العراق نحو سنواتٍ سمان
بثقافته وحضارته وبشره.. يبقى العراق عربياً أبياً كشيء من المسلمات التي لا تقبل التشكيك.
فهو بلاد الرافدين ومنبع لغة الضاد التي تفنن في التشكيل عليها شعراء يأبى الزمن أن يلد مثلهم.
التاريخ كان مليئاً بمحاولات لتغيير هوية العراق وعروبته على يد بعض القوى السياسية التي عمدت إلى تمرير نصوص في الدستور تلغي عروبة العراق، فشُنّت الحملات الدعائية المغرضة التي أثارت النزعات والحنق ضد أغلبية الشعب العراقي في محاولة لربط اسمهم بالإرهاب وقتل فئة من أبناء الشعب العراقي، كما طالت الحملات مهاجمة الفكر القومي في سنوات خلت لدحض الحقائق التاريخية التي تربط العراق بالأمة العربية.
وكما مرت سنوات عجاف على العراق فترة الحروب والتدخلات الخارجية من إيران وأمريكا في شؤونه وترزحه تحت وطأة الأيديولوجيا وداعش والتمرد الطائفي، يبدو أن هذا البلد على وشك بدء سنواته السمان الآن.
الدكتور مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي، يبذل محاولات تبدو مجدية لانتشال بلده من أزماته وويلاته، فاختار العودة للحضن العربي، وكان لا بد وأن يبدأ الطريق من الثقلين السعودية والإمارات، ليرسم طريق الاستقرار والازدهار.
فالتوازن متعدد الأقطاب داخل المنطقة العربية يبدو عنواناً جديداً لمرحلة العلاقات المقبلة بعد زيارات خليجية تكللت بالشراكات والاتفاقات المهمة، قام بها الكاظمي ولاقى حفاوة الترحيب معيداً علاقات دبلوماسية قد توقفت مع الرياض تحديداً عقب الغزو العراقي للكويت عام 1990.
وإذ إن هذه المساعي تعيد لبغداد جانباً من توازنها واعتبارها في المنطقة، فإنها تؤكد الدور المحوري الكبير لثقل المملكة والإمارات، مما يقوي من النسيج ويزيد من المناعة العربية.
على صعيد المنافع يبدو العراق مخنوقاً من كونه مرهوناً بتغذية نحو 80% من احتياجاته من الغاز عبر إيران، ومصاباً بعوز الطاقة وفقر التنمية وهو أحوج ما يكون لإعادة الإعمار والبناء، فوجد عند شقيقه الإماراتي مبتغاه، ليؤكد الكاظمي في لقائه مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن التجربة الإماراتية في العمران والبناء لا مثيل لها، ويرغب العراق في أن يكون يداً واحدة مع الإمارات للانطلاق نحو تجربة جديدة.. مما شكل أرضية صلبة لانبثاق تعاون اقتصادي واستثماري يصل لثلاثة مليارات دولار، إلى جانب تعزيز التعاون في مجال الطاقة والتعاون الأمني والعسكري وتبادل المعلومات لمكافحة الإرهاب.. فالأمن والاقتصاد والتنمية ثالوث التعمير.