سياسة

أوكرانيا تفجر الخلاف.. ماكرون وترامب على مسار التصادم


وجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في التوترات الجيوسياسية التي أثارها الرئيس الأمريكي دونالد فرصة للعودة إلى دائرة الضوء.

فبعد أن فقد أغلبيته البرلمانية بسبب انتخابات مبكرة كارثية الصيف الماضي، انشغل ماكرون في التعامل مع الأزمات الداخلية. لكنه الآن، ومع اقتراب انعقاد قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الخميس، يسعى لاستعادة نفوذه من خلال توحيد الحلفاء لدعم كييف، إلا أن هذه المبادرة تضعه في مسار تصادمي مع ترامب.

المبادرة الأوروبية لدعم أوكرانيا

بحسب تقرير لوكالة بلومبرغ، يسعى ماكرون، بالتعاون مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إلى تشكيل تحالف يضم 37 دولة لتقديم الدعم العسكري لأوكرانيا بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار.

تشمل هذه المبادرة تقديم التمويل، والقوات العسكرية، والطائرات، والسفن البحرية لحماية أوكرانيا من أي هجوم مستقبلي من روسيا.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

رغم أن بعض الدول الأوروبية لم توافق بالكامل على هذه الخطة، فإن الاجتماعات الأخيرة تشير إلى تزايد الدعم لها. وفي الوقت نفسه، تعمل الدول الأوروبية على تعزيز قدراتها العسكرية لتكون قادرة على ردع روسيا بشكل مستقل عن الولايات المتحدة.

من الصداقة إلى المواجهة

يُعد ماكرون من بين القادة القلائل الذين لديهم علاقة طويلة الأمد مع ترامب، مما يمنحه موقعًا مميزًا في التعامل مع البيت الأبيض.

ويعتقد ماكرون أن ترامب يولي أهمية كبيرة للعلاقات الشخصية، رغم أنه ليس مستمعًا جيدًا، لكن العثور على الحجة المناسبة يمكن أن يجذب انتباهه، بحسب مصادر مقربة من الرئيس الفرنسي.

ويبدو أن هذا الدور عزز مكانة ماكرون كمرجع في الشؤون الدولية. فبعد توليه منصبه، جعل رئيس الوزراء الكندي مارك كارني باريس وجهته الخارجية الأولى، حيث ناقش مع ماكرون دعم أوكرانيا وتصاعد النزعة الحمائية الأمريكية.

بيد أنه رغم هذا الزخم، تواجه جهود ماكرون تحديات كبيرة، فقد انتقده أحد نواب المعارضة في البرلمان الفرنسي مطالبا بإعادة تمثال الحرية من الولايات المتحدة لأنها لم تعد تشارك فرنسا قيمها.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، بأن “على الفرنسيين أن يكونوا ممتنين للولايات المتحدة لأنهم لا يتحدثون الألمانية”، في إشارة إلى دور أمريكا في تحرير فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية.

تعزيز القدرات العسكرية الأوروبية

في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، تسعى أوروبا إلى تحسين قدراتها الدفاعية بشكل كبير. فقد وافق البرلمان الألماني على حزمة إنفاق ضخمة بقيمة مئات المليارات من اليوروهات لتمويل الدفاع والبنية التحتية. كما بدأ ماكرون محادثات مع الحلفاء الأوروبيين حول توسيع نطاق الحماية النووية الفرنسية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

والتقى ماكرون أيضًا المستشار الألماني السابق أولاف شولتز وخليفته فريدريش ميرتس لتنسيق المواقف قبل القمة الأوروبية.

رغم الجهود المبذولة لدعم أوكرانيا وتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية، تواجه فرنسا عقبات مالية كبيرة. فأكد وزير المالية الفرنسي، إيريك لومبارد، أن البلاد لا تستطيع زيادة الاقتراض لتمويل الالتزامات العسكرية الجديدة، مما يجعل البحث عن مصادر تمويل بديلة ضرورة ملحة.

في النهاية، يبدو أن الصراع بين ماكرون وترامب حول كيفية التعامل مع الأزمة الأوكرانية سيستمر في تشكيل المشهد الجيوسياسي العالمي خلال الفترة المقبلة.

ومنذ توليه منصبه في 2017، دعا ماكرون إلى تعزيز القدرات العسكرية الأوروبية، لكنه واجه صعوبات في إقناع شركائه. واليوم، أصبحت رؤيته سائدة في العواصم الأوروبية، وسط سعي القادة الأوروبيين للتكيف مع الوضع الجيوسياسي المتغير بسرعة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى