لا تزال دولة الإمارات العربية المتحدة داعية سلام ومحبة، ورمزاً للوئام والمودة منذ تأسيسها.
على يد الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أكد رحمه الله للعالم أجمع بالقول والفعل وفي مختلف المواقف الإقليمية والدولية أن السعي الصادق نحو الأمن والأمان والسلم والسلام كفيلٌ بتحقيق السعادة للأمم والشعوب وتنمية المجتمعات وازدهارها واحترام الأفراد وتقديرهم رغم تباينهم العرقي والديني والثقافي والفكري.
دولة الإمارات تمتلك رصيداً واسعاً من الإنجازات السياسية والعلمية، ما يبعث على الاطمئنان على مستقبلها وأجيالها الواعدة فهي تبقى تَحمل المسؤولية القومية، وهي القادرة على حملها ولن تدع للقصور يسري في أوصالها، استوعبت الواقع العربي بكل تفانٍ وإخلاص وعملت على رأب الصدوع الخطيرة والانهيارات الحاصلة في الجسم العربي، والتزمت بالوقوف إلى جانب القضايا الأساسية والمصيرية، وأولاها قضية العرب المركزية.
وظلت إمارات العرب على نهج مؤسسها واثقة بنفسها وبدورها الريادي، داعمة لأشقائها وفية لمساراتها الوطنية وخططها القومية في سبيل الارتقاء الحضاري وتوطيد العلاقات الإنسانية، وفي حال تعرضت الأمة العربية إلى أي مواقف سواء أكانت داخلية أم خارجية وعلى مختلف الأصعدة كافة، فإن القيادة الإماراتية آلت على نفسها منذ انطلاقتها أن تكون حصن العرب أيام المحن والشدائد، وأن تبادر بكل همة ونشاط لمجابهة ما يعتري المنطقة من تحديات بغية تلافي الأزمات وردم الفجوات الإقليمية.
وإجمالاً، فإن الإحاطة بمواقف الإمارات القومية لا تعد ولا تحصى، وهي على الدوام تتطلع إلى وجود بارقة أمل بين الأشقاء العرب، بتحركاتها السياسية ومساندتها لهم بكل يقظةٍ وثباتٍ ويقين، لا تلين أمام الملمات ولا تحيد عن مبادئها، وعلى امتداد الساحات العربية من العراق إلى سوريا ولبنان وفلسطين والشمال الأفريقي وفي كل بقعة من الوطن العربي لها مواقف متميزة، وغايتها العمل على انتفاء الخلافات بين الدول العربية، وزوال حدة التنافر والشِقاق، وما عرف عن الإمارات سوى ارتياد ومعالجة القضايا الصعبة بدبلوماسيتها الناجحة، ومجابهة المهالك بحكمتها البالغة، لا تلتفت إلى الأهواء المضطربة ولا إلى الدعاوى المقيتة، واستحباباً لمواقفها الإنسانية لا بد أن تترافق مواقفها القومية بإصلاحات تعود بالنفع والفائدة على الأمة العربية.
وبمجرد إعادة فتح سفارتها في دمشق أواخر 2018م، قامت الإمارات بتقديم مساعدات طبية وغذائية للمستشفيات في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، وفي خريف 2017م، سافر وفدٌ إماراتي إلى دمشق من أجل الاستئناس بالواقع الميداني وتقييم احتياجات التنمية وإعادة الإعمار، والقيام بتقديم الخدمات الإنسانية والاجتماعية والصحية للشعب السوري، ومن المفيد إيضاحه أن الإمارات العربية تظل ثابتة على مواقفها، حريصة على مصائر الآخرين مخلصة في تحركاتها توّاقة إلى صنع المستحيل، تعف عند المغنم ولا تستطيرها نعماء ولا تحد من خطواتها بأساء لديها الرؤية القومية الواضحة.
وما تهدف إليه من تحركاتها أن الخلافات السياسية يجب أن توضع جانباً وبخاصة في حال تعرّضت دولة عربية أو إسلامية لأزمة بالغة الخطورة، ولا ريب أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في وقت سابق، مع الرئيس السوري بشار الأسد، حظي بأهمية إنسانية بالغة وقد عرض فيه دعم الإمارات لسوريا لمواجهة تداعيات جائحة كورونا ومساعدة الشعب السوري في هذه الظروف الاستثنائية، فالتضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار، وسوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة، وهذا الانفراج بالنسبة للشعب السوري، ولكل أطيافه ومؤسساته مدعاة فخر ونماء وتضحية وفداء.
وتجلى الموقف الإماراتي بصورة شاخصة للعيان عربياً وعالمياً والذي يترافق خلالها بإصلاحات مرتقبة عبّر عنها وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، الذي أجرى زيارة رسمية إلى أبوظبي الأسبوع المنصرم، لتعزيز التعاون المشترك، وانتقد وزير الخارجية الإماراتي قانون قيصر الأمريكي الذي يفرض عقوبات على سوريا، موضحاً أهمية عودة سوريا إلى محيطها العربي، وذلك من مصلحة سوريا والمنطقة ككل، والتحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا هو قانون قيصر، ولا بد من وجود مجالات تفتح سبل العمل معها وعودتها إلى الجامعة العربية.
وحيال هذه المواقف وثيقة الصلة بإحياء الضمائر، لا يمكن أن ينساها الإنسان في قلب التاريخ أو يغفل عن حالة اليقظة لدى القيادة الإماراتية التي لا تتأخر عن متابعة أو حالة مراقبة في محيطها العربي، ولا يمكن أيضاً أن ينساها الشعب السوري أو يتجاهل هذا الدور الإماراتي الخلّاق بوقوفها إلى جانب سوريا في حربها ضد الإرهاب ومعالجتها لكثير من القضايا ذات الأهمية بالنسبة للمنطقة العربية. يقول المهاتما غاندي: “أنا لا أسعى فقط لتحقيق الأخوة الإنسانية لدى الهنود، كما أنني لا أعمل فقط من أجل حرية الهند، رغم أن ذلك يستحوذ بلا شك عملياً على كل حياتي وكل وقتي، ولكن من خلال تحرير الهند، آمل أن أواصل العمل لتحقيق مسيرة الأخوة البشرية”.
ولا خيار للبشرية سوى التعاون والتآزر والعمل على وقف نزيف الحروب انتصاراً للإنسانية، ونشر قيم المحبة والتسامح والسلام، وهذه دولة الإمارات تمضي بمساعيها وبمواقفها القومية لجمع أشقائها العرب على صعيد واحد، وأغلب تلك الصراعات يمكن تجاوزها بوساطة الوسيط النزيه، وصاحب الدور الفعال من قبل مختلف الفرقاء، ذلك يعكس طبيعة الدور الإماراتي الذي نجح إقليميا ودولياً في مواقف عديدة تتمحور باتجاه نبذ الخلافات ورأب التصدعات في سبيل بناء الأوطان وتحريرها من الأخطار والأوهام المحدقة، وتلك إمارات العرب غدت للإنسانية جمعاء.