اعتقال أوغلو يعمق التساؤلات حول مصير المصالحة مع الأكراد في تركيا
يثير اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي يحظى بشعبية كبيرة، مخاوف من تقويض التحرك التركي لإنهاء تمرد مستمر منذ 40 عاما لجماعة حزب العمال الكردستاني المسلحة، وهي خطة تعتمد بشدة على التعاون الناشئ والدقيق بين الحكومة وحزب المساواة والديمقراطية للشعوب المؤيد للأكراد.
ويشعر كثيرون من الأكراد بالقلق من أن توقيف إمام أوغلو، المنافس السياسي الرئيسي للرئيس رجب طيب أردوغان، قد يشير إلى تحول استبدادي يغلق المجال أمام مصالحة تاريخية.
ويقول سياسيون مؤيدون للأكراد ومناصرون لهم إن هذه التطورات لا تهدد فقط احتمالات إنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني الذي أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص وعرقل التنمية في المنطقة، بل آفاق الديمقراطية في تركيا ككل.
ومثل هذه المخاوف عبر عنها بعض من بين عشرات الآلاف الذين تجمعوا اليوم الجمعة في مدينة ديار بكر في جنوب شرق البلاد للاحتفال بقدوم الربيع فيما يعرف بعيد النوروز لدى الأكراد.
ويقول علي أوكال (57 عاما)، وهو عامل بناء “يتحدثون عن الديمقراطية ثم يعتقلون إمام أوغلو. هذا سيضر بعملية السلام وثقة الناس بها”.
وتشابكت أيدي المحتفلين ورقصوا في صفوف على أنغام الأغاني الكردية، وارتدى كثيرون منهم ملابس تحمل الألوان الأحمر والأخضر والأصفر التي ترمز إلى الهوية الكردية، وهتفوا دعما لعبدالله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون.
ودعا الزعيم الكردي، المحتجز في سجن تركي منذ عام 1999، الشهر الماضي إلى أن تتخلى الجماعة عن السلاح وتحل نفسها. لكن العملية تأثرت باعتقال إمام أوغلو يوم الأربعاء، مما أثار احتجاجات شارك فيها الآلاف.
ومن بين الاتهامات الموجهة لإمام أوغلو مساعدة حزب العمال الكردستاني من خلال تشكيل تحالف انتخابي مع حزب المساواة والديمقراطية للشعوب المؤيد للأكراد، ثالث أكبر حزب في البرلمان.
واضطلع الحزب، الذي ظل لفترة طويلة هدفا لانتقادات حادة من حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، بدور رئيسي في تسهيل دعوة حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء سلاحه، وهي دعوة تدعمها الحكومة.
وقال محمد زكي إرميز النائب عن الحزب في منطقة شرناق الجبلية قرب الحدود العراقية “يقلق الناس بالطبع ويتوترون عندما تحتجز الحكومة رئيس بلدية أكبر مدينة في تركيا”. وشرناق من المناطق التي شهدت صراعات عنيفة منذ أن حمل حزب العمال الكردستاني السلاح في 1984.
وقال إرميز في احتفالات عيد النوروز “لا تمهد مثل هذه الخطوات الطريق للديمقراطية والسلام… إنها تقلل من هيبة تركيا وسمعتها على الساحة الدولية”.
وقال عمر إيلر رئيس فرع حزب العدالة والتنمية الحاكم في ديار بكر إنه لا يعتقد أن تحقيقات إسطنبول سيكون لها تأثير سلبي على جهود السلام، مضيفا “إنهما شيئان منفصلان”.
وتابع “قد يستخدم بعضهم هذا ذريعة لتخريب العملية الخالية من الإرهاب وأجواء الأخوة الجميلة هنا، لكن شعبنا لن يقع في هذا الفخ”.
وقال أردوغان الخميس إن حزب الشعب الجمهوري المعارض المنتمي إليه إمام أوغلو يسعى للتغطية على أخطائه وخداع الناس “بمسرحيات”، دون الخوض في التفاصيل.
واقترح حليفه القومي دولت بهجلي، وهو أول من اقترح أن يدعو أوجلان حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح، أن تعقد الجماعة مؤتمرا في أوائل مايو/أيار لحل نفسها.
وفي سياق متصل أقيل نقيب محامي إسطنبول وأعضاء مجلس النقابة الملاحقون بتهمة “الدعاية الإرهابية” و”نشر معلومات خاطئة” من مناصبهم اليوم الجمعة بموجب قرار قضائي نشرته جمعية محامين.
ويأخذ عليهم القضاء التركي مطالبتهم بتحقيق حول مقتل صحافيين كرديين تركيين نهاية ديسمبر/كانون الأول في سوريا بعدما استهدفتهما مسيرة تركية على ما أفادت منظمة غير حكومية، في منطقة كانت تتواجه فيها فصائل موالية لتركيا مع مقاتلين أكراد.