“تونس تنفي ترحيل مهاجرين أفارقة عبر الحدود مع ليبيا والجزائر”
نفت تونس اليوم الخميس على ما ورد من معلومات وتصريحات لمنظمات دولية غير حكومية ولمنظمة الأمم المتحدة ووسائل إعلام حول “عمليات طرد” مهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى مناطق حدودية مع ليبيا شرقا والجزائر غربا.
وقال وزير الداخلية التونسي كمال الفقي “ما تم نشره من قبل بعض المنظمات الدولية، وخاصة ما جاء في تصريح نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة بتاريخ 1 أوت أغسطس 2023… يتسم بعدم الدقة ويرتقي إلى درجة المغالطة”، وفق ما نقل بيان رسمي عن تصريحات أدلى بها لوكالة الأنباء التونسية (وات).
وكان فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قال الثلاثاء “نحن قلقون جدا حيال طرد مهاجرين ولاجئين وطالبي لجوء من تونس إلى الحدود مع ليبيا، وكذلك مع الجزائر”.
وأضاف “لقي عدد منهم حتفهم عند الحدود مع ليبيا، وتُفيد تقارير بأنّ ثمّة مئات الأشخاص، بينهم حوامل وأطفال، ما زالوا مُحاصرين في ظروف قاسية، فيما تقلّ فرص حصولهم على طعام وماء”.
وجاء في حصيلة جديدة أعلنتها مصادر إنسانية في طرابلس الخميس أنه تم العثور على 24 جثة بعضها لنساء وأطفال في الصحراء الليبية منذ مطلع يوليو.
وأكد الفقي الخميس أن “الادعاءات حول عمليات الطرد لا أساس لها من الصحة”، داعيا إلى “التثبت من الأخبار قبل نشرها لما لذلك من تداعيات تنسحب سلبا على أداء المؤسسة الأمنية”.
وتابع أن قوات الأمن “لا تتوانى في بذل أي جهد لنجدة وإنقاذ المهاجرين على الحدود البرية أو البحرية”، موضحا أنه “تم إنقاذ 15327 مهاجرا غير نظامي” غالبيتهم من دول جنوب الصحراء منذ مطلع 2023 وحتى نهاية يوليو/تموز، مضيفا أنه “يتم التعامل في هذا الملف بموجب القانون التونسي”، وأن “الدولة التونسية غير مسؤولة عن كل ما يحصل خارج حدودها الترابية”.
وشدّد كمال الفقي على “احترام الدولة التونسية والتزامها الكامل بمقومات حقوق الإنسان”، مشيرا إلى التعاون مع منظمات من بينها الهلال الأحمر التونسي لمساعدة المهاجرين.
وأرفقت الوزارة بيانها بصور، لم تحدد تاريخها أو مكان التقاطها، تظهر قيام الحرس الوطني والهلال الأحمر بتوزيع الماء والطعام على مهاجرين أفارقة من دول جنوب الصحراء.
وبعد مقتل مواطن تونسي في 3 يوليو في مدينة صفاقس (وسط شرق) أثناء عراك مع مهاجرين غير نظاميين، “طردت” قوات الأمن التونسية ما لا يقل عن “1200 مواطن من جنوب الصحراء الكبرى” إلى مناطق نائية على الحدود الجزائرية والليبية، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية.
وتولى الهلال الأحمر التونسي في 12 يوليو إيواء حوالي 630 مهاجرا وجدوا في منطقة رأس جدير الفاصلة بين تونس وليبيا. كما اعتنى بنحو 200 آخرين عثر عليهم عند الحدود الجزائرية، وفق منظمات غير حكومية من بينها هيومن رايتس ووتش.
لكن في الأسابيع التالية، وثقت الكثير من وسائل الإعلام شهادات مهاجرين وحرس حدود ليبيين ومنظمات غير حكومية. تفيد بأن 350 مهاجرا (من بينهم 12 امرأة حامل و65 طفلاً) لا يزالون عالقين في رأس جدير.
