اخترنا لكم

رمضاننا عبادة ووقاية

أحمد محمد الشحي


نحمد الله تعالى أن بلَّغنا شهر رمضان المبارك، لنتزود فيه من الطاعات، ونغتنمه في الأعمال الصالحات.

فهو فرصة عظيمة لنا لنجدد فيه علاقتنا بربنا سبحانه، ونتقرب إليه بالفرائض والنوافل، ونكثر من أعمال الخير التي تنفعنا وتنفع أسرنا ومجتمعنا ووطننا، من أصناف البر والإحسان، وصلة الأرحام، وإصلاح ذات البين، ونشر الكلمة الطيبة، وتعزيز القيم الإيجابية من التراحم والتلاحم والتكافل ونشر المحبة والتآلف.

وفي هذا العام نستقبل شهر رمضان المبارك وما تزال جائحة كورونا تجثم على كاهل المجتمعات البشرية، تصارعها الدول والمجتمعات والأفراد بالإجراءات الوقائية والعلاجية والتطعيم وإجراء البحوث والدراسات، وقد أصيب بها ملايين، وتوفي بسببها ملايين، نسأل الله تعالى أن يرفع هذا البلاء عنا وعن العالمين أجمعين.

وإن هذا الواقع يحتم علينا جميعا أن نتمسك في شهرنا الفضيل بما أوجبه علينا شرعنا الحنيف من حفظ الأنفس، بكل ما يحقق ذلك من التزام الإجراءات الاحترازية التي حددتها الجهات المختصة، ومنها منع التجمعات والزيارات وإقامة الخيم الرمضانية، ومنع تقديم الأطعمة أو توزيعها أمام المنازل أو المساجد أو المطاعم أو الأماكن العامة إلا من قبل الجهات المختصة، والمحافظة على النظافة ولبس الكمامات، وغيرها من الإجراءات التي تستهدف المحافظة على سلامة جميع أفراد المجتمع.

إن هذه الإجراءات الوقائية لتنبع من صميم ديننا الإسلامي الحنيف، الذي أكدت تعاليمه الجليلة على ضرورة المحافظة على الأنفس، ووقايتها من الأخطار والأضرار، حتى وضعت ذلك في قمة الأولويات، وجعلتها من الضروريات الخمس الكبرى، فنهت عن كل ما يؤذي النفس ويلحق بها الضرر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار»، وهي قاعدة عامة شاملة تنهى عن كل أنواع الضرر، سواء كان ذلك بإلحاق الإنسان الضرر بنفسه أو بغيره، فلا يتهاون الإنسان في هذا ولا هذا، قال الشاطبي: “ونفس المكلف داخلة في هذا الحق؛ إذ ليس له التسليط على نفسه ولا على عضو من أعضائه بالإتلاف”، فحق النفوس عموما أيا كانت الحفظ والصيانة.

ومن صور حفظ النفس حمايتها من الأمراض، وبالأخص الأمراض المعدية، وفي هذا الصدد جاءت أحاديث كثيرة لترسيخ مبدأ الوقاية من الأمراض في المجتمع، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يُورِدنَّ مُمرِضٌ على مُصِحّ»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «فِرَّ من المجذوم فرارك من الأسد»، وأرسى النبي صلى الله عليه وسلم مبدأ الحجر الصحي في التعامل مع الأوبئة، فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها».

ولذلك يتحتم علينا جميعا الوقوف مع دولتنا وقيادتنا في التصدي لجائحة كورونا، بالتزام كافة الإجراءات الاحترازية التي حددتها الجهات المختصة، دون أدنى تهاون ولا تفريط، وأن نتقرب إلى الله بذلك في شهر رمضان المبارك، لتكون وقايتنا عبادة، فننال بها الأجر من الله تعالى، ونحافظ على سلامة وطننا ومجتمعنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى