الحرب الأهلية تطارد شمال العراق قبل الانتخابات
مدينة كركوك الواقعة في شمال العراق، التي ابتُليت بلعنة النفط والمتنازَع عليها منذ فترة طويلة بين مجتمعاتها العِرْقية، تترنح مرة أخرى على حافة الحرب الأهلية، مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية بعد ثلاثة أشهر فقط.
اشتعال الأزمة
وأكدت صحيفة “المونيتور” الأميركية، أن الأزمة بدأت عندما قرر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في أواخر أغسطس أن تقوم قيادة العمليات المشتركة في الجيش العراقي بإخلاء مقرها في كركوك وإعادة المبنى إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحزب الحاكم لكردستان العراق.
وتابعت الصحيفة أن هذا القرار، الذي كان المقصود منه أن يكون بادرة حسن نية تجاه الحزب الديمقراطي الكردستاني، أدى إلى إثارة الحساسيات والمخاوف العِرْقية في المدينة الغنية بالنفط المتنازَع عليها تاريخياً، والتي استعادتها قوات الحكومة المركزية من السيطرة الكردية قبل ست سنوات فقط.
وأضافت أنه مع توجُّه كركوك إلى انتخابات مجالس المحافظات في 18 ديسمبر، أثار صعود الحزب الديمقراطي الكردستاني في المدينة غضب الجماعات الأخرى، بما في ذلك المنافس الكردي الرئيسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، الاتحاد الوطني الكردستاني.
انقسامات أعمق
وأوضح الموقع الأميركي أن الخلاف يرتبط أيضًا بالديناميكيات السياسية المعقدة في العراق، والتي تطلبت الدعم الكردي لتشكيل حكومة في بغداد في عام 2022.
ووفقًا لوسائل الإعلام العراقية، كانت إعادة المقر المتنازَع عليه إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني جزءًا من الصفقة، إلى جانب تنازُلات أخرى للأكراد.
وأثار الأمر الذي أصدره السوداني احتجاجاً من جانب أفراد القبائل العربية السُّنية والجماعات التركمانية وعصائب أهل الحق، وهي ميليشيا شيعية تابعة لوحدات الحشد الشعبي، وفي 2 سبتمبر، حاول متظاهرون أكراد مناهضون لهم الاقتراب منهم، مما دفع قوات الأمن إلى التدخل، وأدى العنف الذي أعقب ذلك إلى مقتل أربعة أشخاص، وتم فرض حظر التجوُّل.
وفي محاولة لنزع فتيل التوترات. التقى السوداني بأعضاء البرلمان من كركوك ومسؤولين من حكومة إقليم كردستان في اليوم التالي، في حين علقت المحكمة العليا في العراق أمر تسليم رئيس الوزراء.
وانتقد رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني حكم تعليق المحكمة ووصفه بأنه “مهزلة”. في حين حذر زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني من “ثمن باهظ” لإراقة الدماء.
وأكدت الصحيفة الأميركية أن المبنى كان مهمًا للحزب الديمقراطي الكردستاني لعدة أسباب: فقد سهّل السيطرة على آبار النفط. ويمكن تعزيزه بسرعة من أربيل. ويتمتع بحماية طبيعية بسبب الاستيطان الكردي في الشمال. ولكن بعد وقت قصير من استفتاء استقلال كردستان في سبتمبر 2017. انتقل الجيش العراقي إلى كركوك. مما أجبر القوات الكردية على الانسحاب وتم إقالة حاكم المدينة الكردي واستبداله بنائبه العربي.
وفي وقت لاحق، تم إنشاء قيادة العمليات المشتركة. وتضم أعضاء من قوات الحشد الشعبي. وقوات البشمركة الكردية، ووحدات المخابرات الكردية المعروفة باسم الأسايش. وقوات مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني. إلى جانب أفراد من الجيش العراقي وأجهزة الأمن والاستخبارات.
وعلمت الصحيفة أنه تم تخصيص غرفتين لأسايش الحزب الديمقراطي الكردستاني في المبنى المتنازَع عليه. كما تمركز هناك أعضاء من قوات مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني. ومع ذلك، لم تشارك أي من القوات الكردية في السيطرة على المدينة.
وأثار قرار السوداني بتسليم المبنى إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني .مخاوف بين المجموعات الأخرى من عودة البشمركة إلى كركوك بقوة قبل الانتخابات.