سياسة

الكواليس خلف هجوم 7 أكتوبر: تعاون حماس مع إيران وحزب الله


خلافا لما أعلنت إيران وحزب الله اللبناني بعدم علمهما بالهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي،

 أظهرت وثائق كُشف عنها النقاب مؤخرا أن الحركة الفلسطينية نسقت الهجوم مع طهران والحزب اللبناني.

وكان المرشد الإيراني علي خامنئي نفى أن تكون إيران لعبت أي دور في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأكدت إيران دعمها للهجوم، وعدم علمها بتفاصيله، وهو ما شدد عليه أيضا حسن نصر الله زعيم حزب الله قبل مقتله.

ونفت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة ما ورد في الوثائق، وقالت لصحيفة “نيويورك تايمز”: “كل التخطيط واتخاذ القرار والتوجيه اتخذ من قبل الجناح العسكري لحماس المتمركز في غزة، وأي ادعاء يحاول ربطه بإيران أو حزب الله، إما جزئيا أو كليا، خالٍ من المصداقية ويأتي من وثائق ملفقة.

ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تفاصيل وثائق حساسة تتعلق بمحادثات بين زعيم حماس يحيى السنوار وقادة الحركة لإقناع إيران وحزب الله بالانضمام لحرب مع إسرائيل كان يُخطط لها.

وذكر تقرير الصحيفة أن السنوار اجتمع مع كبار قادة حماس على مدى أكثر من عامين للتخطيط لما كانوا يأملون أن يكون الهجوم الأكثر تدميراً وزعزعة لاستقرار إسرائيل في تاريخها.

وتُلقي محاضر اجتماعات حماس السرية، التي استولى عليها الجيش الإسرائيلي واطلعت عليها “نيويورك تايمز”، سجلاً مفصلاً للتخطيط لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، فضلاً عن تصميم السنوار على إقناع حلفاء حماس (إيران وحزب الله) بالانضمام إلى الهجوم أو على الأقل الالتزام بمعركة أوسع نطاقاً مع إسرائيل إذا نفذت حماس غارة مفاجئة عبر الحدود.

وتظهر الوثيقة جهودا مكثفة من حماس لخداع إسرائيل بشأن نواياها، في شن هجوم جريء واشتعال إقليمي كان يأمل السنوار أن يؤدي إلى “انهيار إسرائيل”.

وتتكون الوثائق من محاضر عشرة اجتماعات تتضمن خططا سرية لمجموعة صغيرة من القادة السياسيين والعسكريين لحماس في الفترة التي سبقت الهجوم، وتتضمن 30 صفحة عن تفاصيل الطريقة التي تعمل بها قيادة حماس.

وتوضح الوثائق الاستراتيجيات والتقييمات الرئيسية لحماس، التي تمثلت في:

  • خططت حماس في البداية لتنفيذ الهجوم، الذي أطلقت عليه اسم “المشروع الكبير”، في خريف عام 2022، لكنها أرجأت التنفيذ في محاولة لإقناع إيران وحزب الله بالمشاركة.
  • “الوضع الداخلي” في إسرائيل، في إشارة واضحة إلى الاضطرابات بشأن خطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المثيرة للجدل لإصلاح القضاء، كان من بين الأسباب التي دفعت حماس على التحرك نحو معركة استراتيجية.
  • في يوليو/تموز 2023 أرسلت حماس مسؤولاً رفيع المستوى إلى لبنان، حيث التقى قائد إيراني كبير وطلب المساعدة في ضرب المواقع الحساسة في بداية الهجوم.
  • هل يشغل هاشم صفي الدين المرتبة الثانية في حزب الله بعد نصر الله؟

  • «شحنات الموت».. كيف يلعب وفيق صفا دور «الشفرة المفخخة» في عمليات حزب الله؟

  • قال القائد الإيراني الكبير لحماس إن إيران وحزب الله يدعمانها من حيث المبدأ، لكنهما في حاجة إلى مزيد من الوقت للتحضير، ولا تشير المحاضر إلى تفاصيل الخطة التي قدمتها حماس لحلفائها.
  • حماس خططت لمناقشة الهجوم بمزيد من التفصيل في اجتماع لاحق مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي قتلته إسرائيل، لكن الوثائق لا توضح ما إذا كانت المناقشة قد حدثت بالفعل.
  • كانت حماس مطمئنة إلى الدعم العام من جانب حلفائها، ولكنها خلصت إلى أنها قد تحتاج إلى المضي قدماً دون مشاركتهم الكاملة، لمنع إسرائيل من نشر نظام دفاع جوي جديد ومتطور قبل وقوع الهجوم.
  • تجنبت حماس أي مواجهات كبرى مع إسرائيل لمدة عامين بدءاً من عام 2021، من أجل تعظيم المفاجأة التي أحدثها هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وكما رأى القادة أنهم يجب أن يبقوا على قناعة إسرائيل بأن حماس في غزة تريد الهدوء.

