تفاصيل العلاقة بين إيران وإخوان العراق
العراق.. يعتبر أكثر بلد عربي عانى من إيران منذ قرون، فهو المكان الذي التقت فيه مصالح طهران بالإخوان، تفاقمت المساعي الإيرانية تجاهها منذ سقوط نظام صدام حسين، فوضعت بغداد نصب أعينها وهدفا ضخما لها، وطرقتها عبر بوابة الدين ومن ثم السياسية، ليكللها التعاون الوثيق والعلاقة الخطيرة مع جماعة الإخوان المسلمين بها.
الإخوان المسلمون في العراق
ظهر الإخوان المسلمون في العراق، بأنها إحدى التنظيمات الإسلامية العاملة، حيث تم تأسيسها عام 1940، على يد الشيخ محمد محمود الصواف بعد ذهابه إلى مصر وتبنيه فكر الإخوان المسلمين بعد لقائه الشيخ حسن البنا، وعقب أحداث 2003، أسست الجماعة، واجهة سياسية لها وهي الحزب الإسلامي العراقي.
واستغل الإخوان نفور المزاج السني في البلاد من التعاطي مع التجربة السياسية للإطاحة بصدام، فقدموا أنفسهم على أنهم أفضل ممثل لشغل المقعد الرئاسي، ليكتسب الحزب الاسلامي قاعدة شعبية واسعة، بالتعاون مع أردوغان وقيادات داعش في المناطق السنية.
وتعتبر تجربة الإخوان في العراق، خير نموذج على “الصعود نحو الهاوية”، حيث باتت شريكا قويا للشيعة بإيران في إدارة البلاد بعد العام 2003، لتتحول حاليا لتابع لطهران، وهو ما ظهر من خلال تحالف “القرار” الذي يترأسه أسامة النجيفي، رئيس جبهة الإنقاذ والتنمية ورئيس مجلس النواب السابق لقيادة الجبهة العراقية، لخدمة هدافهم حاليا.
أصل العلاقة بين الإخوان وإيران
ترتبط جماعة الإخوان في العراق بعلاقات قوية مع إيران، لم يتم إعلانها صراحة، لكنها معروفة ضمنيا، ولكنها باتت موضع حديث عالمي منذ تسريب لقاء بين إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، ومحمود الإبياري القيادي بالتنظيم الدولي بقيادات من الحرس الثوري في تركيا، عام 2014، للتنسيق بشأن سوريا والعراق.
بدأت تلك العلاقة، منذ أغسطس من العام 1934، من خلال فكرة التقريب بين الشيعة والسنة، حيث بعد 4 أعوام من طرح الفكرة، استضاف حسن البنا، مؤسس الإخوان، الشاب الإيراني روح الله السيد مصطفى موسوي، المعروف حاليا بأنه هو الإمام الخميني، وتناولوا سويا التنسيق بين الجماعة في مصر والشيعة في إيران.
وبالعام التالي، زار تقي الدين القمي وهو أحد أقطاب الشيعة بإيران، مصر، والتقى البنا لمناقشة التقريب بين المذاهب، ومن ثم توكدت العلاقة بين الطرفين وزاد التآمر والإرهاب بينهم، حتى مع الثورة الإيرانية، ليتحول الخميني إلى المثل والنموذج بتوجيه من قادة الإخوان.
وبعد الحرب العراقية الإيرانية، دعم الإخوان الجمهورية الإسلامية، بزعم أنها صاحبة الحق في نشر الإسلام وفتح البلدان، انتصارا لله مقابل الكفار، ولتحقيق العدل، بحسب ادعاءاتهم وقتها.
ورغم ذلك، أظهر الإخوان بعد عامين من انتهاء الحرب موقفا مؤيدا لغزو العراق للكويت واحتلالها.
طهران وإخوان العراق
ومع زيادة قوة الإخوان وحزبهم السياسي في العراق بستينيات القرن الماضي، دعمت إيران تلك التجربة لتكون شريكا لها في بغداد، وزجت بها إلى حلبة السياسة من بوابة مجلس الحكم، للتغلغل بمفاصل الدولة الإدارية، حيث تولت الجماعة مناصب تنفيذية هامة في مناطق الأنبار وتكريت والموصل، بعد عام 2003، استغلتها لتعزيز نفوذهم.
وسار إخوان العراق على نفس نهج أقرانهم بمصر، بين التأييد والدعم حتى وإن كان ضد حكومة البلاد، وقبلوا بولاية الفقيه كمبدأ لمستقبل بغداد، باعتبار الخميني قائد الأمة الإسلامية، وضد نظام صدام حسين وبرروا تمدد طهران في الأرض.
كما وجهت إيران قيادات تنظيم الإخوان بتوسيع مكاسبهم بزيادة نفوذهم في مؤسسات الدولة وانتشارهم بمختلف محافظات العراق. ليصبحوا صورة أخرى جديدة من حزب الدعوة الشيعي، فضلا عن دعمهم بكل أذرع طهران في البلاد، ليصلوا حتى رئاسة 4 قادة بالحزب الإسلامي لمجلس النواب العراقي، هم محمود المشهداني وإياد السامرائي وأسامة النجيفي وسليم الجبوري، خلال الفترة من 2008 وحتى 2018.
وخلال رئاسة الإخوان الأربعة، لم يسعوا لمصالح العراق، وإنما حققوا صالح الجماعة وإيران، حيث ركزوا لقاءاتهم على قيادة كتائب حزب الله العراقية، من أجل الحصول على تأييد ودعم الحرس الثوري الإيراني، لضمان أصوات المناطق الخاضعة لسيطرة طهران.
وكشفت وثائق من مقر إقامة زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن في أبوت أباد شمالي إسلام أباد في 11 مايو 2011، رسائل من نجله إلى أتباعه باللجوء إلى إيران بعد مغادرة أفغانستان، وعدم التعرض للمصالح الإيرانية في العراق، والمحافظة على العلاقات المشتركة ببغداد.