“اتفاق نووي مؤقت”.. نفس الأخطاء والنتائج
تعود محادثات فيينا حول نووي إيران الأسبوع المقبل بعد توقف 5 أشهر وسط مشهد لا يبدو متفائلاً، مع تضاؤل فرص تحقيق انفراجة بهذه المحادثات.
نقاط الخلاف بين طهران ودول الاتفاق النووي السابق لا تزال كما هي بعد ست جولات من المفاوضات المطولة، وما بين آخر جولة في يونيو الماضي واليوم متغيران أساسيان:
الأول، التغير السياسي، الذي حصل في إيران مع وصول إبراهيم رئيسي إلى سدة الرئاسة الإيرانية..
والثاني، التقدم الذي أحرزه البرنامج النووي الإيراني على صعيد الارتقاء بنسبة تخصيب اليورانيوم إلى درجة مرتفعة جداً تصل، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإعلان إيران، إلى 60%.
ومع وجود فرص بعيدة لتحقيق انفراجة في محادثات فيينا، وفي ظل تعنّت إيران وخلافها مع مفتشي الأمم المتحدة، ثمة تلويح بحلول سلمية أخيرة حسبما كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إذْ تنوي واشنطن اقتراح “اتفاق مؤقت” على إيران خلال المفاوضات القادمة.
فكرة هذا الاتفاق المؤقت أثارها مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، خلال محادثات مع نظيره الإسرائيلي، إيال هولاتا، مشيراً إلى احتمال إبرام مثل هذا الاتفاق مع إيران بهدف إتاحة مزيد من الوقت للمفاوضات النووية.
ويقضي الاتفاق بأن تُعلّق إيران نشاطها النووي، مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، مقابل إفراج الولايات المتحدة وحلفائها عن بعض الأموال الإيرانية المجمّدة.
ربما الإعلان عن الاقتراح الجديد يفسر سبب زيارة المبعوث الأمريكي بشأن إيران، روبت مالي، عدداً من دول الخليج العربي وإسرائيل الأسبوع الماضى، والتي كان الهدف منها تبرير الاقتراح الأمريكي والتشاور حوله وإرسال تطمينات لدول المنطقة المعنية بسلوك إيران العدواني.
ولكن هناك تساؤلات مهمة حول هذا الاقتراح الأمريكي، أبرزها:
هل يمكن أن يكون هذا الاتفاق المؤقت حلاً دائماً للمسألة الإيرانية؟، وهل ينبئ هذا الاقتراح بنجاح مقاربة إدارة الرئيس “بايدن” تجاه إيران؟، وهل سيمنح هذا الاقتراح المنطقة الاستقرار والأمن اللذين تفتقدهما؟
بلا شك، هذا الاتفاق النووي المؤقت، إنْ تم، يعكس فشل سياسة إدارة الرئيس “بايدن”، التي أعلنها تجاه إيران في بداية ولايته، إذْ كانت إدارته تدعو إلى اتفاق “أوسع وأقوى وأشمل” يتضمن الملف النووي والصواريخ الباليستية والسلوك الإقليمي، لتتقلص سياسة “بايدن” تجاه إيران إلى وقف تجاوزات طهران بشأن تخصيب اليورانيوم وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي فقط.
هذا التخبّط الأمريكي جاء نتيجة تغير أولويات سياسة الولايات المتحدة وأهدافها في الشرق الأوسط، والتي تعكس عدم اهتمام بتعزيز عوامل الاستقرار والأمن في المنطقة ككل.
الاتفاق النووي السابق في 2015 كان فاشلاً، ولذلك الفشل مسببات منطقية وواقعية، أبرزها أنه كان محدداً بفترة زمنية معينة، حيث تنتهي صلاحيته عام 2025، وأيضاً لم يتطرق لطموحات الهيمنة والتوسع لدى النظام الإيراني وصواريخه الباليستية، وذلك ما قد يتكرر اليوم في فيينا، فالنتيجة لن تكون مختلفة بالتأكيد، فالاتفاق المؤقت يمكن أن يصبح دائماً، بما يسمح لإيران بالحفاظ على بنيتها التحتية النووية وتزويدها باليورانيوم، الذي ضاعفت مخزونه، وعندئذ تصبح المنطقة في سباق تسلّح نووي لا يمكن ضبطه.