وأظهرت الوثائق أن قادة حماس في غزة اطلعوا زعيم حماس السابق إسماعيل هنية، الذي قتلته إسرائيل في إيران في يوليو/تموز الماضي، على معلومات حساسة تتعلق بـ”المشروع الكبير”، ما يقوض التقارير التي تحدثت عن وجود خلاف بين قيادة حماس في غزة وإسماعيل هنية.

مقدمة الحرب

تقدم الوثائق سياقا أوسع نطاقا لواحدة من أكثر اللحظات محورية في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، إذ تظهر أنها كانت تتويجا لخطة استمرت لسنوات، فضلاً عن كونها خطوة تشكلت جزئيا من خلال أحداث محددة بعد عودة نتنياهو إلى السلطة في إسرائيل في أواخر عام 2022.

وأسفر الهجوم على إسرائيل إلى مقتل ما يقرب من 1200 شخص ودفع إسرائيل إلى قصف غزة وغزوها، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين والمسلحين الفلسطينيين.

وتحول الهجوم إلى حرب أوسع نطاقاً بين إسرائيل وحلفاء حماس الإقليميين، ما أدى إلى اغتيال إسرائيل لكبار القادة الإيرانيين وقادة حزب الله ومهاجمة لبنان، فضلاً عن الضربات الصاروخية الباليستية الإيرانية على إسرائيل.

وتم اكتشاف محاضر اجتماعات حماس على جهاز كمبيوتر عثر عليه جنود إسرائيليون في أواخر يناير/كانون الثاني أثناء تفتيشهم لمركز قيادة تحت الأرض في خان يونس، جنوب غزة، الذي فر منه قادة الحركة مؤخرا.

وقامت صحيفة “نيويورك تايمز” بتقييم صحة الوثائق من خلال مشاركة بعض محتوياتها مع أعضاء وخبراء مقربين من حماس.

وقال صلاح الدين العواودة، وهو عضو في حماس ومقاتل سابق في جناحها العسكري وهو الآن محلل مقيم في إسطنبول، إنه كان على دراية ببعض التفاصيل التي جاءت في الوثائق، وأن الاحتفاظ بملاحظات منظمة يتفق مع الممارسات العامة للجماعة.

وخلص الجيش الإسرائيلي، في تقرير داخلي منفصل حصلت عليه صحيفة “نيويورك تايمز”، إلى أن الوثائق حقيقية وتمثل فشلاً آخر من جانب مسؤولي الاستخبارات في منع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وأثار اكتشاف هذه الوثائق اتهامات بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وتساءلت المراجعة العسكرية الداخلية للوثائق عن سبب فشل جواسيس إسرائيل في الحصول عليها قبل أن تشن حماس هجومها.

شفرة حماس

ووجد ضباط الاستخبارات الإسرائيليون أن قادة حماس استخدموا مرارا وتكرارا نفس عبارة (المشروع الكبير) في سياقات مماثلة، لكن الضباط لم يفهموا ما يعنيه المصطلح حتى قرأوا الوثائق بعد الهجوم، وفقا لمسؤولين إسرائيليين مطلعين على المعلومات الاستخباراتية حول قادة حماس.

ولا تقدم المحاضر قائمة واضحة بالأشخاص الذين شاركوا في الاجتماعات، لكنها تشير إلى أن السنوار حضر جميع المناقشات، بينما تمت الإشارة إلى العديد من القادة العسكريين بأسمائهم الحركية فقط.

وخلص محللو الاستخبارات الإسرائيليون، وفقا لعدة مسؤولين إسرائيليين وتقييم الجيش للوثائق، إلى أن كبار القادة العسكريين لحماس، محمد الضيف ومروان عيسى ومحمد السنوار، كانوا من بين أولئك الذين حضروا الاجتماعات بأسماء مستعارة.

