الشرق الأوسط

الهجوم الصامت: انفجارات أجهزة البيجر تكشف الثغرات الأمنية لحزب الله


في حادثة هي الأكبر من نوعها منذ بدء المواجهات العسكرية بين إسرائيل وحزب الله في أكتوبر الماضي، ضرب اختراق أمني غير مسبوق صفوف التنظيم اللبناني. 

أسفر هذا الاختراق عن سلسلة انفجارات هزت مناطق مختلفة في لبنان، أبرزها الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الرئيسي لحزب الله. هذه الانفجارات نُسبت إلى أجهزة اتصال لاسلكية محمولة كان يستخدمها أعضاء حزب الله، وأدت إلى إصابة المئات بجروح متفاوتة الخطورة، ما كشف عن وجود ثغرات أمنية في نظام اتصالات الحزب. 

هل يشير هذا الاختراق إلى تغيير نوعي في المعركة الأمنية بين إسرائيل وحزب الله؟ وكيف وصلت الأمور إلى هذا الحد؟

انفجارات مفاجئة في نصف ساعة من الرعب

انفجرت أجهزة اتصالات لاسلكية يحملها عناصر من حزب الله بشكل متزامن يوم الثلاثاء؛ ما أسفر عن وقوع أكثر من ألف مصاب في حوادث مفاجئة استمرت لنصف ساعة. 

هذه الأجهزة، التي تم استخدامها كجزء من نظام الاتصالات الداخلية لحزب الله، كانت جزءًا من شحنة جديدة وصلت مؤخرًا إلى التنظيم. الحادثة، التي أثارت حالة من الهلع وسط المدنيين والمقاتلين على حد سواء، أثارت تساؤلات حول قدرة الحزب على تأمين أجهزته الاتصالية في ظل تزايد التحديات التقنية التي يواجهها من قبل إسرائيل.

اختراق إسرائيلي

وفقًا لمصادر إسرائيلية، فقد تمكنت إسرائيل من اختراق نظام الاتصالات اللاسلكية الخاص بحزب الله وتفجيره، وهو ما تم تأكيده عبر القناة 13 الإسرائيلية. 

هذا الاختراق لم يكن مجرد عملية تجسس تقليدية، بل عملية تدميرية استهدفت البنية التحتية التقنية لحزب الله. ويُعتقد أن الاختراق شمل استخدام برمجيات ضارة تم إدخالها إلى أجهزة “البيجر” والاتصالات المحمولة التي يستخدمها المقاتلون.

أسباب الانفجار

وفقًا لما ورد عن صحيفة “وول ستريت جورنال”، كانت الأجهزة المتفجرة جزءًا من شحنة جديدة وصلت إلى حزب الله في الأيام الأخيرة. 

تكهن أحد المسؤولين في حزب الله بأن برامج ضارة ربما تكون قد تسببت في تسخين الأجهزة حتى نقطة الانفجار. بعض المقاتلين لاحظوا أن أجهزة “البيجر” الخاصة بهم بدأت تسخن بشكل غير عادي، ما دفعهم للتخلص منها قبل أن تنفجر.

 فيما أكدت مصادر أمنية أن هذه الأجهزة تم جلبها من الخارج كجزء من أحدث معدات الاتصال التي استخدمها الحزب في الأشهر القليلة الماضية.

نداءات التبرع بالدم

مع تفاقم الإصابات، امتلأت المستشفيات بالمصابين، وظهرت نداءات عاجلة من المستشفيات في الضاحية الجنوبية لبيروت تطالب بالتبرع بالدم.

 وزارة الصحة اللبنانية أكدت – في بيان-، أن المستشفيات تعج بأعداد كبيرة من الجرحى، وحثت المواطنين على تجنب استخدام أي أجهزة لاسلكية مشابهة لتلك التي انفجرت.

 هذا الحدث أثار حالة من الهلع بين المدنيين والمقاتلين في مناطق نفوذ حزب الله، وزاد من حالة الاستنفار الأمني في البلاد.

محاولة اغتيال وقصة الرموز السريّة

تزامنت هذه الحوادث مع إعلان إسرائيل عن إحباط محاولة اغتيال كانت تستهدف رئيس أركان سابق في تل أبيب. هذا يكشف مدى التشابك بين التصعيد الأمني والعسكري الذي تشهده المنطقة.

مصادر لبنانية أشارت إلى أن حزب الله كان يعتمد منذ يوليو الماضي على استخدام الرموز وخطوط الهواتف الأرضية وأجهزة البيجر كوسيلة لتجنب المراقبة الإسرائيلية المتطورة. لكن يبدو أن هذه الإجراءات لم تكن كافية لحماية الحزب من الاختراق الإسرائيلي الذي استهدف بشكل مباشر اتصالاته.

ما الذي يعنيه هذا الاختراق؟

هذا الاختراق يعتبر واحدًا من أهم التطورات الأمنية التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ فترة طويلة. فالهجوم على البنية التحتية التقنية لحزب الله يفتح الباب أمام تساؤلات حول قدرة الحزب على الحفاظ على أمنه الداخلي في مواجهة التحديات التكنولوجية المتقدمة التي يواجهها من إسرائيل. 

من الواضح أن إسرائيل ليست مهتمة فقط بالمواجهة العسكرية المباشرة، بل تتطلع أيضًا إلى تفكيك وتدمير القدرات الاتصالية والتنظيمية لحزب الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى