السورية في محاربة فلول ميليشيات الأسد، وللتأكيد على وحدة الشعب السوري في محاربة الخارجين عن القانون”، وفق سانا.
كما خرجت حشود كبيرة في العاصمة دمشق، ومحافظات حمص ودرعا وحماة والقنيطرة ومدينة البوكمال في دير الزور “تأكيدا على دعم جهود قوات وزارة الدفاع والأمن العام لتعزيز الأمن والاستقرار والقضاء على فلول النظام البائد”.
ومساء الخميس، خرجت مظاهرات ووقفات شعبية بمناطق عدة تزامنا مع استنفار أمني كبير وتداعي قوات أمنية وعسكرية من مناطق سورية عدة لدعم جهود التصدي للهجوم الواسع الذي تشنه مجموعات من فلول النظام المخلوع بمنطقة جبلة وريفها في محافظة اللاذقية شمال غرب البلاد.

وتعهد الشرع بإدارة سوريا بنهج يحتوي الجميع، لكن لم يتم بعد الإعلان عن أي اجتماعات بينه وبين كبار الشخصيات العلوية، على النقيض من أعضاء أقليات أخرى مثل الأكراد والمسيحيين والدروز.

وجندت الحكومة في عهد الأسد أعدادا كبيرة من الطائفة العلوية في أجهزة الأمن والجهاز الإداري في الدولة التي تسعى السلطات التي يقودها الإسلاميون حاليا إلى إعادة تشكيلها، ومن هذه المساعي تنفيذ عمليات تسريح لأعداد كبيرة.

وفي حين نجح الشرع في إخضاع معظم مناطق سوريا ذات الأغلبية السنية لسيطرة دمشق، إلا أن مناطق مهمة لا تزال خارج سيطرتها، ومنها الشمال الشرقي والشرق اللذان تسيطر عليهما قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.

وألقى بيان صادر عن مجموعة من رجال الدين العلويين، من المجلس الإسلامي العلوي، باللوم في أعمال العنف على الحكومة، قائلا إن قوافل عسكرية أرسلت إلى الساحل بحجة مواجهة فلول النظام “لترهيب وقتل” السوريين. ودعا إلى وضع المنطقة الساحلية تحت حماية الأمم المتحدة.

وأدانت السعودية، التي عرضت الدعم الدبلوماسي لإدارة الشرع، “الجرائم التي تقوم بها مجموعات خارجة عن القانون في الجمهورية العربية السورية واستهدافها القوات الأمنية”. وأكدت المملكة في بيان “وقوفها إلى جانب الحكومة السورية .فيما تقوم به من جهود لحفظ الأمن والاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى