دراسة: تورط التنظيم الإخواني في التحريض على الكراهية في فرنسا
تمدد إخواني واختراق تركي لفرنسا حذرت منهما دراسة أوروبية حديثة أشارت لـ”أدلة ملموسة” على تورط “لوبي الإرهاب” في نشر الفكر المتطرف.
دراسة أكدت أن السلطات الفرنسية تمتلك “أدلة ملموسة على تورط التنظيم الإخواني في التحريض على الكراهية، ونشر الفكر المتطرف بأوساط الجاليات المسلمة بفرنسا تحت مظلة الجمعيات والعمل الخيري ومنظمات الإغاثة”.
وقالت الدراسة، التي أصدرها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب (مستقل)، وينشرها السبت المقبل، إن “فرنسا تواجه معضلة التمدد الإخواني على أراضيها، والاختراق التركي أيضا الذي يقيم علاقاته الوثيقة مع التنظيم، ويعمل على دعم البنية القاعدية الممثلة في الجمعيات والمساجد والمراكز الثقافية”.
وفي هذا الصدد، أوضحت الدراسة التي حملت عنوان “الإخوان المسلمون في فرنسا.. تشكيل اللوبيات ووسائل العمل” أن “فرنسا ليس لديها مشكلة مع الإسلام والمسلمين المقيمين منذ سنوات طويلة على أراضيها، لكن مشكلتها الكبيرة مع الإسلام السياسي الذي تقود دفته الأولى جماعة الإخوان، حيث تحاول فرض أفكارها على حساب قوانين الجمهورية الفرنسية”.
وأكدت أن تركيز السلطات الفرنسية على الإخوان بسبب ما تمتلكه من أدلة ملموسة على أنهم يحرضون على الكراهية ونشر الفكر المتطرف في أوساط الجاليات المسلمة بفرنسا تحت مظلة الجمعيات والعمل الخيري ومنظمات الإغاثة وما شابه.
ونوهت أن “الإخوان وجدوا في أنقرة شريكا استراتيجيا يساهم في تمويلهم ودفعهم لبلوغ غاياتهم في التمدد ليس في فرنسا فقط بل في أوروبا كلها”.
كما أبرزت الدراسة أن السلطات الفرنسية قررت الدخول في مواجهة ضد تنظيم الإخوان، عقب ما وصفته بـ”استفحال ظاهرة التمدد الإخواني على أراضيها باسم الإسلام”.
واستطردت: “لطالما لعب الإخوان دور الضحية في خطاباتهم داخل فرنسا وفي أوروبا عموما وهو ما نجحوا فعليا في تحقيقه، حيث لم تقدر باريس حجم الخطر الذي كان بانتظارها، مثلما ساهمت الكثير من الجمعيات الإسلامية والمنظمات وغيرها التي تبنت أفكار الإخوان وسياساتهم في توسيع نشاطات الأخيرة بالشكل القانوني الذي حتم على السلطات الفرنسية عدم الوقوف بوجه هذا التيار إلا بعد استفحال ظاهرة التمدد الإخواني”.
معاول خراب
الدراسة نفسها استعرضت أبرز مساجد وجمعيات الإخوان في فرنسا، وأبرزها؛ اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا أو ” مسلمو فرنسا” حاليا، وهو من ضمن أكثر الاتحادات المؤثرة في فرنسا وقد تأسس في إقليم مورت وموزيل يونيو، ويعتبر مقربا من الإخوان مع أنه يتحاشى التصريح بطلك علنا.
وتتكون المنظمة من أكثر من 250 جمعية إسلامية على كامل أراضي فرنسا وتنتمي إليها مباشرة، وتشرف كذلك على عدة مساجد بالمدن الكبرى في البلاد.
ملمح هام أشارت له دراسة المركز الأوروبي، يتمثل في تمكن الإخوان من تشكيل ما يعرف بـ”لوبي” داخل المجتمع الفرنسي، ونقلت الدراسة عن صحيفة “لوجورنال دو ديمانش” الفرنسية، وجود منظمة تركية مشبوهة تنشط في الأراضي الفرنسية، وتخضع لـتحقيق مدقق من قبل الأجهزة الأمنية الفرنسية.
كما لفتت إلى ما يسمى “الاتحاد الدولي للديمقراطيين” الذي أنشئ في 2006 ويملك فرعاً له في فرنسا، ويشرف على 7 جمعيات محلية تشكل ما أعتبرته الصحيفة “لوبي ضغط لصالح سياسات وأطروحات الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) وحزبه الإخواني (العدالة والتنمية)، وتبييض صورة تركيا في فرنسا.
ومن مهام هذا الاتحاد “الدعاية الإيديولوجية لنشر الإسلام السياسي”، وهو ما وصفته الصحيفة بـ”الخطير”.
وقالت الدراسة إن هذا الأمر يحمل إشارة واضحة للفكر الإخواني المتطرف، وتشرف عليه حركتان تركيتان وهما لجنة التنسيق للمسلمين الأتراك في فرنسا، وميلو غوروس.
ونبهت الدراسة، نقلا عن الصحيفة الفرنسية، إلى أن “ضباط المخابرات الفرنسية لاحظوا بأن الاتحاد يهدف إلى التأثير على الهيئات الرسمية للإسلام في فرنسا”.
كما لفتت إلى أن خطاب جماعة الإخوان الإعلامي يسير وفق رؤية حسن البنا مؤسس التنظيم، رغم تطوّر تكنولوجيات الاتصال وامتلاك الجماعة لعشرات المدوّنات والصفحات الإخبارية عبر الانترنت واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
لكن خطاب الإخوان ظل، رغم كل ذلك التطور التكنولوجي والمهني، مرتبطا وتابعا لخطاب التنظيم بل ومجسدا لرؤية البنا، وهو ما وصف بأحد أهم أسباب جمود الخطاب الإعلامي والدعائي وفشله لدى الجماعة الإرهابية.
رفع الستار
وفقا للدراسة، فإن المأزق الحقيقي الذي يعاني منه الإخوان وتيارات الإسلام السياسي عموما، هو مأزق فكري يتعلق بالدرجة الأولى بطبيعة خطابهم الذي يُطابق بين دعوتهم والمقاصد الإلهية ولا يرى مسافة فاصلة بين الجماعة والإسلام ولا يسمح بأي فهم أو تأويل للنصوص الدينية سوى تأويلها الخاص على مقاس أهدافهم.
وفي تعقيبه على الموضوع، قال حازم سعيد، الباحث في المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب، إن شبكة الإخوان فى أوروبا وفرنسا واسعة جدا، ومنخرطة في المجتمعات الأوروبية منذ عقود، ربما مطلع الأربعينيات من القرن الماضي.
وأضاف “سعيد”، أن “ترسانة المراكز والجمعيات والواجهات الإخوانية تحتاج إلى وقت لمواجهتها، ومراجعة رسمية لهيكلية الإخوان وعملهم والواجهات التي تنشط خلفها”.
وأشار الباحث إلى ضرورة قيام الحكومات الأوربية وأجهزتها الأمنية بالكشف عن الواجهات والمراكز التي يتخذها الإخوان ستارا يختبئون خلفه لتسهيل عملية مكافحة التنظيم”.
وشدد على أنه من الضروري أيضا الكشف عن “لوبي الإخوان” سواء في فرنسا أو أوروبا وأساليبه للتقرب والتأثير على صناع القرار.