الشرق الأوسط

توازن المصالح.. إيران تُحيّد ميليشيات العراق عن المواجهة مع إسرائيل


يثير عدم انخراط الميليشيات العراقية الموالية لإيران، بما فيها المندرجة ضمن الحشد الشعبي، في الحرب الأخيرة بين طهران وإسرائيل عدة تساؤلات، فيما يذهب بعض المحللين إلى اعتبار نأي هذه الفصائل بنفسها عن الصراع مؤشرا على تراجع نفوذ طهران، متوقعين أن تستغل الأحزاب والقوى السياسية المعارضة لتغلغل إيران في مفاصل الدولة هذا التطور لإعادة تموقعها على الساحة.

وتلقى العراق رسائل تحذيرية من مغبة انخراط الفصائل الشيعية في المواجهة الأخيرة بين العدوين اللدودين، فيما حرص رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على تجنيب البلاد تداعيات جرها إلى حرب هي في غنى عنها.

وأشارت صحيفة “ذا ناشيونال” إلى أن “العراقيين والمراقبين لاحظوا بالتأكيد أن قوات الحشد الشعبي لم تتدخل نهائياً خلال القتال الأخير بين إيران وإسرائيل”، مضيفة أن “المحللين طرحوا تفسيرات مختلفة حيث أشار بعضهم إلى أن طهران عارضت أي تدخل من قبل الحشد خوفا من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد أكبر”.

وبحسب المصدر نفسه فإن “الأولوية الرئيسية لإيران في العراق، لا تتمثل في طلب الدعم العسكري من الحشد الشعبي، بل إبقاء تدفق الدولارات من بغداد مفتوحاً”.

وتحولت العديد من المصارف العراقية خلال الأعوام الأخيرة إلى واجهة لتهريب الدولارات إلى الجمهورية الإسلامية، ما دفع الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على نحو 20 مصرفا، في إطار مساعيها لقطع شرايين تمويل النظام الإيراني.

ولا ترغب إيران في خسارة العراق، الذي يمثل لها ميزات اقتصادية وأمنية هامة ويعتبر خط الصد الأول للمحور الإيراني وعمقًا إستراتيجيًا لها وإدخاله في صراع مباشر مع إسرائيل قد ينعكس سلبًا على مصالحها. 

وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن “الشرق الأوسط يعيش في حالة من الاضطراب منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وغزة، حيث تطايرت الصواريخ في كل جهة تقريباً، في ظل قلق كبير بشأن ما قد يخبئه المستقبل، إلا أن إحدى المفاجآت هي أن العراق تمكن من البقاء خارج الصراع”.

وتابع “طوال سنوات، العديد من المحللين كانوا يجادلون بأن العراق وقع تحت سيطرة إيران جزئياً من خلال الدور الذي تؤديه الجماعات “الوكيلة”، إلا أن هذه الفصائل لم تنشط بشكل كامل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أثار تساؤلات حول أين يقع ميزان القوى بالضبط في بغداد”.

كما أشارت إلى أن العراق “فقد تجانسه وأصبح مجتمعاً أكثر تعقيداً”، موضحاً أنه “برغم أن قوات الحشد الشعبي تتبنى خطاً سياسياً محدداً، إلا أنه لم يكن لدى جزء كبير من الدولة والمجتمع اهتمام يذكر بالانخراط في الصراعات الإقليمية”.

ولفت إلى حكومة السوداني سعت إلى تهدئة التوترات في المنطقة، رغم أنها مؤلفة من عدد كبير من القوى، بما في ذلك التابعة للحشد الشعبي ولكل منها مصالحها الخاصة.

وقال إن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقوات الأمن، بذلت جهداً متواصلاً من خلف الكواليس لإبقاء العراق خارج الصراع، وهو ما بدأ يؤتي بثماره”.

وتابع أن “حقيقة أن الحشد الشعبي لم يتخذ أي إجراء بتاتاً، سوف يفسرها الكثيرون على أنها مؤشر ضعف وهشاشة، حيث ستحاول قوى سياسية كانت دائماً تعتبر معادية للحشد، إعادة تنظيم صفوفها جزئياً على الأقل على عدد من الجبهات، بينما سيجد الأخير صعوبة في مجابهة العديد منها، بالنظر إلى أنها ستأتي كلها في الوقت نفسه”.

وكانت تقارير أشارت إلى أن تلويح واشنطن بفرض عقوبات على الحشد الشعبي قد يكون عاملاً يحد من قدرته على التحرك بحرية في مثل هذه الصراعات.

وتشير بعض التحليلات إلى أن قدرات بعض الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، مثل حماس وحزب الله، تراجعت بشكل كبير بسبب الضربات الإسرائيلية، ما اضطر طهران إلى أن تكون أكثر حذرًا في استخدام وكلاء آخرين، مثل الحشد الشعبي، في صراع مباشر.

ولفت التقرير إلى أن علاقة العراق بإيران لن تنقطع تماماً، ومن المرجح أن القوى العراقية ستشعر بأنها مضطرة للتشاور أو الإذعان لطهران في العديد من الأمور مثلما كانت من قبل، مشيراً إلى أن العديد من القوى ستشعر الآن بقدر أقل من الارتباط السياسي بطرهان.

وأضاف، أنه في حال حدوث ذلك، فإنه من غير الواضح تماماً ما إذا كان هذا ستتم ترجمته إلى أي تحسينات ملموسة للعراقيين العاديين. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى