هل عاد داعش فعلًا أم أنه يُستدعى لخدمة أجندات سياسية؟

تتزايد في الأشهر الأخيرة التساؤلات حول حقيقة عودة تنظيم “داعش“، بعد مؤشرات ميدانية على تصاعد هجماته في العراق وسوريا، وسط تقارير استخباراتية عن تحركات خلاياه في مناطق متفرقة من أفريقيا وآسيا. ويثير هذا الجدل مخاوف من موجة جديدة من العنف المسلح، في ظل أزمات سياسية وأمنية تعصف بعدة دول.
هذا الجدل كان محور نقاش في برنامج استوديو الحدث على قناة DW عربية، والذي استعرض وجهات نظر متباينة لعدد من المحللين والباحثين المتخصصين في الجماعات الجهادية، حول جدية التهديد الذي يمثله تنظيم داعش في المرحلة الراهنة، وما إذا كانت التحذيرات المتكررة من عودته تعبّر عن واقع ميداني، أم تندرج في سياق توظيف سياسي واستراتيجي.
ويرى الباحث العراقي هشام الهاشمي أن التنظيم “لم يختفِ تماماً بعد سقوط خلافته المكانية في العراق وسوريا”، بل تحوّل إلى العمل ضمن “خلايا مرنة ومتنقلة”، تستفيد من الفراغات الأمنية والصراعات الطائفية.
-
التحالف الدولي يعلن اعتقال قائد بارز في داعش بسوريا والعراق
-
العراق: هجوم بساطور من داعشي قادم من سوريا يستهدف احتفالا آشوريا
واعتبر أن “الحديث عن عودة داعش ليس تهويلاً بقدر ما هو وصف دقيق لواقع قائم، خصوصًا في مناطق مثل ديالى وصلاح الدين في العراق”.
أما أليكس باندو، الخبير في الشؤون الأمنية، فقد رأى أن التحذيرات المتكررة من عودة داعش “غالبًا ما تُستخدم لأغراض سياسية، سواء لتبرير بقاء القوات الأجنبية أو لتمرير تشريعات أمنية داخلية”. وأوضح أن التنظيم “أضعف بكثير من أن يشكل تهديدًا استراتيجيًا كما في 2014، رغم قدرته على تنفيذ عمليات نوعية”.
-
العراق يحذر: مخيم الهول “قنبلة موقوتة”.. ودعوات لسحب رعايا داعش فورًا
-
مقتل أبو خديجة: الرجل الثاني في داعش تحت قبضة الاستخبارات العراقية
وفي السياق ذاته، أكد الصحفي السوري كمال شيخو أن بيئة ما بعد الحرب في سوريا، لا سيما في المناطق الشرقية، ما زالت “هشة وعرضة لاختراقات من خلايا التنظيم”، مشيرًا إلى أن “الضغوط المعيشية وتفكك البنية المجتمعية يغذيان بيئة التطرف”. لكنه شدد في المقابل على أن “لا عودة محتملة لدولة داعش كما عرفناها، بل مرحلة من النشاط اللامركزي”.
واتفق أغلب المشاركين في الحلقة على أن التنظيم يراهن على استنزاف خصومه عبر عمليات الكرّ والفرّ، وليس عبر استعادة الأراضي، وهو ما يجعل مواجهته تتطلب مقاربات أمنية مختلفة وأكثر تركيزًا على العوامل المحلية والسياسية.
في المحصلة، يظل السؤال حول عودة داعش مفتوحًا على تعقيدات متعددة، تتجاوز الجانب العسكري إلى ما هو أعمق، من غياب التنمية، وارتباك السياسات الإقليمية، واستمرار الأزمات في مناطق الفراغ الجغرافي والسياسي.