سنوات طويلة من الضياع والترنح وعبث القوى الخارجية بالعراق.
وهذا واقع مرير سيزول طال الأمد أم قصر ولكن في الوقت ذاته لا يمكن لعاقل أن يظن بأن هذا يمكن تغييره بين يوم وليلة، لذلك فإن المحن المتلاحقة التي تتوالى على العراق على هيئة انفلات أمني أو جريمة بشعة، ما هي إلا إرهاصات تنبئ بالتغيير الحقيقي الذي تعمل عليه الحكومة العراقية بقيادة رئيسها “مصطفى الكاظمي”، وكانت آخر تلك المحن الحادث المؤسف الذي وصل حد الكارثة في انفجار أطنان من الأوكسجين المخزنة في مستشفى ابن الخطيب المخصص لمرضى فايروس كوفيد19.
حادث من حيث المبدأ وارد الحدوث في أي مكان وزمان في المعمورة، ولا بد للعراقيين من أن يقفوا صفا واحدا ولا سيما في المحن من أجل التغلب عليها، فلا نهضة للعراق دون تكاتف جميع العراقيين على مبدأ “العراق أولا”، وهو ما تنادي به حكومة الكاظمي التي ما زالت تعمل جاهدة على إرساء هذا المبدأ في السيادة العراقية ككل، بالإضافة إلى إعادة العراق إلى عمقه وهويته العربية، إذ لا يمكن للعراق أن ينهض دون هذين العاملين: المساعي العراقية الموحدة، والدعم العربي المتكامل، وانطلاقا من هذه الحقائق فإن نهضة العراق مرهونة بجهدين رئيسين:
الأول: جهد محلي: إذ على العراقيين اليوم ولا سيما في هذه الحادثة المفجعة وغيرها الالتفاف وراء حكومتهم وإعطائها الوقت الكافي لإنجاز مهامها، وانتظار نتائج التحقيقات وفتح ملفات المحاسبة للمقصرين دون أدنى تسامح في كارثة أزهقت 82 روحا بريئة ونفسا طاهرة، أما إطلاق الاتهامات جزافا فليس من شأنه إلا أن يقوض العمل وأن يؤجج أزمة الثقة التي يناضل العراقي منذ سنوات طويلة للتخلص منها.
الثاني: الجهد الخارجي: ويكمن في مد اليد العربية للعراق، وهو حاصل بالفعل، ولا سيما من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتان تحثان الخطى وتبذلان الجهود لإقالة عثرة العراق ومساندته في رحلة نهوضه، كما يكمن ذلك الجهد بجهود المجتمع الدولي الذي يجب أن يمعن النظر بأن العراق ليس مجرد ساحة قتال وحرب أجندات، فهو بلد عريق يستحق الحياة وبحاجة للدعم السياسي والإنساني واللوجستي، لتحسين واقع الخدمات الصحية والتعليمية والخدمية.
فهذه الحوادث المؤلمة على الرغم من قساوتها وشدة وجعها، إلا أنها قدر واقع، ولكن المعول يكون في قراءة مثل هذه الحوادث بعمق من حيث مسبباتها ونتائجها من جهة، ومن حيث الحلول الناجعة لمثلها من جهة أخرى، وهذا ما ينشده كل عراقي، ولكن هذه الحلول لا بد أن يعمل عليها بجد على المستويين المحلي والخارجي وعندها سينهض العراق من جديد.