الجرح المكشوف للحوثيين.. إخفاؤه لا يعني الشفاء

اعتمد الحوثيون في اليمن نهج إخفاء الجرح، لكنهم على ما يبدو عاجزون عن وقف النزيف.
وتركز المليشيات اليمنية على إظهار الطابع المدني للمواقع التي تقصفها المقاتلات الأمريكية، وهي استراتيجية قد تمكنهم لبعض الوقت من خداع الرأي العام المحلي والعالمي، بحسب مراقبين.
ويقول المراقبون إن معضلة الحوثي تكمن في انكشافه عسكريًا أمام الضربات الأمريكية. حتى حينما يخفي أسلحته في منشآت ذات طابع مدني.
ومؤخرًا استهدفت غارة أمريكية موقعًا جنوب الحديدة. وروّج الحوثيون حينها أن القصف أصاب تجمعًا قبليًا.
وعلى غير المعتاد، أكدت الحكومة اليمنية في بيان صدر أمس الجمعة أن الغارة أصابت. وفدًا أمنيًا حوثيًا وتسببت في مقتل 70 شخصًا، بينهم قياديون وعناصر من الحرس الثوري الإيراني.
ونشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقطعًا مصورًا للعملية نفسها وأرفقه بعبارة: “هؤلاء الحوثيون تجمعوا للحصول على تعليمات بشأن هجوم”. وأضاف: “عفوًا، لن تكون هناك هجمات من جانب هؤلاء الحوثيين. لن يُغرِقوا سفننا مرة أخرى”.
-
بالخطأ.. إدارة ترامب تفضح خطة عسكرية سرية لاستهداف الحوثيين
-
قواعد وأنفاق الحوثي في مرمى الضربات الأمريكية مركزة
وقالت مصادر إن مليشيات الحوثي تلجأ عقب كل قصف لأهدافها، لا سيما الأهداف المدنية المعسكرة، إلى فرض طوق أمني حولها لتصفية المسرح من أي أدلة أو بقايا وآثار قد تدينها. ثم تجلب مصوري الإعلام الحربي للتغطية، وتقوم لاحقًا بتعميم الصور على وسائل إعلامها.
هذا ما حدث في صالة المناسبات التي قُصفت في حي الجراف بصنعاء. حيث كان المبنى قيد الإنشاء غطاءً لمركز عسكري حوثي، وكذلك مزرعة المواشي في الجوف. التي تبيّن أنها كانت موقعًا لمنصات صواريخ طويلة المدى.
وينطبق الأمر على عشرات الأهداف التي تعمدت مليشيات الحوثي إضفاء الطابع المدني عليها. للتقليل من تأثير فاعلية الضربات وتضليل السكان المحليين بأن الغارات تطال منشآت مدنية.
-
بعد استئناف الحرب في غزة وتصاعد التوترات مع الحوثيين.. واشنطن تعزز وجودها العسكري بالشرق الأوسط
-
الجبايات الحوثية: نهب منظم للمواطنين تحت ستار الزكاة
خطة تضليل سابقة التجهيز
وتشير متابعة وسائل إعلام الحوثي، كـ”قناة المسيرة” على سبيل المثال، إلى وجود خطة مركزية للمليشيات لتطبيق تكتيكات الخداع عسكريًا وسياسيًا. لتصوير أن الضربات تستهدف مواقع مدنية لا أهدافًا عسكرية، وهو نهج قائم لدى الحوثي منذ تفجيره أولى حروبه في عام 2004.
كما يُعد ذلك جزءًا من خطة تضليل فعالة ومعقدة تمارسها المخابرات الوقائية للحوثيين، وتسعى من خلالها إلى تكريس سردية تفوقها في التمويه لإخفاء أهدافها العسكرية. وإظهار أن ما يُقصف هو مجرد مناطق مدنية.
وذكر مصدر أمني أن “أعضاءً بجهاز الأمن والمخابرات الحوثي رسموا مؤخرًا محددات الخطاب الإعلامي كجزء من خطة التمويه”.
هل يمكن إنقاذ المعنويات؟
ولا تكتفي مليشيات الحوثي بتضليل السكان والرأي العام وحجب أنظارهم عن الخسائر. وإنما ترمي إلى إبقاء جبهتها الداخلية متماسكة، وفقًا للمراقبين.
وبحسب المحلل السياسي والإعلامي أدونيس الدخيني، فإن “مليشيات الحوثي لم تُقِر يومًا بضربة جوية واحدة استهدفت معسكرًا لها، حتى عند استهداف المقار العسكرية. كانت تذكر اسم المنطقة فقط لإخفاء الحقائق”.
-
التصعيد في اليمن.. اختبار صعب لواشنطن أمام تهديدات الحوثيين
-
إجراءات مشددة: مليشيات الحوثي تخفي زعيمها من “الجحيم الأمريكي”
وأوضح الدخيني أن “الهدف الحوثي هو محاولة نكران فاعلية الضربات الجوية. إلى جانب محاولة حشد الرأي العام إلى جوارها بتصوير الضربات على أنها تستهدف منشآت مدنية”.
وأضاف: “هذا لا يعني أن المليشيات لم تخزن الأسلحة وتستخدم المنشآت المدنية لأغراض عسكرية، فهناك الكثير من المنشآت استُخدمت لأغراض عسكرية. كمدارس ومنشآت حكومية، كمقرات قيادة ومخازن أسلحة، مما عرضها للقصف”.
ويقول المراقبون إن خطة الحوثي قد تؤتي ثمارها لبعض الوقت على الأقل. لكن كيف يمكنهم معالجة الانكشاف الاستخباراتي ووقف النزيف المتواصل؟