خوفا من الإنقلاب.. روسيا توسع نفوذها في بوركينا فاسو عبر حماية رئيسها
يسعى إبراهيم تراوري الرئيس الانتقالي الحالي للسلطة في بوركينا فاسو إلى تأمين نظامه عبر حلفائه الروس، لمواجهة خطر الانقلابات العسكرية الممكنة في البلاد، والتي كانت أولى محاولاتها قبل شهرين، وهو ما يشكل مدخلا واسعا لموسكو لمد نفوذها في المنطقة.
وذكرت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، أن الأوضاع في بوركينا فاسو لا تبدو مطمئنة على الأقل بالنسبة إلى تراوري، الذي أصبح منذ محاولة انقلاب استهدفته في نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي، شديد الحذر من خطر محاولة جديدة لإزاحته من السلطة، فلجأ إلى موسكو التي أرسلت له عددًا من الجنود، لتأمين أولى عمليات الحماية وذلك بقطع جهاز الإرسال والاستقبال الخاص به حتى لا يمكن تعقبه من قبل مدبري الانقلاب.
وأصبحت الرئاسة في بوركينا فاسو منذُ إحباط محاولة الانقلاب على تراوري، قلقة للغاية بشأن أمن الرئيس ومعاونيه بشكل عام، ووجدت في الحليف الروسي الحل الأمثل لتعزيز النظام العسكري بالرجال والذخيرة.
ونقلت المجلة عن مصدر أمني في واغادوغو، قوله إن “هناك فريقًا صغيرًا تم تشكيله في القصر لتأمين الرئيس، بقيادة شقيقه ومستشاره الخاص إينوسا تراوري”، بدعوى أن محيط الرئاسة لا يثق بالجميع، مبينًا أن عدد قليل من الجنود الروس قاموا بزيارة الرئاسة في الأيام الأخيرة من دون أسلحة مرئية، حيث يمكن رؤيتهم في الممرات أو في الخارج.
وتأكد التحركات الروسية الأخيرة ما جاء في تقرير المجلة، حيث أفادت وكالة الأنباء البوركينية أن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، أجرى محادثات مع نظيره البوركيني، كاسوم كوليبالي. وبحث اللقاء رهانات التعاون العسكري الثنائي، واتفق الطرفان على تعزيز علاقاتهما في هذا المجال.
وسلط سيرجي الضوء على الدينامية الإيجابية للشراكة بين موسكو وواجادوجو، منوهاً إلى أن العلاقات بين البلدين تقوم على مبادئ الاحترام المتبادل ومراعاة مصالح كل طرف، كما تم التطرق إلى التعاون في المجالات التشغيلية والاقتصادية، واللوجستية والتكنولوجية والتدريبية، بحسب الوكالة الرسمية.
وتشير عدد من المصادر العسكرية في بوركينا فاسو إلى أنه صدرت تعليمات ببناء ثكنات في مدينة لومبيلا، على بعد حوالي 20 كيلومترا شمال شرق واغادوغو، قادرة على استيعاب حوالي 100 من الجنود الروس، تحسبًا لأي خطر محتمل على مصير الرئيس تراوري أو لعمليات تمرد ومحاولات انقلابية.
وأقالت السلطات في بوركينا فاسو في أكتوبر الماضي، رئيس أركان قوات الدرك بعد أسبوع من توقيف 4 ضباط، من بينهم اثنان من معاونيه المقربين، للاشتباه بتورطهم في “مؤامرة ضد أمن الدولة”.
ويتولى إيفرارد سومدا، القائد السابق للوحدات الخاصة بالدرك الوطني، منصبه منذ فبراير 2022.
ويثير تعاظم النفوذ الروسي في بوركينا فاسو وإفريقيا قلق الغرب، فيما تفقد فرنسا مواقعها في مستعمراتها السابقة فالدول التي شهدت انقلابات مثل بوركينا فاسو ومالي والنيجر توطد علاقاتها بشكل وثيق مع مجموعة فاغنر وهو يعني توسيع نفوذ روسيا العالمي. فإفريقيا تبحث عمن يتفهّمها وتريد تبادل الخبرات مع روسيا، للاستغناء تماما عن فرنسا.
ويقول متابعون أن بوركينا فاسو بأمس الحاجة إلى التعاون العسكري مع قوى كبرى مع سيطرة الجماعات المسلحة على مناطق واسعة من البلاد، وباعتبار أن السلطات لا تريد أي دور لفرنسا وبالتالي الغرب، فإن الخيار المتبقي أمامها هو روسيا.
وقالت منظمة العفو الدولية، في تقرير نشرته مؤخرا، إن ما لا يقل عن 46 منطقة محلية في بوركينا فاسو تتعرض للحصار من قبل الجماعات المسلحة، وفق ما نشره موقع “أفريكا نيوز”، المتخصص في الشؤون الأفريقية.
وأصبحت 30 بالمئة من أراضي بوركينا فاسو خارج سيطرة السلطات المركزية، وفي هذه المناطق ينشط تأثير هذه الجماعات المسلحة.
وقال التقرير “يمكننا أن نرى على سبيل المثال، تأثير هذا الحصار على السكان، كما هو الحال في منطقة باما”. وأفاد عثمان ديالو، الباحث في شؤون غرب أفريقيا ووسط أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “عدد سكان هذه البلدة انخفض بشكل حاد، إذ انتقل من 20 ألف نسمة قبل الحصار إلى ما يقرب من 5 آلاف نسمة”.
وفي هذه المناطق، تعمل نقاط التفتيش والعبوات الناسفة المزروعة على الطرق على الحد من حركة المرور، بينما تستهدف الهجمات العرضية المدنيين والجنود.
وأضاف: “أخبرنا أشخاص، من جيبو على سبيل المثال، أن سوق المنطقة، التي كانت من أشهر وأهم أسواق الماشية في غرب أفريقيا، أصبحت ميتة تمامًا. لم تعد هناك منتجات، ولا يوجد شيء يمكن شراؤه أو بيعه.. لا يوجد شيء للبيع. وحتى لو كان لدى أحد سكان جيبو المال، فمن الصعب للغاية شراء المواد الغذائية، لأن السوق يفتقد تمامًا للتزويد”.
وتقول منظمة العفو الدولية أيضًا إنها جمعت معلومات عن حالات اختطاف النساء على يد الجماعات المسلحة في المناطق المحاصرة.