خامنئي يعترف: مقتل رئيسي كان له تداعيات في الداخل والخارج
قال المرشد الإيراني علي خامنئي أن حادثة مقتل الرئيس ابراهيم رئيسي كان “لها تداعياتها سواء على الصعيد الداخلي أو على الساحة الدولية”. واعتبر أن الانتخابات الرئاسية سيكون لها “انعكاس قوي على الصعيد العالمي”.
ورغم أن خامنئي لم يتحدث بتفاصيل عن هذه التداعيات في كلمة لخامنئي بمناسبة الذكرى الـ 35 لوفاة زعيم الثورة الإيرانية آية الله روح الله الخميني، إلا أن المتابعين للشأن الإيراني يؤكدون أن موت رئيسي هز السياسة الإيرانية بكل تأكيد. فهو سيجبر النظام على العثور على رئيس جديد في وقت قصير، وفي ظل ظروف صعبة وتحديات كثيرة تمر بها البلاد، فقد كان رئيسي مرشحاً توافقياً مثالياً للنظام حيث لُقب بـ”جزار طهران”، وقد كان أحد “الفرسان الأربعة” في “فرقة الموت” الذين نفذوا أوامر مؤسس النظام الديني في إيران ومرشده الأول الخميني في أكبر موجة إعدامات استهدفت نحو 3800 سجين سياسي أكثرهم دون سن 25 سنة عام 1988.
وفي التاسع عشر من مايو الماضي، لقي رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان ومرافقون لهما حتفهم إثر تحطم طائرة هليكوبتر كانت تقلهم خلال عودتها من خودافرين إلى تبريز بمحافظة أذربيجان الشرقية وسط ظروف جوية سيئة.
وذكر تقرير لمجلة “إيكونوميست” أن رجال الدين المحافظين كانوا يأملون في استخدام رئيسي لتعزيز مصالحهم. وكذلك فعل العسكريون في الحرس الثوري الإيراني، وكل منهما كان يحاول تعزيز سلطته في البلاد وسيطرته عليها. وذلك لا يعني بالضرورة أن الحرس الثوري سيرغب في اختيار الرئيس الإيراني المقبل، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن شاغل هذا المنصب يتعرض للوم المستمر من قبل الجمهور بسبب الوضع الاقتصادي البائس لإيران.
دور “الحرس الثوري” يمكن أن يركز على الصراع الأهم في السلطة وهي سلطة المرشد الأعلى
لكن دور “الحرس الثوري” يمكن أن يركز على الصراع الأهم في السلطة وهي سلطة المرشد الأعلى. فقبل وفاة رئيسي، اعتقد الإيرانيون أن هناك مرشحين رئيسيين فقط لتولي منصب المرشد بعد وفاة خامنئي وهما رئيسي، ومجتبى خامنئي، نجل المرشد.
وبعد موت رئيسي، يبدو أن مجتبى لديه طريق واضح للوصول إلى منصب المرشد خلفاً لوالده، وهو الاعتماد على “الحرس الثوري” الإيراني للتصدي لأي رد فعل عنيف مناهض لتوليه المنصب، وهذا بدوره يمكن أن يعزز دور “الحرس الثوري” الإيراني داخل النظام.
وقد تتطور إيران من نظام عسكري ديني هجين إلى نظام عسكري أكثر. وقد يعني ذلك أن الدولة ستكون أقل تشدداً من الناحية الدينية داخلياً، لكنه يعني أيضاً أنها ستواجه المزيد من العداء في الخارج بسبب اشتداد نفوذ “الحرس الثوري“.
وقال جويل روبين، نائب مساعد وزير الخارجية في إدارة الرئيس باراك أوباما، لمجلة نيوزويك، “إن مقتل رئيسي والوفد المرافق له سيكون له تداعيات كبيرة داخل إيران وخارجها، وتابع “هذا لأن رئيسي تم اختياره من قبل المرشد، الشخص الذي يتولى المسؤولية في نهاية المطاف في إيران، ليس فقط رئيساً ولكن أيضاً وريثاً محتملاً له. إن خسارة رئيسي من شأنها أن تضع القيادة الإيرانية في حالة من الاضطراب، في الوقت الذي تزداد فيه تحركاتها الداخلية والخارجية عدوانية”.
