بعد اغتيال مدونة شابة.. ليبيا أمام إنذار جديد بانفلات أمني
زادت حادثة اغتيال المدونة وصانعة المحتوى خنساء المجاهد وزوجة السياسي معاذ المنفوخ في منطقة السراج غربي العاصمة طرابلس، التي هزت الرأي العام، من مخاوف الليبيين من تردي الوضع الأمني وهشاشة الخطط الحكومة التي تم الإعلان عنها مؤخرا للحفاظ على الأمن، فيما مشاهد عملية القتل لا تزال تتردد على مواقع التواصل الاجتماعي وسط موجة غضب واسعة ومطالب بوضع حد للانفلات الأمني.
وأظهر مقطع فيديو نُشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، جثة خنساء المجاهد البالغة من العمر 34 عاماً ملقاة على الأرض بعد أن فارقت الحياة متأثرة بإصابتها، بعد تعرضها لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين غرب العاصمة طرابلس، بحسب وسائل إعلام محلية.
كما أظهرت مقاطع الفيديو آثار الرصاص على زجاج السيارة، وبحسب رواية أحد الشهود عبر فيديو مرئي، فإن خنساء حاولت الهروب والنزول من السيارة لحظة بدء إطلاق النار، لكن تم استهدافها، موضحا أن سيارتها بقيت في وضع التشغيل لوقت طويل بعد وفاتها.
وتدير المجاهد مشروعاً لبيع المنتجات النسائية ورغم أن دوافع القتل لم تعرف بعد، إلا أن ناشطين وحقوقيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تداولوا تحليلات حول إمكانية أن يكون مقتل المجاهد، هو عملية كانت تستهدف زوجها.
🔴 إغتيال مدونه 🔴
خنساء المجاهد
لا اعرفها ولم اسمع عنها ومنها من قبل
ولا اعرف مضمونها أو حتى خطابها
🔴ولكن أن تغتال مدونه فقط للإدلاء برأيها 🥲
هذا بحد ذاته جرس انذار على وحشية واجرام من يخالفك الرأي
🥱الم يكيفكم،التخوين،الاغتيال المعنواي،التكفير،والتخوين وووو
🤨كلمة بوجه رصاصة pic.twitter.com/CU2C9K3lUx— mike (@mike15291280002) November 22, 2025
وقالت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، التي أدانت الاغتيال، إنه بموجب المعلومات الأولية الواردة لديهم فإن كانت تستهدف زوجها عضو لجنة الحوار السياسي معاذ المنفوخ، فيما لم تؤكد السلطات هذه المعلومة.
وأعرب منبر المرأة الليبية من أجل السلام عن إدانته الشديدة لجريمة قتل المجاهد، وذلك بالتزامن مع حادثتي قتل نتيجة عنف أسري؛ وكلها تعكس تزايد العنف ضد المرأة أثناء النزاع وبعده، وتدهور الوضع العام وانعدام توفر آليات الوقاية والإنذار المبكر وإجراءات الحماية. وهذا يعد إنذارًا شديدًا لتدهور حالة التطرف ضد النساء في بلادنا.
وأضاف المنبر إن هذه الحادثة، التي هزت الرأي العام، تبرز تصاعد الانتهاكات التي تستهدف النساء، وخاصة الناشطات والإعلاميات والفاعلات في الشأن العام.
بيان: إدانة جريمة قتل صانعة محتوى #خنساء_المجاهد
يعرب منبر المرأة الليبية من أجل السلام عن إدانته الشديدة لجريمة قتل صانعة محتوى خنساء محمد عبدالمجيد المجاهد، التي تعرّضت لإطلاق النار في منطقة جنزور بطرابلس يوم السبت، وذلك بالتزامن مع حادثتي قتل نتيجة عنف أسري؛ وكلها تعكس تزايد… pic.twitter.com/AsU2Pgkze9
— Libyan Women’s Platform for Peace (@LWPP_Org) November 22, 2025
واعتبرت ناشطات أن ما هو أسوأ من العنف هو الصمت عنه أو تبريره. وطالبن حماية النساء والفتيات اللواتي لا ذنب لهن.
