أحوال: تركيا تدخل في دوامة الصراع بين روسيا وأوكرانيا
استمع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى تحذيرات نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بعدم السماح لأطراف غير مطلة على البحر الأسود أن تستخدمه لصالحها وهو تحذير غير مباشر لأنقرة بعدم الانجرار إلى النزاع الروسي – الأوكراني، لكن أردوغان وفي اليوم التالي للمكالمة مع بوتين، استقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
التطورات المقلقة
ودعا أردوغان خلال مؤتمر صحفي مع زيلينسكي، بعد اللقاء، إلى إنهاء التطورات المقلقة، في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، مضيفا أن تركيا مستعدة لتقديم أي دعم ضروري، وأنه يأمل أن يتم حل الصراع سلميا من خلال الحوار على أساس الأعراف الدبلوماسية، بما يتفق مع القوانين الدولية ووحدة أراضي أوكرانيا.
تهديدات
ومن جانبه، قال زيلينسكي إن مواقف كييف وأنقرة متطابقة بشأن التهديدات في منطقة البحر الأسود والرد على تلك التهديدات، مضيفا أنه أطلع أردوغان بالتفصيل على الوضع في منطقة دونباس شرق أوكرانيا، وقال: ناقشنا بالتفصيل قضايا الأمن والرد المشترك لمواجهة التحديات في منطقة البحر الأسود وتجدر الإشارة إلى أن تطابق وجهات نظر كييف وأنقرة فيما يتعلق بالتهديدات نفسها وسبل الرد على هذه التهديدات.
التعاون في صناعة الدفاع
وقال أردوغان السبت إن تركيا وأوكرانيا تناقشان التعاون في صناعة الدفاع، لكنه أضاف أن هذا ليس بأي حال من الأحوال تحركا ضد دول ثالثة، إلا أن تبسيط أردوغان للموقف، لا يتناسب مع واقع الحال على الأرض بين البلدين المتنازعين. وفيما يبدو، يريد أردوغان كعادته زج تركيا في الأزمة لجني مكاسب ما وإشغال الرأي العام بصراع جديد.
ويلوح شبح حرب جديدة بين روسيا وأوكرانيا، بعد ست سنوات من الهدنة المضطربة والعنيفة في بعض الأحيان، وذلك ردا على ما تسميه موسكو بأنها حملة قمعية شنتها كييف مؤخرا على الإعلام والسياسيين الموالين لروسيا، قامت موسكو على إثره بتحشيد عسكري واسع النطاق على طول الحدود الأوكرانية.
التوترات
وبدأت التوترات في الارتفاع قبل شهرين، عندما تداخل إحباط كييف المتزايد من تعنت موسكو في محادثات دونباس مع إضعاف موقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الداخل. نظرا لافتقاره إلى الخبرة السياسية والدبلوماسية كما تقول موسكو.
كان عرض الرئيس الأوكراني الاستراتيجية الأمنية الجديدة للبلاد، والتي تؤكد على التطلع للانضمام إلى الناتو وتركز بشكل أساسي على مواجهة روسيا والتماس مزيد من الدعم التركي، كل ذلك فاقم الموقف وشكل استفزازا لموسكو التي تتردى علاقاتها باضطراد مع الناتو ومع الأوروبيين على السواء.
تصاعد الصراع
وإذا تصاعد الصراع في منطقة دونباس الغنية بالطاقة في شرق أوكرانيا، فإن كييف تعتمد على الدعم المباشر والمفتوح من منظمة حلف شمال الأطلسي، لكن كيف سيكون رد فعل تركيا، مع ثاني أكبر جيش في حلف الناتو، إذا امتدت المواجهة إلى منطقة البحر الأسود؟
ظلت تركيا سلبية نسبيا عندما اندلعت الأزمة السياسية في أوكرانيا لأول مرة في أواخر عام 2013. ومع ذلك، كانت هناك إدانة رسمية للعمل الروسي في شبه جزيرة القرم في عام 2014، أما الآن، وعلى الرغم من النشاط الروسي في دونباس (على الرغم من عدم وجود قوات لروسيا هناك، فضلا عن تسليح الميليشيات المحلية)، فلا تزال علاقات أنقرة مع موسكو جيدة، حتى عندما دعمت روسيا وتركيا وكلاء مختلفين في النزاعات في سوريا وليبيا وناغورنو كاراباخ، تمكن البلدان من إنشاء تحالف توافقي مصلحي على الأرض.
طائرات تركية بدون طيار
ومن المقرر أن تشتري أوكرانيا طائرات تركية بدون طيار من طراز بيرقدار هذا العام، وهناك خطط للتعاون التجاري طويل الأجل مع جارتها على الجانب الآخر من البحر الأسود، بما في ذلك الإنتاج المشترك للطائرات.
إنتاج الفحم
وتشير الدلائل إلى أن أوكرانيا تستعد لتصعيد نشاطاتها في دونباس، حيث تسيطر القوات المدعومة من روسيا فعليا على إنتاج الفحم، وأن تركيا تشارك بنشاط في هذه العملية، ولهذا السبب غالبا ما يشير المسؤولون الأوكرانيون إلى تركيا على أنها شريك استراتيجي موثوق.
هذا، وتريد تركيا أن تكون القوة المهيمنة في منطقة البحر الأسود وروسيا هي المنافس الحقيقي الوحيد.
ولكن كيف تحافظ تركيا على هذا التوازن الدقيق؟
السيناريو الأكثر ترجيحا هو استمرار تركيا في دعم كييف وسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها – على الأقل شفهيا – لكنها لن تتعدى الى ماهو أبعد لإحداث توترات قد تثير غضب موسكو.