وانتهى اليوم الاثنين تسجيل المرشحين الذين يعتزمون المشاركة في هذه الجولة من الانتخابات، وقدم رئيس مجلس الشورى الاسلامي، محمد باقر قاليباف أوراقه لطلب الترشيح في الانتخابات الرئاسية بحسب ما أفادت وكالة “مهر” الإيرانية.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم مقر الانتخابات أنه لن يتم تمديد الموعد النهائي للتسجيل. وقال وزير الداخلية أحمد وحيدي في تصريح صحافي إنه تم تلقي ما مجموعه 80 طلب ترشح.
ويتعين على هؤلاء المرشحين أن ينتظروا حتى 11 حزيران/يونيو ليبت مجلس صيانة الدستور المؤلّف من 12 عضوا ويهيمن عليه المحافظون في ترشّحهم.
وكان من المقرر أن تجري الانتخابات في الأساس عام 2025 لكن تم تقديم موعدها بعد مقتل الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي في 19 أيار/مايو.
وهذه المرة الرابعة التي يترشّح فيها قليباف للرئاسة بعد محاولات في 2005 و2013 و2017. وفي آخر محاولة، انسحب قليباف لصالح رئيسي الذي حل ثانيا بعد الرئيس السابق حسن روحاني.
وقال بعدما قدّم طلب تسجيله “إن لم أترشح للانتخابات، فلن يُستكمل.. العمل الذي بدأناه في السنوات الأخيرة الماضية لحل مشكلات الناس الاقتصادية”. وأضاف أنه لو لم يكن يؤمن بإمكانية حل مشكلات إيران الاقتصادية والاجتماعية، لما “دخل ميدان المنافسة قط”.
وقليباف (62 عاما) قائد سابق لسلاح الجو في قوات الحرس الثوري. وانتُخب رئيسا للبرلمان الإيراني الجديد في 28 أيار/مايو، علما بأنه تولى المنصب ذاته في البرلمان السابق.
وشغل قليباف الذي قاتل في الحرب الإيرانية العراقية منصب رئيس بلدية طهران من العام 2005 حتى 2017. وكان قبل ذلك قائد قوات الشرطة الإيرانية.
وقدّمت شخصيات بارزة أخرى ترشحها بينها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد ورئيس البرلمان السابق المعتدل علي لاريجاني وسعيد جليلي الذي كان مفاوضا في الملف النووي.
ومن أبرز المتقدمين بطلبات الرشح الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، فضلا عن رئيس البرلمان الإيراني السابق علي لاريجاني، بالإضافة إلى سعيد جليلي، كبير المفاوضين السابق في الملف النووي، والعضو البارز في مكتب خامنئي ومرافقه، وحيد حقانيان، ورئيس البرلمان الحالي أيضا محمد باقر قاليباق. وأقر في كلمة ألقاها الاثنين، بذكرى وفاة الخميني
لكن يبدو أن بعض المجموعات السياسية المتشددة في البلاد غير راضية عن هذه الأسماء، بل تعتبرها غير كفؤة وتفتقد المؤهلات اللازمة، مطالبة بترشح مجبتى نجل المرشد الأعلى علي خامنئي.
فقد ناشد وهاب عزيزي، أمين عام مجموعة تطلق على نفسها اسم “جهاديو إيران الإسلامية”، في رسالة مفتوحة إلى المرشد علي خامنئي، بالسماح لابنه مجتبى بالتسجيل في الانتخابات الرئاسية، وفق ما نقل موقع “مرصد إيران”.
ورأى الناشط السياسي الأصولي أنه “لا يوجد مرشح كفؤ بين المرشحين الحاليين، لذا لا يمكن لأي من المرشحين أن يلبي توقعات الشعب، كما فعل إبراهيم رئيسي“، وفق زعمه.
كما اعتبر “ألا أحد يستحق حمل راية إدارة البلاد إلا آية الله مجتبى خامنئي.. كما فعل رئيسي، بل وأفضل منه”. وأضاف “أنهم واثقون من أن مشاركة مجتبى ستجعل الانتخابات حماسية وفريدة من نوعها في تاريخ الثورة”.
وتعمد عزيزي استخدام صفة “آية الله” عند ذكر اسم مجتبى، وهي صفة تمنح لمن بلغ درجة الاجتهاد في المذهب الشيعي وإشارة إلى تأهله ليحتل منصب الولي الفقيه، أي خليفة للمرشد الحالي.