الشرق الأوسط

خطة لبنانية مرتقبة لإنهاء فوضى السلاح خارج شرعية الدولة


تسود حالة من الترقب المشوب بالحذر في لبنان مع اقتراب موعد جلسة مجلس الوزراء المرتقبة الثلاثاء المقبل. والتي من المتوقع أن تبحث واحدة من أكثر الملفات حساسية في البلاد. واتخاذ قرار تاريخي بوضع خارطة طريق لحصر السلاح بيد الدولة.

ويأتي ذلك بعد خطاب غير مسبوق للرئيس جوزيف عون، دعا فيه إلى سحب سلاح جميع القوى المسلحة، بمن فيها حزب الله. وتسليمه إلى الجيش، في خطوة تعكس تحوّلاً في الخطاب الرسمي وسط ضغوط إقليمية ودولية متزايدة.

وفي حين تتواصل الاتصالات السياسية داخليًا للوصول إلى توافق حول آلية تنفيذ محتملة. تتباين المواقف بين الأطراف اللبنانية، خصوصًا مع إعلان حزب الله رفضه طرح ملف سلاحه قبل وقف الاعتداءات الإسرائيلية وإعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة جنوبًا.

ويأتي التحرك اللبناني في وقت تواصل إسرائيل غاراتها على البلاد. رغم اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ما يضيف مزيدًا من التعقيد إلى مشهد سياسي وأمني مأزوم.

والخميس، كشف عون، في خطاب ألقاه بوزارة الدفاع. أن الولايات المتحدة قدمت مجموعة من المقترحات تتعلق بحصرية السلاح. قائلاً إن “الجانب الأميركي كان قد عرض علينا مجموعة أفكار أجرينا عليها تعديلات جوهرية سنطرحها على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل”.

وأضاف “طالبنا بوقف فوري لاعتداءات إسرائيل، وانسحاب الأخيرة من الأراضي اللبنانية المحتلة، وبسط سلطة الدولة إلى جانب سحب سلاح جميع القوى المسلحة ومن ضمنها حزب الله. وتسليمه إلى الجيش اللبناني“.

وقال مصدر حكومي لبناني للأناضول الخميس إن “المشاورات لا تزال مستمرة بين الرؤساء والمسؤولين اللبنانيين بشأن مسألة حصرية السلاح بيد الدولة، بما فيها سلاح حزب الله“.

وأشار إلى أنه “لا تصورًا نهائيًا حتى الآن، إلا أن كلام الرئيس عون في وزارة الدفاع. وضع خارطة طريق قد تفتح الباب لتطورات مهمة، قد تتخذ في جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل”.

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية القضية، أن “جلسة الثلاثاء المرتقبة من الممكن أن تشكل نقطة انطلاق لوضع خطة تنفيذية لحصر كل السلاح بيد الدولة. لكن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت، وقد يجري تنفيذه وفق مراحل وجداول زمنية مدروسة”.

وأكد أن الاتصالات لا تزال مستمرة على أكثر من مستوى. فيما يدور الحديث الآن حول آلية تطبيق ممكنة يتم التوافق عليها. خصوصًا بعد إعلان رئيس الجمهورية موقفه الواضح بهذا الشأن.

واعتبر المحلل السياسي ألان سركيس أن موقف عون “يشكل تحولا كبيرا. ولأول مرة منذ اتفاق الطائف، يطالب رئيس الجمهورية صراحةً حزب الله بتسليم سلاحه”.

وتابع “إذا طُرح الملف على التصويت، فأغلبية الوزراء تؤيد القرار. ما يعطيه شرعية دستورية وقانونية لنزع سلاح كافة الميليشيات، بما فيها الفلسطينية”.

وفي حال تم إقرار القرار، سيحال إلى المجلس الأعلى للدفاع. الذي سيضع الخطط الأمنية لتنفيذه عبر القوى الأمنية والجيش اللبناني. وفق سركيس الذي أوضح أن “هذه الخطوة تأتي نتيجة ضغوط إقليمية ودولية، وإذا لم يُنفذ فالحرب مرشحة للعودة. وقد تتحرك إسرائيل لنزع السلاح بالقوة”.

ولفت سركيس، إلى أن “حزب الله، لم يعد كما كان، وأصبح محشوراً بين خيارين مكلِفين: الاصطدام بالجيش اللبناني أو الإسرائيلي”. مؤكدا أن “الغطاء السياسي سيكون متاحاً للقوات اللبنانية بعد اتخاذ القرار”.

وفي المقابل، اعتبر المحلل السياسي قاسم قصير، في حديث للأناضول. أنه لا مؤشرات حاسمة بشأن ما ستشهده جلسة الثلاثاء، مشيرا إلى أن “حزب الله، عبر أمينه العام نعيم قاسم، أكد أنه لن يُناقش حصرية السلاح قبل وقف إطلاق النار وبدء إعادة الإعمار”.

ورأى أن الحكومة قد تتخذ قراراً مبدئياً حول حصرية السلاح ووضع برنامج للحوار. لكن موقف الدولة الرسمي يبقى مرتبطاً بتوقف فعلي للعدوان الإسرائيلي.

وأضاف “لا نعرف حتى الآن ما إذا كان الوزراء الشيعة سيشاركون في الجلسة. لكن المعلومات تشير إلى احتمال حضورهم والمشاركة في النقاش قبل اتخاذ القرار”.

ولفت إلى أن رئيس البرلمان نبيه بري، أبلغ المبعوث الأميريكي توماس باراك، بضرورة وقف إطلاق النار قبل أي بحث سياسي أو عسكري.

ويرى قصير، أن “أي قرار حكومي لا يحظى بتوافق مع حزب الله وحركة أمل الشيعية سيكون من الصعب تنفيذه”. وأكد أن العلاقة بين الرئيس عون والحزب لا تزال جيدة وهناك تواصل مستمر. سواء مباشر أو عبر وسطاء.

وشدد قصير، على أن مضمون خطابي عون، ونعيم قاسم متقارب رغم اختلاف اللهجة. بدوره، أعلن رئيس الحكومة نواف سلام، أن الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ستستكمل مناقشة “بسط سيادة الدولة على كافة أراضيها بقواها الذاتية حصراً”، في إشارة مباشرة إلى مسألة السلاح غير الشرعي.

وفي السياق، جدد باراك، دعوته الدولة اللبنانية إلى “احتكار السلاح”، مشيرا إلى أن “مصداقية الحكومة تعتمد على تطبيق ما تعلنه من مواقف”. وكتب عبر منصة إكس “ما دام حزب الله محتفظاً بالسلاح، فلن تكفي الكلمات”.

وزار باراك، بيروت لـ4 أيام في يوليو/تموز المنصرم، وتسلم خلالها من عون. الرد الرسمي على المقترح الأميركي المتعلق بسلاح الحزب وانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني.

والأربعاء أعلن قاسم أن “الجماعة لن تسلم سلاحها من أجل إسرائيل”، معتبراً أن هذه المسألة شأن داخلي لبناني. وفي 4 يوليو/تموز الماضي، قال أمين عام حزب الله “على مَن يطالب المقاومة بتسليم سلاحها، المطالبة أولا برحيل إسرائيل، لا يُعقل ألا تنتقدوا الاحتلال. وتطالبوا فقط من يقاومه بالتخلي عن سلاحه”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى