تركيا

أردوغان يسابق الزمن في الوقت بدل الضائع


عشية الانتخابات الرئاسية في تركيا، والتي تضع على المحك مسيرته في الحكم الممتدة لعقدين. يحاول الرئيس رجب طيب أردوغان تحقيق اختراقات في الأمتار الأخيرة.

فمن تحذيرات من “ثمن باهظ” حال صعود منافسه إلى السلطة، مرورًا باتهام الحكومات الغربية باستخدام المعارضة لفرض رؤيتها على المجتمع التركي، إلى تبرئة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من التدخل في الاستحقاق الدستوري.

فماذا قال أردوغان؟

حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة مؤيديه من أنهم قد يدفعون “ثمنا باهظا” حال صعود منافسه العلماني إلى السلطة في الانتخابات المقررة نهاية الأسبوع. قائلا الجمعة في تجمع بإسطنبول لأنصاره الذين لوحوا بالأعلام: “لا تنسوا… قد تدفعون ثمناً باهظاً إذا خسرنا”.

وتظهر استطلاعات الرأي أن منافسه العلماني كمال كليجدار أوغلو يتقدم عليه بفارق طفيف. وبأنه على وشك تجاوز عتبة الـ50% من الأصوات اللازمة لتجنب دورة ثانية في 28 مايو الجاري.

وما ساهم في تعزيز مواقع المعارضة انسحاب المرشح محرم إنجه الذي يمثل حزبا ثالثا. الخميس كونه كان يمكن أن يضعف فرص كليجدار أوغلو لإلحاق أول هزيمة انتخابية بالرئيس التركي.

وتجنب أردوغان على غير عادته توّقع نتيجة الانتخابات الأشد تنافسية في تركيا في العصر الحديث، حين رد على سؤال من صحافي على التلفزيون ما إذا كان سيفوز في الانتخابات بالقول: “صناديق الاقتراع ستقرر الأحد”.

إقرار واتهام

كما أقر أردوغان (69 عاما) بأنه يواجه صعوبة في استمالة القاعدة الناخبة من الشباب الذين لا يتذكرون الفساد والفوضى الاقتصادية. التي كانت سائدة في ظل الحكومات العلمانية في تركيا خلال التسعينيات، قائلا: “هناك جيل في بلادنا لم يعايش أيا من المشكلات التي عايشناها”.

واعتبر أن الحكومات الغربية تستخدم المعارضة لفرض رؤيتها على المجتمع التركي، مضيفا “أيها الغرب، أمتي هي التي تقرر”.

ورغم أن رسالته بدا أنها تلقى صدى لدى بعض الناخبين مثل سنور حنك المحجبة البالغة 48 عاما والتي قالت: “أردوغان قائدنا ونحن جنوده”. إلا أنها تشير إلى إدراك متزايد بأنه قد لا يكون قادرا على استخدام أوراقه الرابحة.

وخسر الرئيس التركي تدريجيا دعم شرائح رئيسية من الشعب التفت حوله خلال العقد أكثر ازدهارا الذي أعقب وصوله إلى السلطة في 2003. وتظهر بعض استطلاعات الرأي أن شريحة الشباب الذين لم يعرفوا رئيسا غير أردوغان في حياتهم، تؤيد منافسه الرئيسي.

والأكراد الذين كانوا يثقون في السابق في جهوده لإنهاء اضطهادهم الثقافي، يدعمون الآن حملة كليجدار أوغلو، كما أن الأزمة الاقتصادية – الأسوأ في تركيا منذ ربع قرن والتي تنسب بمعظمها إلى آراء أردوغان الاقتصادية غير التقليدية – دفعت بمجموعات أخرى إلى فقدان الثقة بحكومته.

ولم يترك هذا للرئيس خيارات كثيرة سوى محاولة حشد مؤيديه القوميين والدينيين المتشددين للمشاركة والتصويت بأعداد كبيرة، فناشد أنصاره “سحق صناديق الاقتراع” متهما الغرب بتمويل منافسيه في محاولة لتقويض سيادة تركيا.

وقال أردوغان: “نجد صعوبة في شرح قيمنا لهذا الجيل الجديد. يقوم شبابنا بإجراء مقارنات ليس مع تركيا القديمة لكن مع دول تتمتع بظروف أفضل بكثير مما هي عليه هنا”.

دفاع عن بوتين

ودافع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نظيره الروسي فلاديمير بوتين من اتهامات منافسه الأبرز بالتدخل في انتخابات تركيا.

واتهم مرشح المعارضة الأبرز كمال كليجدار أوغلو الخميس فاعلين روسيين لم يكشف عن هويتهم بنشر محتوى بتقنية “التزييف العميق” ومعلومات مضللة أخرى تهدف إلى التأثير على نتيجة انتخابات الأحد.

ونفت الرئاسة الروسية “بشدة” هذا الاتهام ووقف أردوغان في صف بوتين خلال ظهور متلفز في حملته الانتخابية الجمعة. قائلا: “السيد كمال يهاجم روسيا، السيد بوتين. إذا هاجمت بوتين، فلن أكون على ما يرام مع ذلك”.

وأضاف الرئيس التركي: “علاقاتنا مع روسيا لا تقل أهمية عن العلاقات مع الولايات المتحدة”.

وحافظ أردوغان على علاقات عمل جيدة مع بوتين منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، واستفادت أنقرة من تخفيضات على واردات الطاقة الروسية ورفضت الانخراط في العقوبات الغربية على موسكو.

كليجدار يستعد

ويبدو أن كليجدار أوغلو (74 عاما) يستشعر بوادر السخط السائد في المجتمع التركي. فحاول هذا الموظف الحكومي السابق أن يخوض حملة شاملة تتجاهل الهجمات الشخصية التي شنها أردوغان، وتركز على التعهد بإعادة تقوية النظام الاقتصادي والحريات المدنية.

كما أحاط نفسه بخبراء اقتصاديين يثق بهم المستثمرون الغربيون. وبعض حلفاء أردوغان السابقين الذين يمكن أن يساعدوا في جذب أصوات الناخبين القوميين.

وقال حزب كليجدار أوغلو لـ”فرانس برس”، إن زعيم المعارضة ارتدى سترة واقية من الرصاص في تجمعين الجمعة بسبب وجود تهديد حقيقي على حياته.

وألقى المرشح خطابًا مقتضبًا بشكل غير معهود خلال توقفه مساء في أنقرة. حيث انتظره الآلاف تحت المطر الغزير. قائلا: “هل أنتم مستعدون لإحلال الديمقراطية في هذا البلد؟ لتحقيق السلام في هذا البلد؟ أعدكم، أنا مستعد أيضا”.

ويؤكد كليجدار أوغلو أن هدفه المباشر بعد الانتخابات سيكون إطلاق عملية تهدف إلى تجريد منصب الرئيس من العديد من السلطات التي ركزّها أردوغان بين يديه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى