الحوثي تهديد عالمي.. ما الجديد
يرفض الكثير من اليمنيين هجمات مليشيات الحوثي في البحر الأحمر وتهديداتها للملاحة البحرية الدولية بغطاء نصرة غزة، وذلك إثر التداعيات الفادحة على مستوى الداخل.
وتصر مليشيات الحوثي على “إكساب هجماتها البحرية غطاءً شعبيا وذلك عبر تعمدها إخراج مظاهرات بالقوة لأتباعها ولمواطنين أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل في أطماع المليشيات بزعم أن تهديداتها للملاحة تستند إلى تأييد شعبي داخلي”، وفق محللين.
مواطنون وناشطون وباحثون اعتبروا ما يفعله الحوثيون من تهديدات، مقامرة لها آثار سلبية على المواطن اليمني، وتزيد من معاناة الشعب اليمني الذي يواجه أصلا أزمات داخلية منذ أواخر 2014.
ميزان مختل
وظل اليمنيون طيلة السنوات الماضية عرضة لميزان دولي مختل يساوي بين الضحية من أبناء الشعب اليمني والجلاد من الحوثيين، وحين ذهبت مليشيات الحوثي لمهاجمة سفن الشحن عندها استيقظ العالم من سباته، وفق المواطن اليمني معاذ القاضي.
وقال القاضي وهو سائق حافلة ركاب من مدينة تعز إن “الشارع اليمني يرفض هجمات الحوثي وما يقوم به من قرصنة للسفن وتهديد ملاحة البحر الأحمر، تحت غطاء إلحاق الضرر الاقتصادي بإسرائيل لكنه يطالب العالم بعقاب هذه المليشيات وعدم السكوت والتغاضي عن جرائمها.
وأضاف القاضي (37 عاماً) أن “مليشيات الحوثي ركبت على ظهر ودماء القضية الفلسطينية لتبييض جرائمها بعد أن دمرت مؤسسات الدولة ونهبتها، وارتكبت أبشع الجرائم بحقنا، بدعوى كاذبة تزعم أنها الحرب ضد أمريكا وإسرائيل”.
وتساءل “كيف لمليشيات قتلت اليمنيين وشردتهم، وحاصرت المدن وقطعت الطرقات، أن تنتصر لفلسطين؟ كما أنه كيف لمليشيات لا تزال تحاصر تعز وترفض أي مبادرات سلام أن تنتصر لقضايا قومية ومحورية”، في إشارة لمتاجرة المليشيات بقضية فلسطين.
اليمن المتضرر الأول
“تحاول مليشيات الحوثي إظهار أنها تستند في هجماتها في البحر الأحمر إلى حاضنة وقاعدة شعبية، وهو ما لم تحصل عليه، بعد أن تجرع أبناء الشعب اليمني ويلات حرب المليشيات منذ 9 سنوات”، وفق رئيس مركز نشوان للدراسات في اليمن عادل الأحمدي.
وقال الأحمدي إن “اليمن هو المتضرر الأول من القرصنة الحوثية الإيرانية في البحر الأحمر، وما سيترتب عليها من تبعات على اليمنيين”.
وأضاف الأحمدي أن “ما يقوله الحوثي ويدعيه فهو ليس جديداً، فهم لا يعترفون بالشعب اليمني ولهذا السبب يعتبرون أنهم وأنصارهم كل الشعب اليمني، والحقيقة أن اليمنيين يعلمون من هو الحوثي أكثر من الذين انخدعوا بفكرة أن الحوثي يحارب لنصرة غزة، بينما كل حربه لم تترك أي أثر مباشر”.
وحذر الباحث اليمني من “ارتفاع أسعار التأمين على السفن في البحر الأحمر وتلك الواصلة موانئ اليمن، مما سيؤدي لرفع تكاليف الاستيراد وتعقيدات في استيراد بعض الاحتياجات خاصة الأساسية”.
وأضاف: “كل هذا فضلاً عن المخاطر الأمنية والاستراتيجية الناتجة عن عسكرة البحر الأحمر بجلب القوى الدولية للوصاية هناك، حيث إنه إذا لم نسلم من عمليات عسكرية قد يرافقها إجراءات لا تضر الحوثي بشكل مباشر بالضرورة، بقدر ما تضر اليمنيين بشكل عام”.
ودعا الأحمدي “التحالف العربي والشرعية اليمنية الانتباه لخطورة الوضع وأهمية أن يكون ذلك، جرس إنذار يجب أن يسهم في إعادة النظر بالأخطاء المتصلة بتأجيل تحرير الحديدة، وأي تحرك لا يعمل بحسابه تحرير الحديدة، إنما يطيل أمد معاناة اليمنيين”.
أضرار عالمية
من جهته، قال رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن عبدالستار الشميري، في حديثه إن “ما يحدث في البحر الأحمر من قبل الحوثيين، يعد معادلة جديدة خارج قواعد الاشتباك المعهودة، وإنه سيلحق الضرر بالعالم أجمع في مقدمته دول المنطقة، وقناة السويس، والدول المصنعة للنفط”.
وأضاف الباحث السياسي اليمني أن “هجمات مليشيات الحوثي في البحر الأحمر، ستؤثر بشكل كبير على المصالح اليمنية، من حيث ازدياد كلفة الناقلات والشحن، وشحة المواد التي سوف تصل إلى اليمن”.
وأشار إلى أن “لهجمات الحوثي أضرارا كبيرة في الاقتصاد اليمني، الذي سوف تعود تبعاته على المواطن البسيط، وانهيار الحياة المعيشية”.
وأكد أن “هذه المعادلة تعد مُكلفة على الجميع، ولا شك أن العالم سوف يتحرك، لعمل احتياطات وتحوطات لحماية الشواطئ اليمنية، والأماكن التي تنطلق منها هذه الصواريخ، كما بدأنا نلاحظ ذلك من خلال انتقال ناقلة الطائرات الأمريكية من الخليج العربي إلى عدن”.
وقال: “مسرح العمليات في البحر الأحمر بات وشيكاً، والمواجهات باتت وشيكة أيضاً، وستكون هناك خسائر تجارية وربما بشرية”، منوهاً أن “هذا ما يخشاه المواطن اليمني، كونه أول المتضررين مما سينتج من هجمات مليشيات الحوثي“.
الحوثي تهديد عالمي
ما قاله الشميري أتى عليه، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية في اليمن سعيد بكران، بأن مليشيات الحوثي تبذل عبر ناطقهم محمد عبدالسلام جهوداً لشرح وجهة نظرها القائمة على فكرة أن تهديداتها ليست عالمية ولا تستهدف أي طرف عالمي سوى إسرائيل وأن الاستهداف مرتبط بالحرب في غزة ومطالبهم مشروعة ومحدودة وقف الحرب وفتح المعابر.
وقال بكران إن ”هذا الجهد برز بعد إعلانات كبريات التحالفات الملاحية مقاطعة الإبحار عبر البحر الأحمر بشكل كامل تحت وطأة ما تعتبره شركات الملاحة تهديدات ومخاطر تواجه الخط الملاحي مصدرها من قبل الحوثيين”.
وأضاف أن “التصعيد الملاحي العالمي مربك لمليشيات الحوثي وهو ينسف روايتهم ويؤكد الرواية التي تقول أن تصرفاتهم تشكل تهديد عالمي”.
وهي رواية- وفق بكران- تقوم على أن الحوثيين لم يستهدفوا الموانئ والأصول الإسرائيلية فيها وعطلوها مثلاً، وإنما استهدفوا السفن والخطوط الملاحية التي تملكها دول أخرى تعترف بإسرائيل وتتعامل معها بشكل طبيعي.
كما “تقوم أيضاً على أن مبدأ حرية الملاحة والتجارة الدولية وضمان حماية التبادلات العالمية مبدأ كلي لا يمكن تجزئته فإما أن يكون البحر الأحمر ممراً آمناً للتبادلات التجارية والمرور لجميع المتبادلين والمشتركين في ملكية سفنه وشركاته الملاحية بما فيهم إسرائيل، وإما لا يكون آمناً بشكل كامل لمبدأ حرية الملاحة”، وفقا لبكران.