خطف مسؤول محلي يفضح عجز الدبيبة عن كبح جماح الميليشيات

شهدت المنطقة الغربية من ليبيا تصاعدًا ملحوظًا في أعمال العنف والاختطاف على يد الميليشيات المسلحة، حيث تؤكد أحدث الحوادث على هشاشة الوضع الأمني والفراغ الذي تعاني منه الدولة، ما يضع حكومة الوحدة الوطنية الموقتة بقيادة عبدالحميد الدبيبة في موقف حرج يعكس صعوبة السيطرة على المجموعات المسلحة المتنفذة.
وفي حادثة جديدة صادمة مساء الأربعاء، تعرض رئيس المجلس المحلي للشباب ببلدية الخمس، علي بورزيزة، للاختطاف على يد مجموعة مسلحة مجهولة، أثناء تحضيره هو وأعضاء مجلسه للاحتفال بذكرى معركة المرقب بالتنسيق مع المجلس البلدي بالمنطقة. وفق بيان وزارة الشباب بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة، فقد اقتحمت المجموعة المكان واعتدت على الفريق ثم اختطفت بورزيزة، ما أثار موجة استنكار واسعة على المستويين الشعبي والرسمي.
وأوضحت وزارة الشباب في بيانها الرسمي على صفحتها في فيسبوك أن الحادث لا يستهدف شخصًا بعينه، بل يمس بصورة أعمق استقرار المدينة وجهود الشباب في العمل الوطني المنظم، مشددة على ضرورة تحرك الجهات الأمنية بسرعة لتأمين سلامة المختطف وضمان الكشف عن مصيره.
وطالبت باتخاذ الإجراءات القانونية بحق الجناة وملاحقتهم قضائيًا، كما دعت كافة المؤسسات والفعاليات الاجتماعية في مدينة الخمس إلى الوحدة والتكاتف لمواجهة هذه الأعمال التي تزعزع الأمن وتخالف القانون.
وهذه الحادثة ليست معزولة، بل تأتي في سياق تصاعد عمليات العنف والخطف التي تستهدف المدنيين والمسؤولين المحليين على حد سواء، ما يعكس بشكل جلي هشاشة بنية الدولة وانعدام سيطرتها على الأراضي، خاصة في غرب البلاد حيث تتزايد نفوذ الميليشيات.
وقد بات واضحًا أن الفوضى الأمنية في المنطقة الغربية تمثل تحديًا صعبًا لحكومة الدبيبة، التي تواجه انتقادات متزايدة بسبب عدم قدرتها على كبح جماح هذه المجموعات المسلحة المتنامية. فمع كل حادث جديد، يتعمق الإحساس بالارتباك الحكومي والفشل في فرض الأمن والاستقرار، مما يؤجج أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية.
وتعكس هذه التطورات بدقة مدى الحاجة الملحة إلى توحيد مؤسسات الدولة وانهاء الانقسام السياسي والعسكري الذي يعصف بالبلاد منذ سنوات. فغياب الوحدة الوطنية يعزز فرص تمدد الميليشيات، ويعمق حالة الفوضى التي تؤثر سلبًا على حياة الليبيين وأمنهم.
وتأتي هذه التطورات تزامنًا مع دعوات دولية وأممية متكررة لتطبيق خارطة الطريق التي ترمي إلى بناء دولة موحدة ذات سيادة، تحكمها المؤسسات القانونية وليس الميليشيات المسلحة. فالاستمرار في تجاهل هذه الدعوات قد يدفع البلاد نحو مزيد من الانزلاق في دوامة العنف والاقتتال الأهلي.
وعلى ضوء ذلك، يبدو أن ليبيا تقف على مفترق طرق، بين مواصلة الانقسام والفوضى، أو الشروع في حوار وطني شامل يعيد بناء الدولة ويضمن سيادة القانون، ويفكك الميليشيات التي تفرض واقعها بالقوة، خصوصًا في المناطق الغربية التي تتسم بعدم الاستقرار.
وفي هذا السياق، يُعدّ حادث اختطاف علي بورزيزة مؤشرًا خطيرًا يعكس مدى انعدام الأمن الذي يعيشه المواطنون، وغياب الردع أمام المجموعات المسلحة، ما يهدد بشكل مباشر مسيرة الشباب الليبي الذين يسعون إلى العمل الوطني المنظم والمشاركة في بناء مستقبل أفضل لبلادهم.
ويبقى الأمل معقودًا في ليبيا على الجهات الأمنية والحكومية لتقديم حلول عاجلة وفعالة، والتزام المجتمع الدولي بدعم تنفيذ خارطة الطريق، حتى تنجلي أزمات الانقسام والسيطرة الميليشيوية، ويعود الأمن والاستقرار إلى ربوع ليبيا، خصوصًا في المناطق الغربية التي تشهد توترًا مستمرًا وتصعيدا غير مسبوق.