وبحسب الوثائق تضمنت الخطط ضرب 46 موقعا لحرس الحدود الإسرائيلي، ثم استهداف قاعدة جوية رئيسية ومركز استخبارات في جنوب إسرائيل، فضلاً عن المدن والقرى.

وقال قادة حماس إنه سيكون من الأسهل استهداف تلك المناطق السكنية إذا تم اجتياح القواعد العسكرية أولاً، وهو التنبؤ الذي ثبت صحته في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وبدا أن هذه الخطط العسكرية عبارة عن نسخة مبسطة ومعدلة قليلاً من خطة المعركة الأكثر تفصيلاً التي اعترضتها إسرائيل في عام 2022 لكنها رفضت التعامل معها.

وفي إشارة إلى مدى سرية إعداد الهجوم، شدد السنوار ومرؤوسوه على ضرورة أن تظل الخطط سرية وغير معروفة لدى العديد من مقاتلي حماس من ذوي الرتب الدنيا حتى قبل عدة ساعات من الهجوم، وفقا لمحضر اجتماع يونيو/حزيران 2023.

وفي نفس الاجتماع، ناقش السنوار أيضا بإيجاز مع زملائه كيف أن الهجوم الكبير على إسرائيل من المرجح أن يتطلب تضحيات، على ما يبدو من سكان غزة العاديين، وكانت هذه هي المرة الأولى والوحيدة التي تم فيها التلميح إلى المشقة التي قد يعاني المدنيون الفلسطينيون في المحضر.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أقر بعض قادة حماس بأن الهجوم الإسرائيلي المضاد الناتج عن ذلك تسبب في دمار هائل، لكنهم قالوا إنه كان “ثمنا” يجب على الفلسطينيين دفعه من أجل الحرية.

وفي اجتماع عقد في سبتمبر/أيلول 2022 بدا أن مجلس القيادة مستعد لبدء الهجوم في غضون شهر، خلال الأعياد اليهودية الكبرى، واستعرض السنوار أحدث خطط المعركة، لكن لا تشرح الوثائق سبب تأجيل الهجوم، إلا الموضوع المتكرر هو جهود قيادة حماس لحشد الدعم للعملية من إيران وحزب الله.

التودد إلى الحلفاء

في اجتماع عقد في مايو/أيار 2023، أعرب السنوار وزملاؤه عن ارتياحهم لنجاحهم في قضاء شهر رمضان دون الانجرار إلى مواجهة بسيطة مع إسرائيل، على الرغم من التوترات في المسجد الأقصى والتصعيد القصير بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي.

ومرة أخرى، بدا أنهم مستعدون لوضع اللمسات الأخيرة على خطط الهجوم، وبحسب المحاضر ناقش قادة حماس شن الهجوم في 25 سبتمبر/أيلول، أثناء احتفال معظم الإسرائيليين بيوم الغفران، وهو اليوم الأكثر قداسة في التقويم اليهودي، أو في 7 أكتوبر/تشرين الأول، الذي تزامن في ذلك العام مع اليوم المقدس اليهودي سيمخات توراه.

ووفقا لمحاضر اجتماعات عقدت في أغسطس/آب 2023، ناقش نائب السنوار خليل الحية، الخطة في الشهر السابق مع القائد الإيراني الكبير، محمد سعيد إزادي من الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، الذي كان مقيما في لبنان وساعد في الإشراف على علاقات طهران مع الجماعات المسلحة الفلسطينية، كما ذكرت تلك المحاضر أن الحية كان ينوي مناقشة الأمر مع حسن نصر الله.

وتم تأجيل الاجتماع مع نصر الله، ولا توضح محاضر الاجتماعات اللاحقة ما إذا كان نائب حماس قد تمكن في النهاية من نقل هذه الخطط إليه شخصيا.

وأفادت محاضر شهر أغسطس/آب بأن الحية أبلغ إيزادي أن حماس ستحتاج إلى المساعدة في ضرب المواقع الحساسة خلال “الساعة الأولى” من الهجوم، وأن المسؤول الإيراني أكد أن طهران وحزب الله يرحبان بالخطة من حيث المبدأ، لكنهما يحتاجان إلى الوقت “لإعداد البيئة”.

ونتيجة لهذا بدا قادة حماس متفائلين بأن حلفاءهم لن يتركوهم “مكشوفين”، وقبلوا أنهم قد يحتاجون إلى تنفيذ الهجوم بمفردهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى