سياسة

خطاب النصر لبوتين يحمل رسائل عديدة للغرب


أجمع محللون روس أن خطاب النصر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتحديدا حديثه عن حرب عالمية ثالثة يحمل في طياته رسائل عديدة للغرب.

وقال الرئيس بوتين في خطابه، بعد أن حقق انتصارا ساحقا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إن “الحرب العالمية الثالثة تقف على خطوة واحدة في حال اندلاع صراع مباشر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)”.

قوى نووية تتصارع

ويقول الخبير في الشؤون السياسية الروسية ميخائيل نوفيكوف، إن “بوتين تعمد ذكر هذه النقطة تحديدا، وهي أن الصراع مع “الناتو” بشكل مباشر يعني حربا عالمية ثالثة، فهذا بديهي إذا حللنا كيف ستكون شكل الحرب هذه إذا ما اندلعت، قوى نووية تتصارع بشكل مباشر هي حرب عالمية دون الإعلان عنها”.

 

ويضيف أن “ما تم ذكره هو إعادة تأكيد على ما ذكره بوتين عدة مرات في الآونة الأخيرة، سواء عن الثالوث النووي، أو عن تحذيره للغرب، وكلها تأتي في سياسة رمي الكرة في الملعب الآخر، مع سؤال من يبدأ هذا الصراع؟، خاصة أن بوتين أوضح في السابق عندما تحدث عن السلاح النووي، بأن روسيا لن تكون سباقة في استخدامه، وكذلك التهديد بالحرب العالمية لن تكون موسكو سباقة هي الأخرى بدق طبولها”.

وحول فرص اندلاع الحرب العالمية نتيجة تصاعد التوتر في أوكرانيا، يستبعد الخبير نوفيكوف، أن يشهد العالم حربًا عالمية إذا ما تعاملت جميع الأطراف “بعقلانية”، مستندا إلى ما ذكره بوتين في خطابه حول فرنسا، حيثُ يقول: “في دراسة خطابات بوتين وتحليلها لم يوجه بوتين في حياته تهديدا دون أن يترك في نفس الوقت بابًا معينا للطرف الآخر يمكن أن يدخل منه لإبطال هذا التهديد”.

 

وبين أنه “في خطاب النصر صحيح أنه تحدث عن الحرب وعن الصراع المباشر مع الناتو، لكن وعد في نفس الخطاب بدراسة مقترح الرئيس الفرنسي حول هدنة في أوكرانيا خلال الألعاب الأولمبية، التي تحتضنها باريس في الصيف المقبل، هذا باب مفتوح على مصراعيه من وجهة نظري، فالحديث عن هدنة وبطلب غربي ووعد روسي ببحثها بداية مرحلة جديدة مهمة للغاية في مسيرة إنهاء الصراع الروسي الغربي أو على الأقل تهدئة التوتر”.

تصعيد تحذيري

بدوره قال الباحث السياسي والأكاديمي الروسي إيغور بورونوف: “لا شك أن خطاب النصر كان يحمل رسائل للداخل والخارج، ولكن الحديث عن حرب عالمية من وجهة نظري هي تصعيد تحذيري بالخطاب، فالغرب انتظر ما سيقوله بوتين أكثر من نتائج الانتخابات التي تعتبر متوقعة، وفي الحقيقة الكل يخشى من هذه الحرب، ولأنهم يخشونها فهم يتحدثون عنها”.

 

وأشار إلى أنه “لا بد لنا أن لا نأخذ هذا التوتر بأنه جديد، صحيح أن الروس والغرب يعيشون في أسوء حالاتهم من ناحية العلاقات، لكن أساس الحرب الباردة التي بدأت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما زال مستمرا، حيث كان الصراع يتمثل بسباق تسلح، والتأكيد أن هذا السباق يعني أن الأطراف تستعد لشيء ما، لا يريدونه ربما لكنهم يستعدون له وهو اندلاع حرب متوقعة بين القوى النووية”.

لطالما خمن المحللون والخبراء بعد كل توتر في العقود الأخيرة بأن الحرب باتت على الأبواب
ايغور بورونوف

وأضاف أنه “لطالما خمن المحللون والخبراء بعد كل توتر في العقود الأخيرة بأن الحرب باتت على الأبواب، حتى في صراعات سابقة كانت بعيدة عن الجغرافية الغربية، في سوريا مثلا، لطالما حدثت مواقف معينة دفعت خبراء السياسة للقول إن الحرب العالمية الثالثة على وشك أن تبدأ”.

خطوة نوعية

وعن المقترح الفرنسي، يقول الخبير في الشؤون الأوروبية بافيل ديمتريف: “بالتأكيد هي خطوة ليست عادية وتتجاوز بأشواط سبب طرحها المرتبط باستضافة باريس للأولمبياد، يضاف إلى ذلك أنها صادرة من فرنسا، التي تعتبر اليوم الأكثر تشددا في الصراع مع روسيا، فهي الدولة الوحيدة التي بدأت بالتغريد خارج السرب الأوروبي الغربي بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا لمحاربة روسيا”.

إن طرح باريس تحديدا لهذه الهدنة يمكن اعتبارها خطوة نوعية لكسر الجدار، الذي شيدته الآلة العسكرية في أوكرانيا
 

وأوضح أن “طرح باريس تحديدا لهذه الهدنة يمكن اعتبارها خطوة نوعية لكسر الجدار، الذي شيدته الآلة العسكرية في أوكرانيا، وهي أيضا لتخفيف حدة الانتقادات التي وجهت لفرنسا غربيا حول نية إرسال قوات عسكرية لأوكرانيا، خاصة أن هذا يعني إعطاء الضوء الأخضر للدخول في حرب عالمية ثالثة”.

 

وأشار إلى أن” بوتين بطرحه دراسة الاقتراح الفرنسي، أيضًا أعطى رسالة ذات عدة أوجه للغرب، ففي نفس الخطاب تحدث الرئيس عن إمكانية اندلاع حرب عالمية ثالثة، وكذلك قال إن موسكو ستدرس اقتراح باريس للتهدئة في أوكرانيا، بالتأكيد موسكو ليست قلقة على سير الأولمبيات لذلك ستدرس الاقتراح، بل لأنها معنية هي الأخرى بتقريب المسافات للوصول إلى اتفاق روسي غربي ينهي الصراع”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى