فرنسا تستقبل لوكورنو كرئيس وزراء جديد.. الخامس في أقل من عامين

أعلن قصر الإليزيه اليوم الثلاثاء تعيين وزير القوات المسلحة سيباستيان لوكورنو، الموالي اليميني لإيمانويل ماكرون، رئيسا للوزراء، فيما تبدو محاولة لتطويق الأزمة السياسية والمالية في البلاد.
وجاء هذا الاختيار بعد يوم واحد من الإطاحة برئيس الحكومة السابق فرانسوا بايرو في اقتراع بسحب الثقة بسبب سياساته لخفض الإنفاق العام. ويواجه لوكورنو مهمة صعبة تتمثل في إقرار ميزانية العام المقبل في برلمان مشحون بالخلافات.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون كلفه في البداية بالتشاور مع الأحزاب بهدف التوصل إلى “الاتفاقات الضرورية للقرارات التي ستتخذ في الأشهر المقبلة”، قبل تشكيل حكومة جديدة.
ويمثل هذا تحديا في ظل معضلة سياسية استعصت على ماكرون لأكثر من عام، في برلمان منقسم بين تحالف اليسار واليمين الوسط واليمين المتطرف، منذ حلّ الجمعية الوطنية في يونيو/حزيران 2024.
ويعد لوكورنو خامس رئيس وزراء منذ بداية ولاية ماكرون الرئاسية الثانية في 2022، والثالث خلال عام واحد، وهو أمر غير مسبوق في نظام الجمهورية الخامسة الذي أُعلن في 1958 والذي عُرف لفترة طويلة باستقراره.
وبعد أن أسقط النواب مشروع ميزانية فرانسوا بايرو، الذي كان يهدف إلى توفير 44 مليار يورو لتقليل الدين العام الضخم الذي يصل إلى 114 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، لا تزال الأحزاب متمسكة بمواقفها.
فحزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) يطالب بإجراء انتخابات تشريعية جديدة، وتعهّد رئيسه جوردان بارديلا الثلاثاء رفض أي رئيس وزراء لا يتخلى تماما عن السياسات التي اتُّبعت خلال السنوات الثماني الماضية.
أما اليسار الراديكالي، فدعا إلى استقالة الرئيس نفسه. لكن فرص نجاح هذا الإجراء معدومة لأنه يتطلب موافقة غالبية الثلثين في كلا المجلسين وموافقة أعضاء البرلمان المجتمعين في المحكمة العليا.
في حين يكرر الحزب الاشتراكي أن اليسار الذي تصدّر نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، هو الأحق بقيادة الحكومة.
واستبعد وزير الداخلية ورئيس حزب الجمهوريين (اليمين التقليدي) برونو ريتايو المشاركة في حكومة يقودها اليسار. وأضاف “نحتاج بسرعة إلى رئيس وزراء لتولي السلطة”، محذرا من أن “شهر أيلول/سبتمبر قد يشهد كل أنواع الاضطرابات”.
وظهر هذا الصيف على مواقع التواصل الاجتماعي حراك جديد تحت شعار “لنشلّ كل شيء”، بدعم من بعض النقابات واليسار الراديكالي، يدعو إلى شلّ البلاد اعتبارا من الأربعاء، وسط أجواء من انعدام الثقة واسع النطاق تجاه ماكرون الذي وصلت شعبيته إلى أدنى مستوياتها منذ توليه الحكم في العام 2017. فقد أظهر استطلاع حديث أن حوالي 77 بالمئة من الفرنسيين غير راضين عنه.
وأعلنت وزارة الداخلية أن نحو 80 ألف من عناصر الشرطة والأمن سينشرون الأربعاء في أنحاء البلاد حيث ستنظم مئات الفعاليات والاحتجاجات. أما المديرية العامة للطيران المدني، فتوقعت حصول اضطرابات وتأخيرات في “كل المطارات الفرنسية”.
ومع أن هذه التعبئة تذكّر البعض بحراك “السترات الصفراء” الذي هزّ فرنسا بين عامي 2018 و2019، ما زال من غير المعروف مدى تأثيرها.
وفي السياق نفسه، دعت جميع النقابات العمالية إلى إضراب وتظاهرات في 18 سبتمبر/أيلول. وتأتي هذه الأزمة السياسية قبل أيام فقط من إعلان وكالة فيتش الجمعة تقييمها للديون الفرنسية، وسط مخاوف من احتمال خفض التصنيف في ظل حالة عدم اليقين الراهنة، وهو ما يثير القلق من اضطرابات في الأسواق المالية.
والثلاثاء، بلغ عائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات المستوى نفسه لعائد السندات الإيطالية، في ظاهرة غير مسبوقة منذ نحو 15 عاما، رغم أن إيطاليا كانت تُعتبر لفترة طويلة من بين الدول الأكثر ضعفا في أوروبا من حيث إدارة الدين العام.