الشرق الأوسط

بعد سنوات من الاتهامات.. المالكي يعلن التزامه بإنهاء السلاح المنفلت


يُسوق ائتلاف دولة القانون لزعيمه نوري المالكي على أنه الأقدر على نزع سلاح الفصائل الشيعية الموالية لإيران، ضمن مساعيه لتعزيز حضوظه في سباق الفوز برئاسة الوزراء بعد أن رشحه حزبه “الدعوة الإسلامية” للمنصب، فيما ينظر إلى هذا التعهد بكثير من التشكيك، خاصة في ضوء تجربة المالكي السابقة في السلطة (2006 – 2014) التي طبعتها عدة أزمات.

ويرى منتقدوه أن هذا الشعار “للاستهلاك”، بالنظر إلى تعاظم النفوذ الإيراني في العراق خلال وبعد ولاية المالكي، كما أن مسألة نزع السلاح تواجه رفضاً قوياً من جماعات مدعومة من طهران ترى في السلاح مرتكزاً لوجودها.

ويهدف هذا التعهد إلى استقطاب الرأي العام العراقي الذي يعاني من فوضى السلاح وتأثيره على الاستقرار السياسي والاقتصادي. كما يمثل ورقة ضغط في مفاوضات تشكيل الحكومة، حيث يُظهر المالكي كشخصية قوية قادرة على فرض سلطة الدولة.

ونقل موقع “شفق نيوز” الكردي العراقي عن عضو ائتلاف دولة القانون زهير الجلبي قوله إن “قضية طرح ترشيح المالكي لرئاسة الوزراء خلال المرحلة المقبلة أمر حقيقي، وليس هدفه المناورة”، مبيناً أن “هذه رغبة الائتلاف فضلاً عن حزب الدعوة الإسلامية”.

واعتبر أن المالكي يتمتع بحظوظ أقوى من رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، مضيفا  أن “الفصائل المسلحة وكذلك الحشد الشعبي يثقون بالمالكي، وعندما يتولى رئاسة الحكومة، فيمكن له التفاوض على سحب السلاح الثقيل من قبل الفصائل”.

وكان الأمن العام لحزب “الدعوة الإسلامية” أكد في وقت سابق أن “الفصائل المسلحة أبدت رغبتها في الانخراط ضمن مؤسسات الدولة وتسليم سلاحها الثقيل”.

ويواجه رئيس ائتلاف دولة القانون تنافساً داخل الإطار التنسيقي ذاته، حيث تفضل بعض القوى الموالية لطهران شخصية “أقل خلافاً” وأكثر قدرة على إدارة الضغوط الداخلية والخارجية من السوداني أو مرشحين آخرين. كما أن ترشيح المالكي قد يفتح الباب أمام “انقسام حاد” داخل الإطار، مما يهدد استقراره.

ويُرجح أن المرجعية، ممثلة بالمرجع الأعلى  علي السيستاني، لا تبارك ترشيح المالكي بسبب تاريخه “السيئ” في إدارة البلاد والاتهامات بالسياسات التمييزية والطائفية التي أسهمت في تأزيم الوضع.

وتشير تحليلات إلى أن حسابات إقليمية ودولية ترى أن عودة المالكي إلى السلطة من شأنها أن تمهد الطريق لمزيد تنامي النفوذ الإيراني بشكل قد لا يتناسب مع التوازنات الجديدة.

وأطلق ائتلاف دولة القانون حملة انتخابية مبكرة شعارها “سنعيد الدولة”، لتلميع صورة المالكي وتسويقه على أنه “القائد القوي” القادر على توفير الأمن والخدمات ومكافحة انتشار الأسلحة غير المنظم.

ولا يزال المالكي يطرح مبدأ “الأغلبية السياسية”، أي الكتلة البرلمانية الأكبر هي التي تحكم، كإحدى بوابات العودة إلى السلطة أو المشاركة الفاعلة فيها. ورغم خروجه من السلطة التنفيذية منذ 2014، إلا أنه حافظ على حضور كبير ونفوذ في الساحة السياسية، وهو يلعب دور صانع القرار من خلف الستار، ويسعى الآن لاستثمار هذا النفوذ للعودة المباشرة للحكم.

ويعتبر ترشيح المالكي محاولة لإعادة تموضع القوى الشيعية، لكنه يمثل تحدياً كبيراً للتحالف الحاكم الحالي في الإطار التنسيقي، ويستدعي مخاوف داخلية وخارجية بسبب “الإرث السياسي” لولايته السابقة.

ويبقى مدى نجاحه مرهوناً بالتوافقات الصعبة بين أطراف التنسيقي، والمواقف الدولية والإقليمية التي توازن بين النفوذ الإيراني والحاجة إلى شخصية مستقرة وغير مثيرة للجدل.

زر الذهاب إلى الأعلى