كما يتدفق مئات المهاجرين من تونس إلى ليبيا عبر منطقة العسّة الواقعة داخل الحدود الليبية على بعد 40 كيلومترا جنوب رأس جدير. ويهيم هؤلاء في الصحراء بدون طعام وماء حتى يأتي حرس الحدود الليبيون لمساعدتهم.
وتواجه تونس ضغوطا غربية ومن منظمات محلية ودولية غير حكومية في قضية المهاجرين الأفارقة خاصة بعد خطاب الرئيس التونسي قيس سعيد. الذي اعتبرته بعض الجهات عنصريا حين تحدث عن ضرورة ترحيل المهاجرين غير النظاميين.
ودفعت موجات الهجرة السرية بحرا من السواحل التونسية إلى ايطاليا، الاتحاد الأوروبي لإبرام شراكة استراتيحية مع تونس. من بينها ما يتعلق بتعزيز جهود مكافحة الهجرة السرية، فيما تقود رئيسة الوزراء الايطالية جوجيا ميلوني. التي تعتبر بلادها مقصدا للهجرة غير النظامية بحرا والأكثر تضررا، جهودا كبيرة لمساعدة الحكومة التونسية.
وحذرت مرارا من أن عدم مساعدة تونس سيفاقم الأزمة المالية وسيقود إلى انهيار مالي مؤثر على جهودها في مكافحة الهجرة.
وأظهرت دراسة نشرت الخميس أن عمليات إنقاذ المهاجرين في وسط البحر المتوسط ليس لها تأثير على محاولات العبور. التي تحركها بشكل رئيسي النزاعات والأوضاع الاقتصادية في بلدانهم.
ويعد وسط البحر المتوسط الذي يربط سواحل شمال إفريقيا بإيطاليا أخطر مسار للهجرة في العالم. منذ عام 2014، غرق أكثر من 20 ألف مهاجر أو فقدوا فيه أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا بشكل غير قانوني، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
وعمليات البحث والإنقاذ في البحر موضع “جدل شديد داخل الاتحاد الأوروبي”. حيث تقول بعض الأطراف إن المهاجرين يتشجعون على العبور إذا اعتقدوا أنه سيتم إنقاذهم في حال غرق السفينة كما أظهرت دراسة نشرتها نشرة ‘سيونتيفيك ريبورت’.
لذلك أراد باحثون في العلوم الاجتماعية معرفة ما إذا كانت عمليات الإنقاذ. التي تقوم بها منظمات غير حكومية أو دول تشكل “عامل جذب” للمهاجرين أم لا.
وخلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2020، جمعوا بيانات من وكالة الحدود الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس).وخفر السواحل التونسي والليبي والمنظمة الدولية للهجرة والمنظمة غير الحكومية الهولندية المتحدة للعمل بين الثقافات التي تجمع هوية الضحايا. ثم أجروا عمليات محاكاة باستخدام نموذج يتيح تحديد العوامل التي تتوقع بشكل أفضل متغيرات العبور.
وتشمل هذه العوامل عدد عمليات الإنقاذ وأسعار الصرف وأسعار السلع الأساسية ومعدل البطالة والنزاعات والطقس.
والنتيجة هي أن عمليات العبور البحرية لا تتغير عملا بعمليات الإنقاذ. وقال جوليان فوشيربفينيغ من كلية هيرتي في برلين الذي شارك في إعداد الدراسة. في مؤتمر صحافي “ليس هناك صلة بين إنقاذ أرواح في البحر وتدفق المهاجرين”.
في المقابل، فان النزاعات والكوارث الطبيعية أو أسعار المنتجات الأساسية في دول المنشأ أثّرت على عمليات العبور، وحتى الطقس في يوم المغادرة.
من جهة أخرى، تراجعت عمليات العبور منذ 2017. عندما بدأ خفر السواحل في اعتراض وإعادة قوارب المهاجرين إلى ليبيا، بدعم من الاتحاد الأوروبي، بحسب الدراسة.