“دول الشعارات” لا تنقذ شعوبها
من أسباب نجاح دول الخليج العربي، خاصة السعودية والإمارات، تنحية الشعارات والخطب الرنانة جانبًا، وعدم الركون إلى شعبوية لا تفيد.
فالشعوب في دول مجلس التعاون الخليجي، كما الحكومات والقيادات، لديها إيمان مطلق بأن العمل هو ما يحقق الأمل، وأن المستحيل اقتصاديا وسياسيا، من الممكن أن يصبح ممكنا، إذا كان الهدف منه هو خدمة الوطن والمواطن والمقيم.
وفي زمن التقلبات والحروب العبثية، وغياب مفهوم الدولة لمصلحة المليشيات، تعيش دول الخليج العربي في زمن إيجابي مختلف، من حيث الخدمات وتطوير البنية التحتية، وجلب الاستثمارات النافعة، وخلق الشراكات الكبرى.
وقبل أيام اختتم المنتدى العالمي الاقتصادي في “دافوس” السويسرية أعماله، على وقع مشاركة غير مسبوقة للسعودية والإمارات، الدولتين اللتين ترسمان مستقبل المنطقة، بل والإقليم، بكثير من الإيجابية والعمل الدؤوب لخدمة الشعوب.
وحرص المسؤولون السعوديون كما الإماراتيون على تحقيق العديد من المكاسب، ليس في مجال الطاقة والنفط والغاز فحسب، بل من خلال شرح وافٍ وكافٍ ليوميات العيش الكريم في البلدين، وسبل تحقيق المستدامة، التي ينشدها العقلاء ويبحث عنها الذاهبون إلى المستقبل.
ولعل كلمة سابقة محفورة في ذاكرة الأجيال للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، تجيب عن كل هذه التساؤلات، حين قال: نحن لا نفكر فقط بمستقبل أبناء الإماراتيين، بل نعمل من أجل حياة أفضل لأحفادهم كذلك.
والفارق كبير بين من يسخّر وقته وجهده كحاكم لإسعاد المحكوم، وبين دول منهارة، أو تكاد، نتيجة تفشي الفساد وعدم قدرة الدولة على لجْم الخارجين عن القانون، فضلاً عن حيازة جماعات متطرقة لسلاح غير شرعي في دول كان يضرب بها المثل عربياً مثل لبنان واليمن.
وما اتفاقية الشراكة الصناعية التكاملية بين الإمارات والأردن ومصر إلا دليل جديد على تجسيد حقيقي لإيمان الإمارات -كدولة محورية- بالعمل العربي المشترك، بل زيادة على ذلك الانطلاق من خلال هكذا تكامل إلى آفاق أوسع من التعاون بين العرب في مختلف المجالات.
ولعل تضافر جهود الدول الثلاث هو ثمرة مقومات وإمكانيات كبرى يمتلكها العرب، حخاصة في دول الخليج العربي، كي يكون لهذا الأمر العظيم انعكاسات إيجابية على مجمل أوضاع دول المنطقة وتنميتها.
فدول الخليج العربي تؤمن بأن العمل الجماعي والشراكات الاقتصادية هي الطريق الأفضل لتعزيز استقرار وازدهار المنطقة ورفاه شعوبها، فعبر التكامل والتعاون الإقليمي البناء والمُجدْول زمنيا، سيواجه العرب التحديات والمتغيرات الدولية، بل وسيضمنون عدم تأثر دولهم بالأزمات العالمية، خاصة المرتبطة منها بالأمن الغذائي وتحديات سلاسل التوريد في العالم.
وبودي هنا أن أُشَبِّه نسق الشعارات الفارغة في بعض دول المنطقة، بناطحة سحاب بُنيت بأساس مهترئ، فالبلدان التي يمارس بها الشعاراتيون تأثيرًا هي دول فاشلة ترزح كما هو معلوم تحت وطأة النزاعات والفساد والمعاناة الاقتصادية بدرجات مختلفة.
وليس للوجود الشعاراتي والعنترياتي في المنطقة أي قيمة إنقاذية تُذكر للمجتمعات، وإن أكثر المعجبين بـ”محور الشعارات” هم أولئك الذين لا يعيشون في ظله ويبحثون عن فرصة عمل في دول الخليج العربي.
ولن أكون مبالغًا لو قلت بالفم الملآن لبعض العرب الذين يقرون بفشل ما آلت إليه أمورهم نتيجة اللهث وراء سراب العواطف: لا تركنوا إلى الشعارات، وتعلموا من السعودية والإمارات!