حوادث الطرق في مصر… بين الواقع المر والتحذير من التوظيف السياسي

في وقت لا تزال فيه تداعيات عدد من حوادث المرور المفجعة تلقي بظلالها على الرأي العام المصري، حذّر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي من محاولات تقودها جهات معارضة في الخارج لاستغلال هذه الحوادث بهدف زعزعة الثقة في مؤسسات الدولة وإثارة البلبلة داخل المجتمع في تلميح على ما يبدو لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة وبعض القوى المتحالفة معها.
وخلال مؤتمر صحفي عقده الأربعاء في القاهرة، قدّم مدبولي اعتذارًا صريحًا للمصريين، مؤكدًا أن الحكومة لا تتنصل من مسؤوليتها إزاء ما حدث، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة التمييز بين النقد البنّاء وبين محاولات ممنهجة لضرب الاستقرار الداخلي في البلاد.
وقال رئيس الوزراء “بعض الحوادث التي وقعت الأيام الماضية تأسف لها الحكومة، ولا نكابر، ونعترف بالمسؤولية، ونسعى للأفضل”، مضيفًا أن الحكومة بدأت بالفعل اتخاذ خطوات فورية لمعالجة مكامن الخلل، ومنها إغلاق بعض الطرق التي تحتاج إلى إعادة تأهيل، وتشديد الرقابة على التزام السائقين بالقوانين، خاصة ما يتعلق بتحليل المخدرات.
لكن مدبولي سرعان ما انتقل إلى الحديث عن ما وصفها بـ”حملات منظمة” تُشنّ من الخارج، تهدف إلى تقويض ثقة المواطن في الدولة، متهمًا جماعة الإخوان ووسائل إعلام تابعة لها بأنها “تتفرغ فقط لمهاجمة مصر، وتسعى لإشاعة الإحباط واليأس بين المواطنين، على أمل إحداث انهيار داخلي”.
وأكد رئيس الوزراء أن تلك الجهات تعرف تمامًا أن مصر قادرة على ردع أي تهديد خارجي، ولذلك تتجه محاولاتها نحو الداخل عبر تضخيم الحوادث اليومية، وتوظيفها سياسيًا من خلال الشائعات والتأويلات المغرضة.
وقال مدبولي “البعض يريد إفقاد المواطن ثقته في قدرة الدولة على إدارة أزماته، في وقت نخوض فيه تحديات أمنية وسياسية واقتصادية بالغة التعقيد” متابعا “لا نقول لا للنقد، بل هو حق مشروع، لكن هناك من لا يريد الإصلاح بل يريد فقط تشويه صورة الدولة المصرية أمام العالم”.
وتأتي تصريحات رئيس الوزراء في أعقاب حادثتين مروعتين وقعتا الشهر الماضي على الطريق الدائري الإقليمي، وأسفرتا عن مصرع 28 شخصًا وإصابة عدد آخر، بالإضافة إلى حريق ضخم شبّ في سنترال رمسيس وسط القاهرة، ما أعاد إلى الواجهة أسئلة المواطنين حول السلامة المرورية وكفاءة البنية التحتية.
ورغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة عقب هذه الحوادث – كإغلاق الطرق المتهالكة مؤقتًا وتشديد إجراءات التفتيش والتحاليل – فإن بعض الأصوات المعارضة استغلت الحوادث لتوجيه انتقادات حادة للنظام، في حملات وصفها مسؤولون بأنها تتجاوز حدود النقد إلى التشويه المقصود.
وتتابع الأجهزة المعنية عن كثب موجات الشائعات التي تنتشر على منصات التواصل الاجتماعي عقب كل حادث كبير، حيث أن بعض الجهات الخارجية تحاول اختراق وعي المواطنين بالترويج لروايات كاذبة أو مبالغ فيها”، وهو ما يدفع الدولة إلى تكثيف جهودها في مجال الإعلام والتوعية.
ويقول أنصار الحكومة انها لا تخشى المساءلة أو النقد، لكنها تتصدى لما وصفه بـ”الاستغلال السياسي الممنهج”، خاصة في ظل تحديات خارجية وإقليمية تواجهها مصر في ملفات الأمن القومي، وسد النهضة، والاقتصاد.
وفي الشارع المصري، تتباين المواقف. فبينما يطالب كثيرون بمزيد من الشفافية في التحقيقات ومحاسبة المقصرين، يحذر آخرون من التسرّع في تصديق كل ما يُنشر عبر مواقع مجهولة المصدر، معتبرين أن الحفاظ على استقرار البلاد لا يتعارض مع المحاسبة.
ويبدو أن الحكومة تحاول، من خلال خطاب مدبولي، رسم توازن دقيق بين تحمل المسؤولية، والتصدي لمحاولات “الاستغلال المغرض”، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تكاتف الجبهة الداخلية، بحسب ما عبّر عنه رئيس الوزراء.