ملف هانيبال يثير الجدل.. عائلة الصدر تتهم وزير العدل اللبناني

فجّر تصريح وزير العدل اللبناني، عادل نصار، بشأن احتمال الإفراج عن هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والقانونية، في وقت حذّرت فيه جهات عدة من أن هذا الطرح قد يتحول إلى شرارة لأزمة داخلية تتعدى الطابع القضائي، وتمسّ توازنات طائفية وسياسية دقيقة في البلاد.
ففي أول رد فعل رسمي، أعرب وكيل عائلة الإمام المغيّب السيد موسى الصدر عن استغرابه الشديد من ما وصفه بـ”التدخل الصريح في عمل القضاء”، معتبراً أن تصريح الوزير يشكل سابقة خطيرة تمس بمبدأ فصل السلطات واستقلالية القضاء. وأضاف في بيان صدر عنه، أن “كلام من يُفترض به حماية العدالة بدا وكأنه يُملي على المحقق العدلي قراره، ما يُعدّ تدخلاً فاضحًا يرقى إلى مستوى الضغط الممنهج على مسار التحقيق”.
وأشار البيان إلى أن ما صدر عن وزير العدل، بخصوص انتظار قرار المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة لإطلاق سراح القذافي يستهدف استقلالية القضاء.
وكان نصار قد قال، في حديث تلفزي “ننتظر قرار المحقق العدلي لإخلاء سبيل هانيبال القذافي”.
ونجل القذافي موقوف في لبنان منذ ديسمبر/كانول الاول 2015، بتهم تتعلق بإخفاء معلومات عن مصير الإمام موسى الصدر ورفيقيه، الذين اختفوا عام 1978 خلال زيارة رسمية إلى ليبيا. ورغم مرور أكثر من أربعة عقود على اختفائهم، لا تزال القضية محور خلافات حادة بين لبنان وليبيا، وتُعد من أبرز ملفات الذاكرة الوطنية اللبنانية، لا سيما لدى الطائفة الشيعية، التي ترى في الصدر رمزاً دينياً وسياسياً.
وتتهم عائلة الإمام الصدر النظام الليبي السابق بالضلوع في اختفائه، في حين تنفي السلطات الليبية أي مسؤولية مباشرة، مدعية أن الصدر غادر ليبيا إلى إيطاليا، وهو ما لم تُقدَّم بشأنه أدلة دامغة، مما أبقى مصيره لغزاً مفتوحاً حتى اليوم.
وكانت صحيفة “النهار” اللبنانية قد كشفت بداية العام الجاري عن وساطة ليبية، بدعم أميركي غير مباشر، تسعى لتسوية ملف هانيبال القذافي، في محاولة لفتح صفحة جديدة بين بيروت وطرابلس. إلا أن هذه المحاولات قوبلت برفض قاطع من عائلة الصدر، التي شددت على أن “لا مساومة في قضية وطنية بهذه الخطورة”، مطالبة بالكشف الكامل عن الحقيقة ومحاسبة المسؤولين.
ويبدو أن تصريح وزير العدل اللبناني جاء في سياق هذه المساعي، إلا أن توقيته ومضمونه اعتُبرا بمثابة “استفزاز سياسي”، خصوصاً في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد.
وقد حذرت مصادر سياسية مطلعة من أن فتح ملف هانيبال القذافي من هذه الزاوية، وطرح خيار إطلاق سراحه علناً، قد يؤدي إلى اهتزاز جديد في المشهد اللبناني الداخلي، في وقت تعاني فيه الدولة من شلل مؤسساتي وانقسام سياسي حاد.
وختم بيان وكيل عائلة الإمام الصدر برسالة مشفّرة حين قال “للكلام تتمة”، في إشارة إلى خطوات تصعيدية قد تُتخذ في المرحلة المقبلة. ولم تُعرف بعد طبيعة هذه الخطوات، لكن مصادر قريبة من العائلة أكدت أن المسار القضائي سيستمر، وأنها بصدد إجراء اتصالات مكثفة مع جهات داخلية وخارجية “لوقف أي محاولة للالتفاف على القضية”.
وفي المقابل، يواجه المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة ضغوطاً متزايدة، وسط مطالبات باستكمال التحقيقات دون تأثيرات سياسية أو تدخلات من السلطة التنفيذية، التي يُفترض أن تلتزم الحياد، بحسب الدستور اللبناني.