الشرق الأوسط

إعادة بناء الجيش بالمتطوعين.. خيار الضرورة وسط تهديدات أمنية


قال الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، إن آلاف المتطوعين ينضمون الى الجيش السوري الجديد، عقب إطاحة نظام الرئيس بشار الأسد وحلّ جيشه وأجهزة أمنه، في وقت تعاني فيه البلاد من فوضى أمنية وتحديات سياسية كبيرة.

وفي مدونة صوتية (بودكاست) مع أليستر كامبل المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وروري ستيورات، الوزير البريطاني المحافظ السابق، قال الشرع في مقابلة تمّ بثها الاثنين، وفق تصريحاته المترجمة الى اللغة الانكليزية إنه لم يفرض التجنيد الإجباري بل اختار التجنيد الطوعي، لافتا الى أن الآلاف انضموا إلى الجيش السوري الجديد.

وأوضح الشرع أن عددا كبيرا من الشبان فروا من سوريا هربا من التجنيد الاجباري الذي فرضه النظام السابق وشكل الهاجس الأكبر للسوريين، بعد اندلاع النزاع عام 2011 والذي تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص.

وتعاني سوريا حاليًا من نقص حاد في القوى الأمنية، حيث لم يعد عدد رجال الأمن كافيًا لتغطية المساحة الشاسعة للبلاد، لا سيما بعد حل الأجهزة الأمنية السابقة وإطلاق سراح العديد من السجناء أثناء عمليات تحرير المعتقلين. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع معدل الجرائم، بما في ذلك السرقات والمشاكل الأمنية، مما يستدعي تعزيز التواجد الأمني، خاصة على الطرقات وفي الأسواق والمدن.

لضمان استقرار الحكم وتجنّب أزمة سياسية جديدة على الشرع أن يسرّع إنتاج الطاقة لتهدئة الشارع القلق.

وفي 29 كانون الثاني/يناير، تاريخ تعيين الشرع رئيسا انتقاليا، اتخذت الإدارة الجديدة سلسلة قرارات شملت حلّ كل الفصائل المعارضة المسلحة إضافة الى الجيش والأجهزة الأمنية.

وخسر الجيش السوري الذي كان عديد قواته المقاتلة 300 ألف عنصر قبل بدء النزاع، وفق تقديرات، نصف عناصره الذين قتلوا خلال المعارك أو فروا أو انشقوا.

وقدمت كل من إيران مع مجموعات موالية لها، وروسيا، دعما عسكريا لقوات النظام خلال سنوات النزاع، ومكنتها من استعادة السيطرة على مناطق واسعة في البلاد. لكنها انهارت سريعا في مواجهة هجوم مباغت بدأته الفصائل المقاتلة بقيادة هيئة تحرير الشام، التي تزعمها الشرع، في تشرين الثاني/نوفمبر.

وفتحت الإدارة الجديدة منذ تسلمها السلطة عشرات المراكز لتسوية أوضاع الجنود السابقين بعد صرفهم من الخدمة.

وتجري السلطات مفاوضات مع القوات الكردية التي تسيطر على مساحات واسعة في شمال شرق سوريا، بموازاة تأكيدها رفض أي تقسيم فدرالي للبلاد، بعدما أنشأ الأكراد إدارة ذاتية لمناطقهم منذ سنوات.

وكرر الشرع خلال المقابلة المطالبة برفع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا. وقال إنه يلمس اجماعا لدى زوار دمشق على ضرورة رفعها، موضحا أن بلاده تواجه تحديات أمنية كبرى، وأحد الحلول المباشرة لها هو بتحقيق التنمية الاقتصادية.

وشدد على أنه من دون تحقيق نمو اقتصادي، لن يكون هناك استقرار وهذا من شأنه أن يجرَّ الفوضى وانعدام الأمن.

من جهتها، ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، إنّ الشرع يواجه مهمة شاقة، قبل دخول سوريا في أزمة جديدة.

وأضافت في تقرير لها السبت إن الشرع أمامه تحديات كبيرة، حيث يتعيّن على حكومته اتخاذ خطوات عاجلة لضمان الاستقرار وتجنّب أزمة سياسية جديدة. مضيفة أن 13 عامًا من الحرب خلّفت حالة دمار شامل، وانهيار للخدمات العامة بشكل غير مسبوق، وأصبحت في بعض الحالات أسوأ مما كانت عليه قبل سقوط الأسد.

ويواجه الشرع تحديًا هائلًا، وفقًا للخبراء إذ يتعيّن على حكومته المؤقتة، لضمان استقرار حكمه وتجنّب أزمة سياسية جديدة، أن تسرّع إنتاج الطاقة لتهدئة الشارع القلق، غير أن خزينة الدولة فارغة، وتحقيق أي تقدّم اقتصادي يتطلّب دعمًا خارجيًا، لكن هذا الدعم يواجه عقبة العقوبات الغربية التي عزلت سوريا عن الاقتصاد العالمي.

وتؤكد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أنهما “ينتظران أدلة على أن الحكام الجدد في سوريا سيعطون الأولوية للمعايير الديمقراطية وضمان إشراك الأقليات، قبل رفع جميع القيود المفروضة، والتي كانت تستهدف في الأساس نظام الأسد“.

ورغم أن واشنطن خففت بعض العقوبات بعد سقوط الأسد في محاولة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، فإنّ قيودًا كبيرة لا تزال مفروضة على القطاع المصرفي، إذ يؤكد خبراء العقوبات أن المؤسسات المالية والأفراد سيظلون مترددين في التعامل مع السوريين حتى يتم رفع جميع القيود.

ووفق وصف الصحيفة، حتى الآن، لم تقدّم الحكومة الجديدة رؤية سياسية واضحة، ما ترك المجال مفتوحًا أمام المخاوف الاقتصادية والتساؤلات عن التوجّه الذي سيسلكه الشرع في إدارة البلاد.

كانت وزارة الخارجية السورية، طالبت برفع بقية العقوبات الأوروبية عن سوريا، بعد الخطوة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي، وعلق بموجبها بعض العقوبات لمدة عام.

وتتمحور المرحلة المقبلة، وفق الشرع حول إعادة بناء الدولة على أسس جديدة وحديثة، وتعزيز العدالة والمشورة، والاعتماد على مشاركة جميع فئات المجتمع في إدارة البلاد.

وأضاف أن هناك تحديات أمنية متمثلة بضبط السلاح داخل البلاد ضمن جهاز عسكري واحد، مشيرًا إلى موافقة الفصائل الثورية على حل نفسها، باستثناء “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى