انفراجة على الحدود.. استئناف الحركة في معبر العريضة بين لبنان وسوريا

أعلنت السلطات السورية، مساء الأحد، عن إعادة فتح معبر العريضة الحدودي مع لبنان اعتباراً من صباح الثلاثاء المقبل، وذلك تزامناً مع اقتراب عطلة عيد الأضحى المبارك، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً على تحسن الأوضاع الأمنية وعودة التهدئة بعد فترة من التوترات الحدودية.
-
معبر ثانٍ مغلق: كيف تؤثر الحرب على العلاقات بين لبنان وسوريا؟
-
إسرائيل تستهدف مواقع لحزب الله في جنوب لبنان وسوريا
وقالت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في بيان رسمي “نحيط المسافرين الأكارم علماً بأنه سيتم افتتاح معبر العريضة الحدودي مع لبنان أمام حركة عبور المسافرين صباح يوم الثلاثاء”، مضيفة أن الافتتاح سيتم “رغم استمرار أعمال الترميم والصيانة، حرصاً منا على تسهيل تنقل الأهالي خلال عطلة عيد الأضحى المبارك”.
ويُعد معبر العريضة واحداً من ستة معابر رسمية تربط سوريا بلبنان، وهو يقع بين قرية العريضة في محافظة عكار شمالي لبنان، ومحافظة طرطوس غربي سوريا. وتعرض المعبر لأضرار كبيرة نتيجة استهدافه من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة التي دارت في المنطقة بين شهري سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، والتي خلفت أضراراً مادية وبشرية في مناطق عدة على طرفي الحدود.
وقد نفذت كل من الحكومة السورية والحكومة اللبنانية أعمال تأهيل وصيانة مكثفة خلال الأشهر الماضية لإعادة تهيئة المعبر. ويأتي افتتاحه في هذا التوقيت ليعكس تقدماً واضحاً في التنسيق الثنائي بين بيروت ودمشق، ويشير إلى انخفاض ملحوظ في التوتر الأمني الذي كان سائداً على الحدود، خاصة في أعقاب هجمات متبادلة شهدتها المنطقة، من أبرزها عمليات نفذتها جماعة حزب الله ضد أهداف إسرائيلية عبر الحدود، وردود الفعل العسكرية التي تبعتها.
ويؤكد متابعون أن قرار إعادة فتح المعبر يمثل رسالة سياسية قبل أن يكون قراراً إدارياً، إذ يشير إلى بداية مرحلة جديدة من الاستقرار الأمني النسبي. خصوصاً بعد اللقاءات المكثفة بين المسؤولين اللبنانيين والسوريين خلال الأسابيع الأخيرة. والتي هدفت إلى نزع فتيل التوتر ومعالجة الملفات الأمنية والحدودية بين البلدين. وقد شهدت هذه اللقاءات مشاركة ممثلين عن الجيشين والأجهزة الأمنية، إلى جانب وزارات الداخلية والنقل في البلدين.
-
تقارب خفي بين إسرائيل وسوريا.. هل بدأت مرحلة ما بعد الحرب؟
-
تداعيات الخلاف الأردني: انقسام حاد داخل إخوان لبنان
وتسعى الحكومة السورية الجديدة، التي تشكلت في ظل ظروف إقليمية ودولية معقدة، إلى إنهاء العزلة السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات، من خلال تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة، وخصوصاً لبنان. الذي تجمعه بسوريا روابط جغرافية وتاريخية واجتماعية متداخلة.
وقد أبدت الحكومة السورية مؤخراً انفتاحاً أكبر على الشراكات الثنائية في ملفات عدة. بما في ذلك الطاقة، والنقل، والتجارة، وهو ما يشير إلى تحول تدريجي في مقاربة دمشق للسياسات الإقليمية. خاصة بعد التطورات الميدانية في الجنوب السوري ومحيط الجولان المحتل. إضافة إلى ما شهدته المنطقة من وساطات عربية لإعادة دمشق إلى الحاضنة العربية، كما حدث خلال القمم العربية الأخيرة.
-
لقاء جوزيف عون والمسؤولة الأميركية يناقش سلاح حزب الله وآثاره على لبنان
-
اشتباكات على الحدود.. مواجهات بين الجيش اللبناني والقوات السورية
من جهته، رحب الجانب اللبناني بالخطوة، حيث قالت مصادر في وزارة الداخلية اللبنانية إن إعادة فتح معبر العريضة “تسهم في تسهيل تنقل المواطنين بين البلدين خلال فترة الأعياد. وتخفف الضغط عن المعابر الأخرى، كما تشكل إشارة إيجابية على استقرار الوضع الحدودي”.
وتبقى الحدود السورية اللبنانية واحدة من أكثر المناطق حساسية في المنطقة. نظراً لتداخل الأبعاد الأمنية والسياسية والطائفية فيها، إلا أن فتح معبر العريضة يعكس رغبة مشتركة في التهدئة وإعادة ضبط العلاقات الثنائية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها كل من بيروت ودمشق.
ويُنظر إلى هذه الخطوة أيضاً باعتبارها جزءاً من سياسة أوسع تسعى من خلالها دمشق إلى استعادة علاقاتها الإقليمية. وتأكيد جاهزيتها للانخراط في مشاريع إقليمية تتطلب بيئة أمنية مستقرة وتعاوناً فعّالاً مع دول الجوار.