وبعد ساعات من تشييع جثمان ابنتهم خنساء المجاهد، أصدرت قبائل الزاوية الكبرى وقبيلة القمامدة بياناً شديد اللهجة حمّلت فيه وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، عماد الطرابلسي، المسؤولية الكاملة عن مسار التحقيقات في جريمة مقتل الناشطة، والتي قُتلت أمام مرأى طفلتها الوحيدة ليلة الجمعة في منطقة السراج بالعاصمة الواقعة تحت نفوذ شقيق الوزير، المعروف بـ”الفراولة”.
شاهد | بيان قبيلة القمامدة في مدينة الزاوية بشأن مقتل خنساء المجاهد في جنزور يوم الأمس#ليبيا #أبعاد pic.twitter.com/oSiPPPHmJh
— أبعاد (@abaadnews_ly) November 22, 2025
ووفقا للبيان، أعرب العمداء والأعيان والحكماء والمشايخ في بيانهم عن صدمتهم العميقة وغضبهم من الجريمة “البشعة”، التي وصفوها بأنها تمثل “اعتداءً مباشراً على السلم الأهلي وانحداراً خطيراً في منظومة الردع والعدالة”.
وطالبت القبائل النائب العام ووزارة الداخلية بـفتح تحقيق عاجل وشفاف دون تأخير، وكشف كل المتورطين والمحرضين وإعلان نتائج التحقيق للرأي العام، محذرين من أن أي تباطؤ أو تساهل سيُعتبر “سقوطاً خطيراً في هيبة الدولة” ويفتح الباب أمام سلسلة جديدة من الاغتيالات.
وبحسب بيان تداولته وسائل الإعلام الليبية قال وزير الداخلية عماد الطرابلسي، إنه وجه الأجهزة الأمنية “بفتح تحقيق في واقعة مقتل المواطنة خنساء المجاهد مساء الجمعة في طرابلس”.
وأدانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا “بشدة” الحادثة، مؤكدة أنّ هذا “الحادث المروّع يسلّط الضوء على الحاجة الملحّة لمعالجة جميع حالات القتل المماثلة في أنحاء البلاد وضمان المساءلة الكاملة”.
وحثت البعثة في بيانها “السلطاتِ المختصة على التحقيق السريع والشفّاف في هذه الجريمة، وتقديم الجناة إلى العدالة، واتخاذ إجراءات حاسمة لوضع حد لهذا النمط من العنف. كما تشير إلى وجود نمط خطير من العنف ضد النساء واستهداف النساء الناشطات في الحياة العامة”.
وقالت البعثة في بيانها إنها تدرك أن “حادثاً من هذا النوع يمثّل صدمة لأسرة وأصدقاء ومجتمع الخنساء محمد، لكنها تحذّر من أي أعمال قد تؤدي إلى تصعيد التوتر، وتدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس والتعاون مع التحقيقات الجارية لتقديم الجناة إلى العدالة”.
وفي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أعلن وزير الداخلية الطرابلسي، انطلاق خطة أمنية شاملة في العاصمة طرابلس، تستهدف في مرحلتها الأولى بلدية حي الأندلس بالمناطق الغربية، وذلك بهدف تعزيز الاستقرار والحد من الجرائم والمظاهر السلبية التي تهدد أمن المدينة .
والخطة، بحسب وزارة الداخلية، نُفذت بتنسيق بين مديرية أمن طرابلس، جهاز مكافحة المخدرات، جهاز المباحث الجنائية، مكتب المعلومات والمتابعة الأمنية، والإدارة العامة للدعم المركزي، إضافة إلى الشرطة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع. وتهدف إلى فرض الانضباط والردع الفعّال لكل من يحاول العبث بأمن المواطنين .
لكن على أرض الواقع، سجلت المنطقة الغربية سلسلة من الجرائم خلال الأسابيع الماضية، بينها عمليات سطو مسلح على محال الذهب والمجوهرات، وسرقات سيارات ومبالغ مالية، ما أثار تساؤلات حول قدرة الخطة الأمنية على تحقيق أهدافها. واعتبر كثيرون أن اغتيال المجاهد دليلاً على هشاشة الوضع الأمني رغم إطلاق الخطة الجديدة.
